-4-

57 5 1
                                    

في لحظة هدوء مطبق وكان البعض في حضرة مخيلاتهم٫ والأخرين بين قائص في تفاصيل معركة من التاريخ أو درس من العلوم أو شئٌ من الأدب٫ ولدت له الحياة فرصة كسابقتها٫ الكل لا يلقي إه‍تماماً٫ إتكأ للخلف بعدما فتح أزرار قميصه العلوية٫ ثم مال شماله ميله إنتفض بعدها كالذي صعقتة كهرباء ... إعتدل ... رتب نفسه محاولاً تبرير ما حدث ... لكنه لا يقوى على نطق حرف .
الكل ينظر في حيرة: من الذي أطلق تلك الشهقة؟ ما الذي جعله يطلقها ؟ ما علاقة الأمر بمنصور ؟ تتبدل عيونهم بين منصور وصف البنات باحثين عن رأس خيط يقود مركب تساؤلاتهم من بحر الظنون لشطء اليقين. هل منصور غمز أو داعب إحداهن ؟ لا٫ هو ليس كذلك٫ محترم كما نعرفه لن يقبل على مثل ذلك عمل٫ ولا يمكن أن تكون تلك الشهقة لمرورة حشرة تخافها إحداهن وإلا لكانت إنتفاضتها ملحوظة٫ وهل منصور إبن عبدالكريم الذي لا يهاب ذئاب الوادي تهلعه حشرة؟ لا قطعاً٫ الأمر مختلف؟ ولكننا لا ندري٫ هو وحده يدري٫ سنسأله بعد نهاية الدوام عساه يجيب٫ لكننا نرى في وجهه حيرة لم نعهدها ويسبغ عليه شئ من الخوف٫ الأمر معقد ولا يمكننا الإستإذان لمناقشته فقط سننتظر.
مها لم تكن تتخيل بأن ذلك الشئ هو الإقرار الذي كانت تنتظره٫ لذلك لم تكن على إستعداد لتلقيه٫ وكيف لها تخيل حدوث ما لم تسمع به في الأولين. كانت تنتظر منه نكتة أو جملة معقدة التركيب لن يفهمها الا المقربون من فكره الأسطوري المحبوك ومخيلته الخصبة٫ كانت على إستعداد لفك شفرة الكلام ولكنه جاءها بطريق الأفعال٫ فأرتبكت صفوف تفكيرها فضاق المكان بقلبها لم يكن صدرها قادر علي توفير المساحة الكافية لإضطراب قلبها المتسارع٫ فأسترسلت أنفاسها بلهفة طلباً للإغاثة٫ ففضحت أمرها٫ ثم أكشتفت ضعفها أمامه.
سادت حالة من الربكة لم يشهد لها مثيل في ذلك الفصل مذ تأسيسه٫  منصور يشعر بالذنب٫ فليس من السهل على النفس تحمل تأتيب فعل فُعِل لأول مرة بغض النظر عن شرعيته٫ مها تشعر بالإرتباك٫  ...  ناصر يشعر بالخزلان, لم تكن خطته التي نظم صفوفها وحاك دروبها وتوقع مآلاتها تحوي خط دفاع لردة فعل الفتاة, علامة إستفهام ضخمة ترمي بمطرقتها على عقول الطلاب الآخرون.
خرجت مها من المدرسة مشحونة بالفرح تسبح في الطريق كوزينة في كبد البحر يداعبها موج السعادة من كل جنب تميل عليه, دخلت البيت دون أن تلقى التحية على أحد منشغلة بالقلب المتدلي من على عنق معشوقها٫ مثقلة بالحب, عائمة في بحر هواه, فرحة بالحياة التي أهداها لها, مفتخرة به, لقد ضمنت فتاها. إرتمت في حضن فراشها دون أن تخلع حذاءها غير مدركة لما يحيط بها. حيث أن والدتها طلبتها منها فعل شئ وبدلا من أن تقول نعم قالت:<منصور> ...  أخرجت مما كان يستحوذ على كلها وبعضها دون إستثناء فلم تحاول تبرير رده‍ا فهي تظن والدتها لم تسمعها ولكنه حدث.
بينما هي متوهطة فراشها٫ ناظرة في اللاشئ٫ مستحضرة خيال عاشقها ومعشوقها٫ غارقة في تفاصيله المفعمة بالتصالح الروحي٫ خيال إبتسامته العريضة يطارد سكون شفتيها٫ نظرته الثاقبة الخجلة تغرز سنانها  في جنبات قلبها فيهتز ضاحكاً. كانت مها تحلم٫ وعندما تحلم مها يكون منصور ملكاً مبجلاً في قاعة أحلامها٫ تحلم مها بواقع يجمع بينهما على فراشاً واحداً يلاطفها وتلاطفه ويسرد لها الأساطير  والحكاوي بعضها من حديث الجدات و أخرى مما جاد به خياله -لن يخبرها بأن فاطمة السمحة ستعيش حياتاً بائسة- تعود الى واقعها٫ حقيبتها ملقاة على الأرض يبرز منها دفتر مكتوب على غلافه حر <M> فأقبلت عليه لتخبئه, كانت والدتها التي تجلس بالقرب منها تفرم في الملوخية تراقب إبتسامات إبنتها الموزعة على جدران المنزل يمنةً ويساراً فقالت لها مبتسمة تنظر للحرف المرسوم بعناية محكمة: لماذا لا تكتبين إسمك كاملاً؟....... ...... يتبع ( واصل الجذء البعده و ماتنسي دوس على النجمة وعلق 😍🤗) ورح

أنت مائي و إنتمائيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن