الفصل الثالث عشر

4.7K 163 6
                                    

*عَلَى حافةِ الطُوفانِ*

-الفصل الثالث عشر-

_اتسعت عينا "دُرة" وهي تستمع إلى كلماته وتشعر وكأنها في عالم آخر ، هل يحبها حقًا ولكن كيف ؟
هتفت بنبرة مذبهلة غير مصدقة ما قاله:
-أنتَ فعلًا عايز كده ؟
شعر "بلال" بخوفها وترددها فأمسك بيدها يبث فيها الأمان وقال:
-أيوة أكيد عايز كده وقولتلك ، ....إني بحبك .
سحبت "دُرة" يدها بهدوء وأنزلت رأسها إلى أسفل وهي تشعر ببعض الندم على ما كنت تنوي فعله به وإهانته والانتقام منه شعرت أنها لا تستحقه بالمرة فهو دومًا كان رقيق معها ولم يفعل شيئًا يؤذيها ..
هتفت بنبرة منكسرة بعض الشيء وهي لا تنظر إلى عينه:
-أنا مستهلاكش يا بلال .

لم يتحمل "بلال" رؤية وجهها المنكسر أمسك بوجهها بيده يحاوطها وهو يطالعها بعيون مطمئنة قائلًا:
-ليه الكلام ده ، دُرة أنا حبيتك بجد وحابب نبدأ من تاني وبعدين أنتِ اتغيرتي وربنا هداكي للأحسن ليه حابة تحرمي نفسك من حياتك ؟
ومن ثم أكمل وهو يشدد على كل كلمة يقولها:
-خير الخطائين التوابون ، يعني تأكدي إنك شخص كويس جدًا ، بس المهم من ده كله أنتِ موافقة عليا ؟
نظرت له "دُرة" نظرات حانية وهزت برأسها وهي تقول :
-ازاي أرفض أكتر واحد مسبنيش وعلمني صح ؟
ضمها بشدة فتشبثت به ومن ثم هتفت بنبرة مرتعشة وكأنها تجرب هذا الإحساس لأول مرة قائلة:
-وأنا كمان بحبك .
عانقها "بلال" أكثر وهو يرسل لها كل الأمان والخير والمعاونة على ما هو قادم في حياتهم .
ابتعد عنها "بلال" وأمسك بيدها ومن ثم قبَّل رأسها وخرجا من الغرفة ليجلسا في الخارج فهتفت "دُرة" متسائلة ببعض القلق:
-طب وأهلك هيوافقوا ؟
هز برأسه وهو يقبَّل يدها قائلًا:
-هما موافقين
ابتسمت بهدوء فنظر لها يتأملها وقال:
-متخفيش من حاجة.
هزت برأسها وشردت بعض الشيء فهتف "بلال" وهو يقرأ أفكارها:
-بتفكري في والدتك صح ؟
هزت برأسها وهي تشعر ببعض الضيق وقالت :
-أنا مش عايزاها تعرف .
ابتسم "بلال" وقال وهو يملس طرف شعرها المنسدل قائلًا:
-هي كده كده عارفة اللي حصل وهتحاول ترجعك تاني بس طول ما أنتِ معايا محدش هيجي جنبك .
ومن ثم أكمل بنبرة مترددة:
-إلا لو عايزاها تعرف وتيجي ، دي حاجة ترجعلك .
فكرت "دُرة" قليلًا وقالت بنبرة حاسمة:
-لاء بلاش
هز برأسه موافقًا ومن ثم تذكر شيئًا وتساءل بنبرة فضولية:
-مش قولتي إني ليكي صاحبة كانت جتلك وقولتي هتبقى تخليها تيجي ، أعتقد إنها مجتش ولا مرة بعد كده
تنهدت "دُرة" بحيرة وقالت بلا مبالاة:
-أنا بقالي فترة بكلمها بس هي مش بترد وبعدين أنا حابة إني أبعد عن كل حاجة ليها علاقة بالماضي ممكن ؟
ابتسم بارتياح وهو يقربها له ويقول:
-طبعًا ممكن .
تنهد وهو يفكر ومن ثم قال مترقبًا ردة فعلها :
-وباباكي ؟
قتم وجه "دُرة" وقالت بنبرة بادرة:
-ماله ؟
نظر إلى عينها نظرات جادة وقال:
-مش حابة تشوفيه وتتصافوا
ظهرت على ملامح "دُرة" الضيق وقالت معترضة بشدة:
-لاء ، وهو كان سأل عليا ولا اهتم حتى ؟
تردد "بلال" ولكنه تنهد وقال بعزيمة :
-بس هو سأل عليكي فعلًا!
نظرت له بعدم فهم فأكمل وقال:
-باباكي فعلًا كان بيسأل  عليكي علطول وكان عايز يشوفك بس أنا رفضت .
نظرت له بعدم تصديق فأكمل يشرح لها وقال:
-أنا كنت عارف إنك هترفضي وفي نفس الوقت كنت عايزه يحس أنه غلط وأنه كان لازم ياخد الدور ده بنفسه .
تنهد وهو يكمل وهو يحثها على الإقناع قائلًا:
-شوفي يا حبيبتي دلوقتي وجود والدك مهم أديله فرصة زي ما الحياة أدتك فرصة ، كلنا بنغلط المهم في الآخر يتصلح ده كله ولازم يكون موجود لأن هو اللي عمل كتب الكتاب
شعرت بالحنق وهي تتذكر ذلك اليوم بينما تابع "بلال" يخفف عنها:
-بس الحلو اللي فيها إنها جمعتنا وخليتك معايا !
ابتسمت "دُر" ابتسامة صافية ومن ثم فكرت بحديث "بلال" فربما عليها إعطاء تلك الفرصة التي منحها الله إياها أيضًا للتغير بالكامل .
...................................................
تم إشهار زواج "دُرة" و"بلال" وقد كان في قاعة صغيرة كل ما كان يريده "بلال" هو عدم غضب الله في تلك الليلة وأيضًا حتى تهدأ النفوس  ولا يشكل خطر على "دُرة" من قبل والدتها .
أقبل "فاروق" على "دُرة" وهو غير مصدق أن تلك هي ابنته كيف كانت وكيف أصبحت  بثوبها الأبيض الرقيق وحجابها الطويل وبريق وجهها الخالي من مستحضرات التجميل !
اقترب منها مبتسمًا وهو يتحسس جبينها وقال:
-ما شاء الله عليكي زي القمر .
نظرت له "دُرة" نظرات باردة خالية من المشاعر ، فشعر "فاروق" بالندم يعتصره وقال بنبرة منكسرة:
-سامحيني أنا كنت غلطان إديني فرصة أكون جنبك فيها
تنهدت "دُرة" ونظرات له نظرات لوم وعتاب فأقبل "فاروق" يحتضنها وهو يحاول أن يستميل قلبها:
-يمكن مكنش أب مثالي بس يمكن في الآخر اختارتلك الصح لكن دلوقتي أنا عارف إني كنت بعيد عنك أرجوكي خلينا نبدأ من تاني .
تنهدت "دُرة" وهزت برأسها وهي تقول بنبرة رقيقة:
-ربنا يصلح الحال .
ابتسم لها فبادلته الابتسام ومن ثم وجدت "بلال" يقف بجانب والدته يقبَّل يدها ، فابتسمت بتردد وهي تتجه نحو والدته ،
نظر لها "بلال" مبتسمًا بحب وقال وهو ينظر إلى والدته:
-مش هتباركي لبنتك التانية ؟
نظرت والدته إلى "دُرة" وابتسمت لها وهي تتفحصها وقد شعرت ببعض الراحة فأقبلت عليها تحتضنها:
-مبروك يا حبيبتي ربنا يسعدكم ويهديكم للخير .
ابتسمت لها "دُرة" وقالت بنبرة ودودة:
-شكرًا لحضرتك .
اعترضت والدته وقالت وهي تصحح لها:
-قوليلي يا أمي ، أنتِ خلاص بقيتي زي أسيل بنتي .
ابتسمت لها وهزت برأسها وشعرت أن تلك السيدة مختلفة تمامًا عن والدتها شعرت أن الحياة حقًا تعطيها فرصة أخرى تنهدت وهي تفكر كيف كانت حياتها بهذا السوء وتمنت من الله أن تكون تلك بداية خير لها .
تعرفت على "أسيل" وشعرت انها ستكون عوضًا عن أصدقاء السوء الذين كانوا نسخة منها بالماضي .

على حافة الطوفان.. للكاتبة دينا عادل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن