الفصل الثالث

6.2K 183 2
                                    

*عَلَى حافةِ الطُوفانِ*

-الفصل الثالث-

_انزعج "بلال" كثيرًا عندما وجدها تقترب منه وتحدثه بتلك الطريقة وهي لا تشعر بأي حياء منه بهذا المنظر الذي تقف أمامه ،أولاها "بلال" ظهره حتى لا ينظر لها مقوسًا حاجبيه بشدة مستغفرًا ربه أكثر ، فسيكاد ينفجر !
ابتعد بخطواته عنها وهم بالخروج على الفور دون أن يوليها أي اهتمام ، بينا استشاطت "دُرة" غضبًا وهي تلحق به لتظهر شراستها عندما تغضب وقالت هاتفة:
-استنى يا جدع أنتَ ، هو أنتَ فاكر نفسك فين تدخل كده وتقعد تحسبن عليا وتمشي !
احتدت قسمات "بلال" ووقف مكانه ولكن دون أن يتلفت وهو يقول بصوت قوي:
-من فضلك مش عايز أي احتكاك بيني وبينك !

نظرت له "دُرة" بسخرية شديدة فقد فهمت عقلية ذلك الرجل وهي تهتف مقهقه:
-هو أنتَ منهم بتوع كل حاجة عندهم حرام ومينفعش !
-دُرة!!!!!
هتف بها "فاروق" وهو يصيح بها بعدما سمع ذلك الصوت العالي القادم من ابنته ومن ثم رأى "بلال" وهو يهم بالخروج آثر ما حدث الآن !
تقدم بخطوات سريعة نحوها ومن ثم هتف بصوت عالٍ:
-إيه اللي بتعمليه ده ؟ ، وإيه المنظر اللي أنتِ قعدالي بيه سعادتك ، أنا مش قولتلك الصبح تبقى قاعدة في أوضتك لو حد جي !
وضعت "دُرة" يد واحدة على خصرها باليد الأخرى كانت ممسكة بعكازها وقالت باستخفاف:
-أنا أقعد مكان ما أحب ، وبعدين أنا فكرته ماجد صاحبي جي يزورني محصلش حاجة لكل ده !
أخذ "بلال" يتنفس بقوة عندما سمع ما قالته وشعر بالأسى حيال "فاروق" فقد خمن أنها ابنته ولكن ليته لم يراها !
بينما اشتعل الغضب بعين "فاروق" ولم يتحمل أن يصبر عليها أكثر من ذلك ولم يجد نفسه سوى أنه يصفعها بقوة غير عابئًا بعكازها الذي وقع فوقعت معه الأرض وتألمت بشدة كبيرة ولكنها لم تحاول إظهار ذلك أبدًا بل أخذت تنظر له بغضب شديد خاصة عندما سمعته يكمل:
-قولتيلي صاحبك ها ؟!! ، هي دي كل حياتك ؟ ، من هنا ورايح هتشوفي مني أيام عمرك ما شوفتيها مش هسمح إنك تفضلي بالحال ده ومش هيبقى في أي خروج لأي مكان ولا أي زيارات إلا بإذني سامعة !!

حاول "بلال" أن يهدأ من روع "فاروق" فالتفت له دون أن ينظر نحو "دُرة" وقال ممسكًا بذراعه :
-ممكن تهدى ده مش حل !
وسط ألم "دُرة" أخذت تهتف ساخرة:
-هايل والله بتتحكموا فيا كأني لعبة في إديكم !
ومن ثم نظرت إلى "فاروق" بأعين شرسة:
-مش هعدي اللي حصل وهتشوف !
وفي تلك اللحظة أتت "عزيزة" عندما شاهدت "دُرة" على الأرض ، فركضت لها مهرولة وأسندتها ولكنها رفضت مساعدة أي حد ومن ثم وقفت بمفردها بعدما وجدت بعض الصعوبة ومن ثم قالت وهي تلومه:
-بدل ما تقعد تحاسب فيا ، حاسب نفسك الأول !
ومن ثم اتكأت على عكازها وصارت برفقة "عزيزة" نحو غرفتها وهي تشعر بالغضب وتتوعد !
تنهد "فاروق" وأخذ أنفاسه ومن ثم نظر قال وهو يشعر بالضيق:
-احاسب نفسي ؟ ، بعد كل ده أنا اللي احاسب نفسي !
ربت عليه "بلال" فنظر له "فاروق" وقال معتذرًا:
-أنا آسف يا بني إني حطيتك في موقف زي ده أنا معرفش أنها قاعدة تحت و..
قاطعه "بلال" متفهمًا وقال بهدوء:
-مفيش داعي بس كان المفروض تديني خبر إنك رجعت بنت حضرتك يا أستاذ فاروق، كنت قولتلك نتقابل برا أحسن !
تنهد "فاروق" وهو يهز رأسه وأشار له كي يجلس أمامه بعد أن أطفأ التلفاز الصاخب ومن ثم نظر نحو "بلال" مكملًا:
-قولي عمي يا بني مش لازم الرسميات دي إحنا مش في الشركة !
ابتسم له "بلال" بينما أكمل "فاروق" وهو يضع يده على رأسه ومن ثم قال:
-معلش يا بلال أنا انشغلت بالشغل ونسيت أقولك اللي حصل ، بس زي ما أنتَ شايف كده دي بنتي اللي خدوها مني من 18 سنة وسابوني كل ده معرفش عنها حاجة وأدي النتيجة !
تنهد "بلال" يفكر بالأمر فلقد تضايق بشكل كبير عندما وجدها على هذا الحال كيف لا تعبئ بحياتها ولا تفعل أي حساب للخالق !
تنهد مضيفًا بعقلانية:
-مكنش صح إنك تضربها كده !
تفاجأ "فاروق" من قوله وهتف مندهشًا:
-أنتَ اللي بتقول كده ؟ ، أنتَ مش شايف كانت بتقول إيه !
حاول "بلال" أن يفسر له وقال مبتسمًا :
-يا عمي  بنت حضرتك تربت في ظروف الناس اللي حواليها واللي هما كانوا سايبنها تعيش بحريتها محدش قالها ده غلط وده صح ولا علمها حاجة عن دينها ، فبتالي هي اتعودت على كده بسبب اللي حواليها متحطش الذنب كله عليها !
شعر "فاروق" أنه معه حق فيما يقول بينما أكمل "بلال" بسلاسة شديدة:
-وكمان هي متعرفش الحقيقة وأكيد والدتها فهمتها الأمر بشكل تاني ، وأكيد مش هيكون دورك إنك تأكد الحاجات دي ، أعتقد إنك لازم تحتويها وتحن عليها !
وقف "فاروق" وهو قاطبًا حاجبيه وقال:
-كان ممكن أعمل زي ما بتقول بس هي طريقتها متسمحش بالحنية متنساش هي بتتعامل معايا ازاي، بالطريقة دي أنا بدلعها أكتر لازم أشد عليها عشان تفهم إنها مش ماشية على حل شعرها!

على حافة الطوفان.. للكاتبة دينا عادل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن