وبعد إستمرار هذه العلاقة بين منصور ومها أربعة سنين من الإنسجام الروحي التام كأنهم أدوات عزف مقطوعة موسيقية "لجورج زامفير", بدأت طلاسم الأمر بالتكشف أمام ناظريهم, تحولت علاقتهم الروحية لتصبح شيئا أكثر أدمية, أصبحت نظراتهم تحمل بين طياتها طلب الإلتآم الجسدي, جائهم الحب قائلاً: ( أنا الجهة المنوط بها جمع جسدين توحدت روحهم) فقبل به الطرفان ليكون ملك مملكتهم الغرامية, تحول المتحابين لعشاق.
كحاجة الكائنات الحية للماء والعليل للصحة كان الطفلان لا يستطيعان فراق بعض بإرادتهم, كانوا يأملون بأن تستمر الدراسة سرمدياً ليلاً و نهاراً, صيفاً وخريفاً, لكن تقلب الشعور من سنن الحياة وعليهم بتقبل القليل من الألم لينعموا بالكثير من الراحة –لقاء واحد كفيل بترجيح كفة ألف عام من الغياب- فهكذا هي الحياة تتقلب كلقاءهم بالصباح وإفتراقهم بالمساء, تتطور كتحولهم من أحباب لعشاق٫ تتعدد وسائلها كما لم تصبح المدرسة مكان لقائهم الوحيد, أصبح منصور كبيرا بما يجعل والدته تسمح له بالذهاب للأحياء والفرقان في الأفراح و الأعياد.
لم يظل العيد كما كان من ثوبا جديد و الذهاب لساحات الذكر, فأصبح لمنصور طقسا جديدا يضاهي العيد نفسة بما يغرسه من سعادة في قلبه, الذهاب لساحات العشق في الأراضي المحرمة الدخول للغرباء إلا في ذلك اليوم المستثنى منحة جائت من حيث لا يدري و كأن أهل القرية قننو ذلك الإستثناء خصيصاً له, ففي يوم العيد يمكنه مصافحة مها دون تردد من أن يشي به أحد, و هذا إن لم تفعل نفسه وترمي به فريسةً تحت رحمة قبضتها الحاسمة كاشفة فشل مخططه للصمود.
في فجر أولى أيام العيد كان الرجال عاكفون في المساجد يتلون ترانيمهم على سمفونية زقزقة العصافير ضاربه قمم الجبال منعكسة على الأحياء والفرقان, كان منصور واقفا تغمره الفرحة مراقباً والدته التي تخمر في عجينها لترمي حبيبات الزلابيية, بعد أن فرغ المصلون من أداء صلاة العيد في صبيحة ذلك اليوم هم منصور بأداء شعيرة الحب متجها صوب مها, لم يقترح لرفاقه ذلك فقط وجههم ثم قادهم الطريق إليها, كان ذلك عيده الثاني و هو يزورها, كانت تنتظره ببالغ اللهفة متوشحة بأنين روحها تكسوها حيرة تأخره, وبينما هي في ترقبها وقلقها وعدم إستقرارها المكاني وتقلبها لحظات أنسهم بإنعاش ذاكرتها الملطخة به, بدأت تترائى لها أجرام تومض في سماء عيدها المكدسة بسحاب الخيبة تتكشف جرما بعد أخر الى أن إنجلت الغيمة وبدأ قمرها بالتجلي لروحها المظلمة, أنحنى قلب منصور متواضعا لتراب ارضه المقدسة, حيث فتاته المصونة, ثم أحرق عود ند غرباناً لمشاعره كي لا تفضح أمره أمام محاسن الفتاة.
(تحكي الإسطورة: أن ملكة جمال النساء هي فتاة من الجنة أنزلها القدير ساعة حرب بين نصفي سكان الأرض فكانت كالماء البارد على قلوب المتخاصمون الملتهبة حقنت الدماء و وضعت الحرب أوزارها ثم أختفت من أنظارهم يقول أحدهم انه رآها متجهة غربا و أخراً يقول شرقاً و هكذا شمالاً و جنوباً فنسوا ما كانوا يتخاصمون فيه تقسموا إلي فرق فجاثوا في الأرض منتشرين بحثاً عنها) يظن منصور أن مها التي تقف أمامه باسطة يدها ليحل السلام بداخله هي تلك الفتاة, كشفها الله على قلبه بينما سترها عن أعين الأخرين محافظة على ما تبقى من السلالات البشرية, جلس الزوار في بيت المحبوبة ينتظروان تقديم العيدية بينما كان الحبيب المجهول لهم ينتظر قدومة معشوقته لترشق قلبه الملتهب بشئ من بحر جمالها الملائكي, فماهي إلا لحيظات من الإنتظار مرت كسنين من الترقب طلت الفتاة تتبختر أمامه كفرسة تسير في زمن كسلان مترهل تحمل على كفيها "قدامة" ذهبية مملوءة بالخبائز والحلويات, وضعتها على المنضدة التي تتوسط المجلس ثم أعتدلت خمارها الذي أنزلق من على شعرها الناعم ثم أخذت تمررها على الزوار, وعندما جاء دور منصور أن يأخذ كان نصيبة قطعة حلوة فارغة بينما كان مبحرا في تفاصيل عينيها العسليتين, أطلق الشبان قهقهة على سوء إختيارة فأعاد الكرة ليأخذ أخرى وكانت عينيه لا تزال عليها, تراجعت خطوتين للخلف غاضة من بصرها لتترك لهم الدرب سالكاً للمغادر, تسلل الشبان خارج المنزل واحدا يلي الأخر إلى أن جاء منصور أخيرا يمشي على حزن إنقضاء عيده وقبل أن يضع أولى خطواته خارج عتبة المنزل أمسكته الفتاة من ساعده فتجمد كالصنم, فأخرجت فتيل عطرها التي أجلت موعد إفتتاحة لهذه اللحظة, فأنطلق رزازه يعم الأرجاء ويجعل من فتاها زهرة تمشي على قدمين, فأعاد النظر في عينيها و دون ا، ينطق أي منهم بحرف أفلت منصور يده ليولي هاربا حتى لا تسقط دمعة الشوق أمامها وتظنه ضعيفاً..
..... يتبع ( واصل الجذء البعده و ماتنسي دوس على النجمة وعلق 😍🤗) ورح
أنت تقرأ
أنت مائي و إنتمائي
Romanceالرواية من وحي خيال الكاتب و كذلك الشخصيات. بقلم: محمد علي محمد مضوي. في قرية من قرى السودان النائية عن العاصمة كان هنالك شاب إسمه منصور وبنت إسمها مها, لا يقربا بعض إلا من ثلات طرق: عائلة منصور وعائلة مها ينتمون لنفس القبيلة, وكل العائلتين تظل...