*عَلَى حافةِ الطُوفان*
-الفصل الثاني عشر-
_فتحت "دُرة" عينها ببطء وهي تشعر براحة غريبة وابتسامة بسيطة على ثغرها ، فالأول مرة تشعر بشيء من الأمان ، نظرت جانبها لتجد يدي "بلال" تحاوطها بشدة لتبث لها هذا الشعور من جديد .
ظهرت ابتسامة صغيرة وهي تتأمله وتنهدت مفكرة كيف شعرت بتلك الراحة والأمان معه ؟
لكنها شردت في خطتها أليس يجب أن تنتقم منه ومنهم جميعًا من تسببه في آذيتها ! . ، لكنها لم تجد من "بلال" أي شيء يوحي بالأذية ، فقد عاملها بلطف واحترم رغبتها وحاول مساعدتها فلماذا إذًا تنتقم ؟
أفاقت من شرودها عندما وجدت "بلال" يتملل في الفراش ويقبل على الاستيقاظ ، مثلت "دُرة" النوم حتى لا تشعره بالإحراج أو تضطر للحديث معه فيتهرب منها بسبب ما حدث منذ قليل .فتح "بلال" عينه بتثاقل وقد شعر أن وقتًا طويلًا قد مر عليه ، نظر جانبه ليجد "دُرة" بأحضانه نائمة ، التفت بعيدًا وهو يتذكر ما فعله ، اضطرب قلبه فهي زوجته ومن حقه ما فعله ليس خطئًا ولكن هل من الأساس كان ذلك هدفه ؟
شرد "بلال" وسرح بعيدًا ف "دُرة" ليست الفتاة التي كان يتمناها أن تصبح زوجةً له ، ولكن يشعر منذ الوهلة الأولى التي رآها فيها أنها تعاني من كل ما مرت به فما ذنبها إذًا ؟
تنهد وهو يزيح يده ببطء حتى لا يوقظها نظر إلى الساعة فشهق بفزع وقال:
-الظهر هيأذن يا دوب ألحق الصلاة في الجامع !
على آثر صوته فتحت "دُرة" عينها فرآها وتوقف لبرهة ينظر لها ويرى تعبيرات ملامحها الهادئة ونظرات التي توحي بالصفاء فسمعها تهتف وهي تقول:
-آآ هتلحق أكيد مش الجامع جنب البيت ؟
كيف علمت فهي لا تهتم بتلك البناية ولا بأي شيء حولها ،سألها وهو يمط شفتيه بقليل من الحيرة قائلًا:
-أنتِ عارفة مكان المسجد ؟
هزت برأسها وقالت مخمنة:
-أنا بسمع صوت الآذان من هنا ويبقى صوته عالي فأكيد جنبنا .
هز برأسه ومن ثم ارتسمت على ثره ابتسامة صغيرة وأومأ برأسه ومن ثم تحرك من على السرير ذاهبًا إلى المرحاض كي يتوضأ ويغتسل وقال:
-يا دوب ألحق .
شعرت "دُرة" ببعض الارتباك كما شعرت به مرتبك وخجل ، بطبع هو لا يفكر بها كزوجة له ، فهو له مهمة أن يحميها فقط لكنه لن يتمناها أبدًا ، وهي أيضًا من المفترض أنها تبغضه كيف الآن تفكر بذلك
تأففت بضيق وهي تزيح الغطاء وتقوم لكي تأخذ حمامًا دافئًا فهي الآن ليست متريثة لأفعالها !
.........................................
قرر "بلال" أن يصلي استخارة بعد صلاة الظهر ؛حتى يلملم أفكاره ويقرر ماذا يفعل ربما قد شعر بتلك المشاعر ولكن أي مشاعر فحظه من السماء أن يحب ولا يأخذ ذنبًا على ذلك فهي زوجته ، ولكن الأمر يحتاج إلى تفكير وتفكير طويل .
بدء يصلي وعينه تدمع وهو يدعو الله أن يرزقه الخير والأصلح ....
...............................................................
استيقظت "سارة" وهي تتأكد من أن "ماجد" مازال نائمًا ابتسمت بخبث وهي تطالعه بسخرية شديدة ، تسحبت على أطراف أصابعها ومن ثم ذهبت إلى التسريحة كي تأخذ تلك الكاميرا الصغيرة وهي تبتسم بلؤم وتضعها في حقيبتها سريعًا ومن ثم تعاود النوم وهي تهمس ل "ماجد":
-معلش بقى يا حبيبي بس جي الوقت اللي تبعد فيه عن الهانم دي !
............................................................
عاد "بلال" من الصلاة وقلبه مرتاح البال ومن ثم وجد "دُرة" قد أعدت الفطور فابتسم لها وبادلته هي ذلك واقتربت منه وهي تقول بعد صراع وتردد كبير:
-ينفع تعلمني أصلي إزاي ؟
اتسعت عينا "بلال" وهو يقول:
-إيه ؟
تردد أكثر وهي تقول بخنقة:
-إيه هو أنا مش من حقي أعمل كده ولا إيه ، ولا أنتَ شايفني شخص وحش وخلاص ومينفعش يكون غير كده ؟
صدمة "بلال" كانت من فرحته بما قالته وليس بهذا الهراء الذي تقوله ، اقترب منها وأمسك يدها وهو يقول بنبرة فرحة:
-أكيد لاء ، أنا بس فرحان ومش مصدق إنك قولتي كده !
نظرت له بحاجب مرفوع وهي تشير له قائلة:
-طب ها هتعلمني ولا لاء ؟
ابتسم لها وهو يقبَّل رأسها وقال:
-تعالي ، الأول لازم نتوضى !
ذهبت معه كالمغيبة وكأنه طوق النجاة بعد كل تلك الذنوب التي مرت بها !
.............................................
-يعني هتقدر تعمل الحركة دي ولا أشوف غيرك ؟
هتفت "سارة" بها وهي تكلم ذلك الشاب في محله فأكد لها وقال:
-عيب عليكي ده أنا عماد سنيورة يعني الفوتوشوب ده لعبتي .
هزت رأسها ببرود شديد ومن ثم أعطته رزمة من المال وقالت:
-طيب ودي نص الفلوس ولما أشوف الشغل ويعجبني وهديك زيهم مرتين بس شد حيلك .
أخذ "سنيورة" المال بلهفة وقال وهو يغمز لها:
-ده أنتِ هتشوفي شغل عالي أوي !
ابتسمت "سارة" بمكر ومن ثم جذبته من ياقة قميصه وهي تقول بتحذير:
-اسمع أنتَ عارفني كويس لو فكرت تلعب في الفديو ده عليا صدقني ما هرحمك وأنتَ مجرب .
ابتسم لها ابتسامة صفراء وهو يقول بارتباك :
-متقلقيش يا أستاذة كله أمان !
تركته وهي تنظر له نظرات نارية ومن داخلها تقول:
-قربت أوي !
..............................................
مر شهر آخر تبدلت فيه جميع الأحوال تغيرت "دُرة" بالكامل ،وشعورها بتلك المشاعر لدى "بلال" ولكنها لم تقول شيئًا له أو تظهر له " ومن وقتها لم يقترب منها "بلال" فبعد ما جرى شعرت والدته أنه بدأ يحب تلك الفتاة الغريبة فحذرته منها وأن يترك تلك المسألة لوالدها يكفيه هذا الوقت الذي ضيعه ...
أيضًا حاول "فاروق" أن يخبر "بلال" بمقابلة ابنته لكن "بلال" كان يتهرب ويرفض ويتحجج بأن هذا ليس الوقت المناسب فهو خائف من تلك المواجهة ويريد أن يمهل فرصة "لدُرة" كي تتقبل وتسامح والدها ، وربما أيضًا شعوره بالخوف من أن تتركه وتطلب الطلاق !
وتفكير "سارة" هو التخطيط فبعد وقت قليل ستعلن ضربتها القوية وتجعل كل ما بُنِي ينهار بلمح البصر فقط لإرضاء نفسها !
أنت تقرأ
على حافة الطوفان.. للكاتبة دينا عادل
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة _ها هي الدنُيا من حَولي تُعطيني كُلَ شيءٍ ، وأنا من حَولِها ملكةٌ تَأمرُ وتَأخذُ عُقدان من الزهورِ يلتفُ حولي؛ ليخبرَني أنَّ كُلَ الأهميةِ هي دُنيتي ولكن....! ماذا عن قَدمي التي تلجلجتْ وتعثرت في مَشيتها وكادت تسقطُ لتغ...