الفصل الحادي عشر

4.8K 163 4
                                    

*عَلَى حافةِ الطُوفانِ*

-الفصل الحادي عشر-

_نظر "بلال" إلى ارتباكها بعدما نطقت تلك الجملة ، لم يتوقع أبدًا أن تطلب منه أن يبيت هنا ولماذا هذا الوقت بالتحديد ؟
التفت لها وقابل عينها المرتبكة ومن ثم هتف متسائلًا ومعالم الحيرة بادية على وجهه:
-ليه ؟
ابتلعت "دُرة" ريقها وقالت معللة له وهي تحاول الهروب من نظراته المتفحصة:
-يعني هو أصل ...، أصل أنا بخاف من إني أنام لوحدي وبحس بوحدة وأنتَ مش موجود ،وبعدين في أوضة تانية المهم بس تكون موجود هنا .
هز "بلال" رأسه وهو يمسح على طرف ذقنه وابتسم لها وقال:
-مفيش مشكلة .
ابتسمت بنعومة فنظر أسفل وهو يبلل شفتيه آثر جفافها ومن ثم خلع جاكتيه وأخرج هاتفه كي يتصل بوالدته ويخبرها بشأن مبيته .
...............................................
كانت والدة "بلال" تقف في الشرفة وتنتظر ابنها ككل يوم ،فمنذ تلك الزيجة وهي تخاف عليه بشدة من التورط مع فتاة كهذه لا تناسبه بالمرة !

زاد قلقها أكثر عندما تأخر عليها فهتفت منادية "أسيل":
-يا أسيل ما ترني على أخوكي شوفي اتأخر ليه ؟
أتت لها "أسيل" وهي تحمل الهاتف وتقول:
-أهو هو بيتصل هرد عليه .
نظرت والدتها بترقب بينما أجابت "أسيل" قائلة:
-السلام عليكم أيوة يا بلال .
أجابها "بلال" على الطرف الآخر بشيء من الهدوء وهو يقول:
-وعليكم السلام يا حبيبتي ، أمي نامت ولا صاحية ؟
هتفت "أسيل" وهي تنظر لوالدتها قائلة:
-لاء هي صاحية ، دي حتى مستنياك على البلكونة .
شعر "بلال" ببعض التأنيب فربما ، والدته لن تتقبل مبيته هنا ، ولكن ربما تراعي الوضع .
تابع "بلال" وهو يزفر أنفاسه:
-طب إديهالي أكلمها .
هزت "أسيل" برأسها ومن ثم أعطتها الهاتف وهي تقول:
-هو عايزك يا ماما .
تنهدت والدته وهي تحادث ابنها وتشعر أن هناك خطب :
-السلام عليكم يا بني أنتَ فين كل ده ؟
ذهب "بلال" إلى الشرفة ومن ثم هتف بنبرة حانية:
-وعليكم السلام يا أمي ، أنا لسه في البيت .
لم ترتاح والدته وهتفت متسائلة بحيرة:
-في حاجة حصلت يا بلال ؟
أجابها "بلال" وهو يحاول أن يشرح لها قائلًا:
-لاء ، بس أنا كنت عايز أطمنك عليا وأقولك إني مش راجع البيت انهاردة وهبات هنا الليلة دي وبكرة هجيلك وأفهمك .
قتم وجه والدته ومن ثم قالت ودمعة بسيطة فرت من عينها:
-خير يا بلال في مشكلة عندك ؟
أجابها نافيًا وقد شعر بها وقال بحنان:
لا يا حبيبتي كله تمام بس عشان هي لوحدها فمش عايز أسيبها وأنا بكرة من الصبح هجيلك .
هزت رأسها وقالت متنهدة بنبرة حزينة:
-طيب يابني خلي بالك على نفسك .
ابتسم ابتسامة بسيطة وهو يقول:
-متقلقيش ادعيلي بس .
نظرت والدته إلى السماء وقال بنبرة راجية:
-ربنا يبعد عنك كل أذى يا بني .
أغلق معها "بلال" وهو يطمئنها بأن كل شيء على ما يرام ، أما من داخله فقد أصبح مشتتًا ، فكيف يضطرب عندما يراها وهي بعيدة تمامًا عن خالقها ، يعلم أنها ليس عليها كل الذنب ، ولكن على الأقل لتجاهد في ذلك.
شرد بعيدًا ومن ثم دعا ربه وقال:
-يا رب أخرجني من الظلمات إلى النور .
سمعته "دُرة" وهي تبتسم بسخرية شديدة ولكن عندما سمعته يدعو ربه زالت تلك الابتسامة وحل مكانها الهدوء ، حتى وجدته يدلف فقالت متسائلة:
-أنا عملتلك مشكلة ؟
اقترب منها ونظر إلى عينها يتفحصها جيدًا ومن ثم تنهد وقال مبتسمًا:
-لاء أبدًا ، اطمني .
هزت برأسها ومن ثم اتجهت نحو غرفتها وقالت:
-تصبح على خير .
هز رأسه وقال:
-وأنتِ من أهل الخير يا رب 

على حافة الطوفان.. للكاتبة دينا عادل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن