المشهد الثامن والعشرون :فات الأوان

48 13 34
                                    

.المشهد الثامن والعشرون:فات الأوان
Mena

ضم ذلك الدفتر الصغير لصدره وهو ينتحب بألم ..
أصبح صوت بكاءه المرير هو كل ما يُسمع في شقته الباردة
..أحاط ركبتيه بيديه ليضمهما إلى صدره ..
شهقاته العالية .

:انا ..أنا آسف عودي أرجوكِ.. أرجوكِ!!

أصبح يضرب صدره بعنف محاولاً إزالة هاته الغصةِ العميقة بصدرة ..

كلماتها كانت كفيلة بهدم روحه .. كانت كأسهمٍ تخترق جوفه ..
هو أيضاً يود فعل الكثير لها .. يود لو يركع أمام قدميها ..
لو يمسك يدها ويخبرها عن الذي عاشه بدونها ..
وكم كان الأمر صعباً عليه أيضاً وكم تمنى رؤيتها طويلاً والاستناد عليها واخبارها عن الحُب العظيم بداخله نحوها..

تمنى لو يستطيع احتضانها وضمها إليه بشدة.
..تقبيلها ..التربيت على رأسها ..مسح دموعها ..
والإعتذار لها بشدة .. ووضعها بأعماقه

ولكن الأوان قد فات ..

استقام بصعوبة ليخرج من شقته  صعد سيارته وهو يمسح دموعه بطرف كمهِ متجهاً نحو منزلها ..
يُحاول تمالك نفسه وإخبارها بإنها ما زالت هناك ..

:إنها في منزلها أجل ..مازالت تنتظرني !

وقف أمام شقتها قرع الجرس لمدة طويلة ..
ولكن هو ربما يحاول تكذيب عقله بشدة ..
بأن الروح التي عاشت هنا ذهبت بعيداً ..
بعيداً جداً عن هذا العالم الموحش ..

وضع أنامله على لوحة المفاتيح لقفل الشقة ..
كانت أنامله ترتعش بشدة ..ليضغط على تاريخ مولده
يتمنى لو كانت كذبة..لو كانت تمزح بهذا الشأن على الأقل..
لكنه لم يكن ..لقد فتح الباب ..
وضع يده على فمه يحاول كتم هذه الشهقات الهاربة..

'لما كانت هيِّ بهذه المثالية تجاه قصتهم؟'

تحركت قدماه تقوده نحو الداخل ..الأضواء مطفأة وكأنها تعرف ظلمة العالم التي وقعت بهِ هيَّ ..

نفى برأسه وهو يأخذ نفساً عميقاً بينما دموعه تتسلل من عينيه بغته !

:لا لا هي نائمة ..نعم هي كذلك ..

ارتدى خفها الوردي اللطيف بعد أن نزع حذاءه وهو ينادي بخفوت

:فياان .. فيان خاصتي ..أأنتي نائمة؟

أنارَ مصابيح  غرفة المعيشة ليهز رأسه بتوكيد لنفسه
:إنها لا تسمعني. ..نعم نومها ثقيل .

اتجه نحو غرفتها ليطرق الباب بهدوء
:فيان أنا هنا ..

ظل يطرق الباب لوهلة ..وهو يمسح دموعه التي تأبى التوقف وأردف بصوت متألم خافت

: أعلم بأنك تسمعينني لما لا تجيبين ؟سأدخل حسناً؟

فتح الباب بخفه وكل ماقابله هو نسماتُ هواءٍ باردة وظلامٌ دامس عدا ضوء  القمر الخافت الذي يتسلل من الشرفه ..

نظر لباب الشرفة المفتوح على مصراعيه
ثم نطق موبخاً ..
:يااه لما لم تغلقي الباب إن الهواء بارد بشدة ستمرضين!

أتجه لإقفال الباب ولكنه لمح السرير فارغ ..
توقف متجمداً أمامه لمدة ..وعقله يستمر بإخباره بإنها

ليست في السرير ..ليست في الغرفة ولا في هذا المنزل حتى !

تحدث بصوت محشرج من كثرة البكاء : توقفي عن العبث هيا تعالي ..
فتح ذراعيه للفراغ  : تعالي لحضني هيا .. سأعتذر لك ..
سأخبرك بكل شيء ..سوف تسامحينني انا متأكد فأنتِ لطيفة ..
ههياا لقد قلت بأنكِ مازلتِ تحبينني ..وأنا أفعل
تعالي ألي الآن ..

أنزل يديه وهو يشعر بصدره يعلو ويهبط بسرعة..
أغمض عينيه محاولاً التخلص من العبرات الخانقة وتمالك نفسه ..

:كُفي عن المُزاح أرجوكِ  فيان همم؟؟..هذا ليس مضحكاً اظهري حالاً!!

نسمة هواءٍ باردة هبت عليه ..تبعثر شعره لشدتها..
وتبعثرت أعماقه معها ليسقط أرضاً صارخاً بشدة  وأمر وهو يضرب الأرض

:كُفي..كفي تعالي حالاً..

ظل يشد على قميصه الأسود تارة ويضرب صدرة تارة ..
وهو يشهق بعنف ..مغمضاً عينيه بقوة
وبرجاء نطق 'هذه الضيقة ستخنقه'

:أرجوكِ عودي .. سوف  أصبح جيداً.همم! انا لن أتركك مطلقاً عودي أرجوك ..فيان ليس أنتِ أيضاً!!!!!

ولكن الأوان قد فات ..
فات على الإعتذارات ..والإعترافات فات كثيراً

نهض بترنح ليتجه نحو سريرها البارد استلقى وهو يضم وسادتها ..
يستنشق رائحتها .. إنها هي '

دفن وجهه فيها ..وانكمش على نفسه بألم ..يكتم شهقاته القوية.. وصراخه الداخلي

يتمنى لو يختفي..لو يرحل بعيداً عن هذا العالم الخانق بدونها.

هو أيضاً أحبها بذات القدر وربما أكبر من ذلك ..
ولكنه فقط تأخر كثيراً على الإعتراف بذلك .

✓مشاهد حُب أخيرة. ♡حيث تعيش القصص. اكتشف الآن