*عَلَى حَافةِ الطُوفانِ*
-الفصل الرابع-
_اشتعلت شعلة الغضب بأعين "فاروق" فور أن فتح الباب لتظهر أمامه ابنته متعجبة وهي تهتف ناظرة له :
-نعم ؟
لم ينتظر "فاروق" كثيرًا بل كان غضبه طاغيًا عليه فأمسك ذراعها بقوة شديدة ومن ثم قبض على شعرها وسط صراخها وهو يهتف بها صائحًا:
-وااااطية ، جيالي مع واحد بالعربية وكمان مش عاملة حساب له وعمالة تسمحيله يقربلك يا سافلة !
ومن ثم صفعها صفعة قوية وقعت خلالها على قدمها المُجبسة لتتألم بشدة وكاد أن ينقض عليها مجددًا لولا منع "عزيزة" التي تدخلت على الفور تمنعه:
-كفاية يا بيه عشان خاطري هتروح من إيدك !
هتف "فاروق" غير مباليًا:
-خليها تروح وتريحني خليني أخلص من قرفها !
نظرت له "دُرة" نظرات نارية غاضبة وهي تتألم مما فعله بها غير مصدقة أن هذا والدها !
تنهدت "عزيزة" وهي تمنع "فاروق" من بطشه على ابنته وهي تقول بحزم:
-مش ده اللي اتفقنا عليه يا فاروق باشا أنتَ كده بتهدم مش بتبني مهما شوفت عليها من غلط مكنتش دي الطريقة وأنا ملجأتش ليك إلا عشان أنا متأكدة إنك هتصلح اللي باظ من العكس لكن الواضح إني كنت غلطانة !
أوقفت "عزيزة" "دُرة" وهي تنظر لها برجاء أن تستجب لها ، حتى أثارت "دُرة" الصمت ووقفت معها وهي تنظر نحو أبيها بكل غل وحقد !
أصبح وجهها منتفخًا من إثر ضرباته وأخذت تعرج بغيظ وهي تستند على "عزيزة" ، بينما وقف "فاروق" مدهوشًا مما قالته "عزيزة" فهو لم يتوقع هذا الرد ، لكنه أيضًا شعر أنه لابد من تأديب انبته حتى تتعلم الخطأ ولكن للأسف الشديد هي تعند أكثر وأكثر ولم يتحسن الوضع بالمرة !
جلس "فاروق" شاردًا وقد زفر بضيق وهو يقول:
-يعني أسيبها تروح لده وتيجي مع ده من غير حدود ومتكلمش !
.........................................
وضعت "عزيزة" كمدات دافئة على وجه "دُرة" ، و "دُرة" صامتة تمامًا فقط قاطبة جبينها !
نظرت لها "عزيزة" بتنهيدة مرهقة وقالت:
-أنا اتصلت بالدكتور عشان نطمن على رجلك !
نظرت لها "دُرة" بسخافة شديدة و أزاحت يدها "عزيزة" من على وجهها وهي تنظر لها بحدة:
-بتتفقى بقى عليا أنتِ وهو عشان تخلصوا مني زي ما خلَّص قبل كد على آآآ...
قاطعتها "عزيزة" بإشارة من يدها وهي تضيف بحسم:
-بلاش الكلام ده أنا كذا مرة أقولك أنه مش صحيح ، وبعدين كان لازم أبوكي يكون معاكي وهو مكنش يعرف مكانك فين بسبب سوزان هانم حطي الكلام ده في عقلك !
نظرت لها غير مصدقة بينما أكملت "عزيزة" مؤكدة:
-أنتِ لازم تبقى عارفة أنا بخاف عليكي زي بنتي بظبط ومعزتك عندي كبيرة يا بنتي بس دي مش حياة اللي بتعيشها دي ولازم تفوقي لنفسك قبل فوات الأوان !
تنهدت "دُرة" وهي توليها رأسها وتقول بِجد:
-سبيني لوحدي من فضلك مش عايزة أسمع حاجة لا منك ولا منه !
تركتها "عزيزة" بقلة حيلة ومن ثم قالت :
-ماشي ، أول ما يجي الدكتور هجيبه وأجي وبعدين أسيبك ترتاحي يا بنتي !
تركتها "عزيزة" كي تنتظرَ الطبيب بينما شردت "دُرة" بعيدًا بعيدًا جدًا !
..............................................
وبعد مرور بعض الوقت نزلت "عزيزة" برفقة الطبيب وأوصلته وشكرته ومن ثم أوقفها "فاروق" وهو يتساءل :
-طمنيني ؟
نظرت له "عزيزة" بشيء من اللوم وقالت:
-لولا ستر ربنا كنا هنضطر نعملها عملية بس الحمدلله عدت على الخير والدكتور خيطلها الجبس تاني وشدد إننا ناخد حظرنا وقال متنزلش من السرير خالص
هتف "فاروق" وهو يؤكد عليها :
-هي مش هتخرج من البيت ده أصلًا!
اقتربت منه "عزيزة" وتنهدت وهي تقول:
-حضرتك عارف إني مش دي الطريقة اللي كان المفروض نتعامل بيها ، حضرتك بتخليها تعند أكتر !
زفر "فاروق" أنفاسه بقلة حيلة ومن ثم هتف :
-عزيزة الطريقة بتاعتها دي هي اللي وصلتني لكده أنا عمري ما كنت أتصور ألاقيها كده وبعدين أنتِ كنتي فين ها ؟ أنتِ أكتر واحدة كنتي شاهدة على ظروفي مكلمتنيش ليه تقوليلي الحق بنتي لما لقيتها بتضيع وكمان ازاي محاولتيش تساعدي وتتصرفي معاها !
زفرت "عزيزة" أنفاسها وهي تقترب منه تقول مفسرة:
-الست هانم هي اللي أمرتني إني متواصلش معاك وإلا هتطردني وتأذي عيالي وإحنا ناس غلابه يا بيه ، وأنا حاولت إني أخلي بالي منها وأحاول اصحح كل حاجة بشوفها غلط ، لكن الست هانم كانت دايمًا تتعارك معايا وتنفذ اللي هي عاوزاه ، وحضرتك بتستخدم معاها العنف على أساس إنها كده هتفهم ومتعملش كده تاني ، أنا مبقولش إنها صح ، لكن مش دي الطريقة اللي نصلحها بيها !
حاول "فاروق" تغير الموضوع بعدما شعر بالندم وقال:
-هي لسه صاحية ؟
هزت رأسها بالنفي وقالت:
-نامت ، الدكتور عطاها حقنة عشان ترتاح !
نظر "فاروق" إلى الفراغ ليفكر بشرود بما يجب أن يفعله !
..................................................
عادت "رنيم" إلى منزها لتجد والديها يجلسان على طاولة السفرة يتناولان طعام الغذاء فقالت لها والدتها مبتسمة:
-هاي يا قلبي اتبطسي !
أومأ "رنيم" رأسها وقالت وهي تتجه لغرفتها :
-أيوة واتغديت كمان أنا طالعة أرتاح !
هزت والدتها برأسها بينما تحدث والدها وقال:
-ابقى شدي شوية عليها أنا ملاحظ إنك مش عاملة كنترول !
تأففت وقالت بضجر:
-سيبها تعيش سنها ولما تتجوز يبقى جوزها يتصرف معاها !
تنهد وقالت وهو يمضغ تلك اللقمة:
-أنتِ حرة !
وكأن الزوج هو من لديه السلطة لتربيتها والوالدان مجرد منظر لا حاجة لهما ، ويلٌ لهذا الزمن !
..................................................................
جلست "رنيم" على فراشها وهي تفكر وقلبها يدق بسرعة عندما تتذكر "أحمد" ، لقد وقعت في حبه منذ أن تعرفت عليه لكنه يعتبرها صديقة غالية لا أكثر ، لم يحاول أن يلفت انتباها بأي شيء آخر !
تنهدت وهي تمسك بالهاتف لتتصل عليه ودق قلبها عندما سمعت صوته يقول:
-إيه يا بنتي لحقت أوحشك لسه سايبك من نص ساعة !
ابتسمت "رنيم" وودت لو قالت بالفعل أنها تشتاق له ولكن ليس الآن وقت هذا الحديث فأردفت وقالت:
-بطل غلاسة فاضي ولا بتذاكر كالعادة ؟
قهقه "أحمد" بخفة وقال :
-قاعد قدام الكتب منظر بس لكن أكيد فاضي ليكي خير !
كانت "رنيم" تتلكلك للحديث معه فهتفت قائلة :
-أنتَ واخد بالك من علاقة ماجد ودُرة أنا عايزة أعرف هو ناوي على إيه ؟
تعجب "أحمد" من هذا الحديث فهذا الشيء لا يعنيه ولكنه قال:
-عادي ده ماجد وبيحب اللعب كتير بس متقلقيش دُرة مش سهلة بردو
-أيوة بس أنا خايفة عليها إحنا لازم ناخد بالنا !
رفع "أحمد" إحدى حاجبيه وقال:
-هو ده يعني اللي عاوزة تتكلمي فيه
ابتلعت "رنيم" ريقها وقالت سريعًا:
-ايه يا عم مالك غلطانة يعني إني اتصلت ، سلام !
وأغلقت سريعًا وهي تلعن حظها وقالت بضيق:
-امتى هتحس يا مستفز !
...
بينما على الجانب الآخر ضيق "أحمد" عينه بحيرة وقال:
-مالها دي ، مجنونة ولا إيه !
ومن ثم لم يشغل باله وعاد لما كان يفعله غير مكترث بالأمر !
...............................................................
دلفت والدة "بلال" غرفته لتجد يقرأ من المصحف الكريم فابتسمت بعذوبة وجلست أمامه فنظر لها وصَّدق قائلًا:
-صدق الله العظيم
أغلق المصحف ومن ثم ابتسم لوالدته وقال:
-خير يا أمي محتاجة حاجة ؟
ربتت "والدته" على كتفه وهي تقول بحنان:
-تسلم يا حبيبي !
ومن ثم تابعت بنبرة فرحة :
أنا حددت ميعاد مع خالتك سماح عشان نشوف بنتها إن شاء الله وربنا يقدملك اللي فيه الخير يا حبيبي !
تنهد "بلال" ولم تبدوا عليه الفرحة كاملة ولكن قرر أن يرضي أمه فبالأخير هو يريد واحدة ذات أخلاق كبيرة تصونه وتحفظه !
ابتسم "بلال" وقَبَّل يده أمه وقال:
-اللي تشوفيه يا أمي وربنا يقدم الخير !
وقفت والدته مرتاحة ومن ثم قالت :
-طب يلا قوم بقى عشان نتغدى !
هز برأسه وهو يسأل الله ييسر عليه الأمر !
.........................................................
استيقظت "دُرة" من نومها العميق وهي تنظر حولها بتعب ومن ثم تذكرت ما حدث معها فكزت على أسنانها بغضب وقررت رد الصاق له !
اعتدلت في فراشها وأمسكت هاتفها ومن ثم أجرت اتصالًا وانتظرت الرد بسرعة شديدة حتى قالت بعد برهة:
-أيوة يا مامي تعالي خديني حالًا!
قلقت "سوزان" وقال متسائلة:
-حصل حاجة عملك إيه المتخلف ده ؟
اصطنعت "دُرة" البكاء وقالت تشتكي له:
-ضربني وبهدلني عشان بس شاف ماجد وصلني مع إني منبهة عليه إنه ملوش دعوة بيا بس شوفتي حصل إيه ، أنا كده شوية وهيقتلني اتصرفي وتعالي !
ضيقت "سوزان" عينها بمكر وقالت:
-خليني أبلغ البوليس وياخدوا ونخلص منه !
قاطعتها "دُرة" معترضة وقالت:
-لاء مفيش داعي للكلام ده خلينا نحرق قلبه أحسن يا مامي وبعدين أنتِ سوزي وأكيد هيكون في خطة أكبر من كده نخلص بيها منه !
لمعت عيناها وقالت مؤكدة :
-صح ، خلاص يا قلبي أنا هاجي وأطربقها عليه وبكده مش هيقدر ياخدك مني تاني ، سلام يا روحي !
أغلقت "دُرة" وهي تشعر بالانتصار الشديد فمن يقدر على معارضتها !
...................................
تنهد "فاروق" من كثرة التفكير في حل لابنته حتى وجد اتصالًا من رقم غريب فتعجب وضغط لكي رد وقال :
-ألو مين ؟
جاءه صوت أبغض النساء عنده ، صوت "سوزان" وهي تهتف بغضب جامح:
-بتضرب بنتي وبتبهدلها طب والله لأوريك هعمل فيك إيه وهطبرقها فوق دماغك !
ومن ثم أغلقت بوجهه حتى صُدم "فاروق" وانفجر غاضبًا :
-أعمل إيه بس يا ربي في البنت دي !
أتت "عزيزة" على صوت صياح "فاروق" وقالت بهلع:
-خير يا بيه حصل إيه ؟
نظر لها "فاروق" بغضب شديد وقال:
-البنت المصون رايحة تشكي لأمها اللي حصل واتصلت بيا تهددني !
شهقت "عزيزة" وقالت تحذره:
-دي ممكن تيجي وتاخدها بالعافية لازم نتصرف ، دُرة لو رجعت هناك مش هتعرف ترجعها !
اضطرب "فاروق" بشدة ولم يعرف كيف يفكر فهو لن يسمح بآخذها مهما كان !
وفجأة طرقت على باله فكرة جنونية ولكن ليس لديه حل سواها !
.................................................................
جلس "ماجد" على سريره وهو ينفث دخان سيجارته شاردًا في "دُرة" وكيف سيستحوذ عليها ويجعلها تقع في فخه قهقه بشدة وقال:
-عادي زيك زي غيرك أنا محدش بيقاومني وهتجيلي بنفسك كمان !
أمسك بهاتفه واتصل بيها واصطنع تلك النبرة الحانية وهو يقول:
-وحشتيني عايز أشوفك دلوقتي !
أمسكت "دُرة" بخصلة من شعرها وقالت :
-مش دلوقتي يا ماجد بالليل هنسهر وأشوفك !
طبق "ماجد" عينه وهتف بخبث شديد وقال:
-لاء حابب أشوفك لوحدنا الأول وبعدين في كلام مهم عايز أقولهولك !
فكرت "دُرة" قليلًا وقالت:
-أوكي شوية وهقولك تيجي تاخدني يلا باي !
قال "ماجد" بهيام:
-ياي يا حبي !
ابتسم "ماجد" بانتصار وهو يتخيل ما هو قادم عندما تصبح تحت قبضته !
.................................................
انتهى "بلال" من طعام الغذاء وجلس يحتسي الشاي مع عائلته حتى قاطعه صوت رنين الهاتف ليجده "فاروق" فابتسم بعفوية ورد عليه :
-السلام عليكم ، أزيك يا عمي !
أجابه "فاروق" سريعًا بنبرة متلهفة:
-وعليكم السلام ، تقدر تجيلي دلوقتي البيت ؟
استشعر "بلال" خطب ما فهتف بنبرة قلقة وقال:
-خير يا عمي حضرتك كويس !
عجل "فاروق" معه وهو يهتف بسرعة:
-أنا كويس ، تعالى بس دلوقتي أرجوك وهفهمك كل حاجة !
تنهد "بلال" وقال موافقًا:
-لعله خير ، حاضر يا عمي هجيلك حالًا السلام عليكم !
أغلق "بلال" الهاتف متعجبًا ومن ثم وقف وقال لوالدته:
-أنا رايح للأستاذ فاروق شكله في مشكلة ربنا يسترها !
شعرت والدته بانقباض قلبها وقالت معترضة:
-ما بلاش يا بني قلبي مقبوض مش عارفة ليه .
تنهد "بلال" وحاول طمئنتها وقال ك
-لازم أروحله يا أمي ومتقلقيش خير إن شاء الله !
هتفت "أسيل" قبيل أن يذهب:
-ابقى طمنا يا بلال !
هز برأسه وقال وهو يتجه نحو الباب:
-إن شاء الله أستودعكم الله !
ومن ثم ذهب بسرعة شديدة نحو منزل "فاروق" وقد شعر أن الأمر يتعلق ابنته وسأل الله أن ييسر له الخير !
...............................
وصل "بلال" ودق الجرس حتى فتحت له "عزيزة" ونظرت له بتوجس ، بينما أشار له "فاروق" وقال:
-ادخل يا بني ادخل !
دلف "بلال" ليجد "فاروق" يجلس مع إحدى الرجال الذين يرتدون العمة والجلباب فهتف "فاروق" على الفور:
-أهو العريس جي يلا عشان نكتب الكتاب يا شيخنا !
اتسعت عين "بلال" بصدمة كبير غير مصدقًا ما سمعه الآن !
.................................................يتبع الأحد
يا ترى بلال هيعمل إيه في الموقف ده ؟
وسوزان هتتصرف ازاي ؟
وماجد هيعمل ايه بدرة ؟
توقعاتكم وعايزين تفاعل أكتر
أنت تقرأ
على حافة الطوفان.. للكاتبة دينا عادل
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة _ها هي الدنُيا من حَولي تُعطيني كُلَ شيءٍ ، وأنا من حَولِها ملكةٌ تَأمرُ وتَأخذُ عُقدان من الزهورِ يلتفُ حولي؛ ليخبرَني أنَّ كُلَ الأهميةِ هي دُنيتي ولكن....! ماذا عن قَدمي التي تلجلجتْ وتعثرت في مَشيتها وكادت تسقطُ لتغ...