الفصل الأول

17.2K 290 4
                                    

"ممنوع النشر في أي مكان دون إعلامي بالأمر لحفظ الحقوق"

*عَلَى حافةِ الطُوفانِ*
-الفصل الأول-

_أشرقت تلك الشمس بنورها الخلاب على أركان المدينة ؛مُعلنة عن صباح يوم جديد تنحسر به شتى الأشياء ..
وبالتحديد في عروس البحر المتوسط الإسكندرية في منطقة "الكينج" وفي ذلك البيت الكبير تُزعج تلك الشمس غرفة شخص ما وفق إزاحة ستائر تلك الغرفة !
أخذت تفرك عينها بثقل كبير متذمرة لهذا الضوء المزعج الذي أفسد نومتها ، ومن ثم هتفت قائلة بنبرة ناعسة منزعجة :
-أوووف ، هو أنا مش قولت ميت مرة محدش يفتح الستاير دي وأنا هبقى أصحى لوحدي !
أقبلت عليها تلك المرأة الكبيرة في العمر وهي مبتسمة بعفوية ومن ثم قالت:
-ما لو هنسيبك كده يبقى مش هتصحي !
لم تقل حالتها المنزعجة بل زادت أكثر وهي تقول متأففة بشدة:
-دادة عزيزة أنا حرة ، أصحى وقت ما أحب مش كل شوية هقولك الكلام ده !
ومن ثم استندت على السرير حتى أتت لها "عزيزة" ولم تبالي بذلك الحديث حاملة كوبًا من عصير البرتقال المفضل لتلك الفتاة ومن ثم أعطتها لها بتهذيب وقالت:
-صباح الخير يا دُرة هانم ، اشربي يلا العصير بتاعك !
أخذت منها "دُرة" العصير وهي حانقة ونظرت لها شزرًا ومن ثم قالت وهي ترتشف من ذلك العصير:
-أنا عارفة إني مش هخلص منك انهاردة  صباح النور يا ستي !
ابتسمت لها "عزيزة" ومن ثم ربتت على شعرها بحنان وقالت:
-ما أنتِ عارفة أوامر البيت ده وغير كده هتتأخري على الكلية مش معقول تغيبي منها كل شوية يلا خلصي العصير وخدي الشاور بتاعك !
لم ترد عليها "دُرة" بل ظلت متذمرة ولكنها تكنُّ للدادة "عزيزة" معزة خاصة، لذلك هي إلى حد ما تتقبلها بعكس جميع الأشخاص حولها !
أنهت عصيرها المفضل ومن ثم قامت بكسل شديد لينسدل شعرها الأسود الطويل على ظهرها واتجهت إلى المرحاض حتى تُهيئ نفسها بأحسن صورة !
.....................................
في أسفل تلك الغرفة أصبحت سفرة الطعام جاهزة بما لذ وطاب من طعام الفطور من قبل خادمات المنزل وأقبلت تلك السيدة بسطوتها البادية عليها وملامحها الجامدة ونظرت كعادتها إلى سفرة الطعام لترى إن كان شيئًا ناقصًا أم لا، والخادمات منتظرين أوامرها !
أومأت برأسها راضية وقالت بنبرة جامدة:
-صبوا الشاي وبعد كده كل واحدة تشوف وراها إيه !
أقبلن يفعلن ما أمرته تلك السيدة في صمت شديد ومن ثم ترأست الطاولة بشموخ وبعد قليل جلس ذلك الرجل الوقور     مقابلًا لتلك السيدة وهتف مبتسمًا بسخرية:
-شكلك صاحية من بدري يا سوزان !
تذمرت "سوزان" بشدة ومن ثم قالت وهي تكز على أسنانها بحروفها :
-حاتم ! بلاش سوزان دي قولتلك تقولي سوزي راعي شكلي كويس ها !
قهقه "حاتم" عليها ومن ثم هتف بنبرة ساخرة وهو يبلع تلك القطعة من الخبز:
-إحنا آسفين والله مكنتش أعرف إني أزعجتك كده يا ..يا سوزي !
مطت "سوزان" شفتيها  ولم تعلق عليه وهي ترفع خصلة من شعرها المصبغ بالأشقر الغامق فبرغم من عمرها الكبير إلى أن هذا الشيء لا يغير من جمالها الذي اعتادت عليه طيلة حياتها !
التفت "حاتم" نحو الجهة الأخرى ليجد "دُرة" مقبلة عليهم وهي ترتدي تلك التنورة القصيرة ومن فوقها كنزة زهرية ومساحيق التجميل على وجهها لتبرز جمالها ، حتى جلست على الطاولة ولم تنظر لأحد منهم ومن ثم قالت:
-هاي !
تعجب "حاتم" من وجودها هنا وقال غير مصدقًا:
-مش مصدق بصراحة إنك قاعدة معانا !
نظرت لها "سوزان مبتسمة لمظهرها  وهي ترتشف من كوب الشاي الأخضر المفضل لها ومن ثم هتفت:
-البركة في عزيزة اللي بتخليها تحن علينا وتعرف إن ليها أم ولا إيه ؟
هتفت "دُرة" بنبرة استهزائيه :
-سوري يا مامي أنتِ عارفة إني مش بحب الأجواء بتاعتك دي وبحب أعيش زي ما أنا عايزة أوكي ؟
هزت "سوزان" رأسها ومن ثم قالت غير مكترثة:
-أنتِ حرة المهم تبقى مبسوطة !
تنهد "حاتم" ومن ثم قال وهو يعطيها من صحن المربى التي تعشقه :
-بس ده ما يمنعش إنك تكوني معانا أكتر من كده ولا إيه رأيك ؟
أخذت منه "دُرة" المربى بتلهف ومن ثم قالت بابتسامة متكلفة :
-شور يا خالو ربنا يسهل بقى !
علم "حاتم" أنه يتحدث بدون جدوى فهو يعلم ابنة أخته جيدًا من تربية أخته لها فعلم أن النتيجة ستكون بهذا الشكل !
أنهت "دُرة" طعامها ومن ثم قامت وهي تعدل من نفسها وتتأكد بأنها بأحلى مظهر ومن ثم قالت دون أن تنظر لهم :
-يلا باي عايزة ألحق أشوف صحابي !

على حافة الطوفان.. للكاتبة دينا عادل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن