... شغف معرفتة ما تحوييه كان يسيطر على فكرة الأحلام المتعددة, فقرر أخيرا فتحها. مقايضا الأحلام و التخيلات الكثيرة التى كان سيعيشها, بحقيقة واحدة من (مها).
فبعد أن أصبح الجو مهيئا للهروب من هذا العالم. وأصبحت الأشياء المحيطة به تلبس ثوب الغرابة, وتتمحور إلي أشياء عالم أخر. واصل بإكمال طقوس الهروب بإسدال ستارة الواقع. قادة قلبه رويدا رويد الي أن باتت مملكة مها بأعينه, فدخلها طالبا للسلام لروحه المعزبة. فقاده الحراس ثم أسكنوه قصر التائهين, بالقرب من مسكن معشوقته. فجائه طيف من ملكة القلوب. يأذن له بتلاوة خطابها على قلبه. فجعل الرسالة مقسومة على نصفين. نصفها الأسفل مطوي للخلف, ونصفها الأعلى كان موجها عليه. كان حصيفا بأن لا يراها دفعة واحدة. يريد الصعود لعرشها درجة بدرجة.مها لسيت من النوع الذي يعرف كيف تكتب الرسائل. أقصى ما تعرفه أن تحضر ورقة, وتنزل فيها ما في قلبها. أما الطقوس, فلا تعرفها, ولا تهمها. الذي كان يشغل تفكيرها هو أن تكتب له و لو القليل الذي سيخفف عنها حملها, الثقيل.
و ما بدأ الإطلاع عليها, إذ به يجد إسمه من اليمين, ومن الشمال إسمها, موصل بينهما خط سميك, يأخذ مساحة سطرين من الورقة. ثم في الأسفل فتاة مكتوب عليها (مها) وشاب إسمه (منصور) مشبوكة أياديهم مع بعض. هنا تذكر منصور قبضتها تلك في يوم العرس. أدرك حينها حجم المعناة التي كانت تسكن فتاته, فعندما يكن القرب هو أولى المطلوبات, حينها يسمى الحب عشقاً.
كادت أن تدمع عيناه لولا قلبه الصامد. مها لا يمكنها التخلي عنه. فهو ليس بالشاب الذي بإمكان أي فتاة التخلي عنه. يكسيه الحلم جمالا فوق جماله, من أشبه الناس بسعيد في معاملاته. متمالك نفسه في حالات الشدة, ومها تحبه ليس لأنه كأبيها, فهي رأت فيه ما كانت تجهله في أبيها من صفات يتفرد بها من أهل القرية. فهي لم تشهد يوماً أبيها يضرب, أو يذل والدتها. فكل ما عهدته عنه تلك الإبتسامة و المزاح التين لم تشهدهم في رجل غيره, و (منصور). لذلك أحكمت الوثاق, وأرسلت الخطاب.وكأنها تخبره عن المستقبل, كقارئة فنجان محترفة. فما كانت قبضتها بالأمس سوى خيال. و بدأ له تشابك الأيدي في رسمتها أقرب للواقع. فأتاه إحساس قبضت الأمس فيها.
كانت رسوماتها غير جيدة, بل سيئة جدا, كأنه طفل يتعلم الكتابة. رغم أنها رسامة بارعة, ولربما الذي سلب منها روح الرسم, هن المشاعر التي كانت تنوي إيداعهم في قلب محبوبها, فكان لها من الهيجان ما يفقدها تلك المهارة. كما أنها كانت فقط توضح له الأمر فلم تكن تنوي إثارة مشاعره برسمة جميلة. كما أني أخشى أنها لاتريد رسم فتاة جميلة كي لا يغرم بها الصبي. ولربما ذلك صواب فعندما تحب الفتاة شخصا لذاته, فليس من الغريب أن تنوي بإعدام نساء الكون, وإن أنكرت ذلك.
بعد تلك المقدمة الغير مألوفة. وبعد أن حلقت الأفراح ونسجت تاجا ووضعته فوق رأس الصبى. رغم ذلك كله حزن الصبي. لأنه بات يدرك تماما أن فتاته تتألم من فراقه, وبعده عنها. فهو لم يكن يدري بأنها تكن له ذلك القدر. كان يظن نفسه الطرف الوحيد المهتم بالأمر فوق المعقول. وكان يظنها تجامله. ولكن بعد خرقها للعادة, و إرسال تلك الرسالة, شعر بخيبته, وظن السوء الذي طاف به يوما.
بعد ما أعدل من إتكائته, وأعاد ترتيب نفسه, ووضع أمر نصف الرسالة الأول جمبا بعد أن أخذ صورة شايفة عنه, قلب الرسالة لينظر ما الذي في النصف الأخر, ليرى الكلمات المرفقة مع تلك الرسمة, قلبها, ثم أعاد فتح الرسالة كاملة, ثم نظر للجانب الخلفى ثم أعادها لموضعها الصيح ثم أبتسم قائلا: حتى في الرسالة أنتي مها. فما الذي دهاني بالتفكير عنك بغير حقيقتك ... ممازحة حتى في لحظات الشدة ... نفس عفويتك ... في الحقيقة تفاجأة منصور, لقد وجد في الشق الأخر ما لم يخطر على باله, كان يظن أنه سيجد كلمات, لكنه وجد رسمة أخرى, ليست أكثر جمالا من سابقتها, لكنها أكثر تعبيرا. كانت الصورة لمنصور ومها, يقفان فيها أكثر قربا من سابقتها. بل متلاصقين مع بعض, و أياديهم متشابكة, حول الطفل الذي يقف أمامهم. تلك هي مها التي يعرفها, ليست فقط تغازلة بالبسمات, بل فاق الأمر ذلك, فقد أبتكرت طريقة أخرى, لصعوبة الأولى في ذلك المكان, لجأت للرسومات. أنها تجعل أكثر تطلعا للفوز بها, أنها تثير عواطفة, تشده عليها بتلك البراءة والطفولية التي عهدها بهن. فكيف لها التخلى عن حالا كان بها حين وجدت رفيق روحها؟ فهي لا تجيد التنازل, لن تتجرد عن شئ جمعهما بمنصور. إبتسم, وكأنه تخيلها تقول له حينما يتفاجأ برسوماتها: لا تغضب مني يا حبيبي, فأنا أسفة. حاولت مع الكلمات كثيرا فلم أستطع أن أقول ما أريد, فرسمت. فليتك فهمت مرادي, و أسرعت بقرارك, لتتم الأولى وتليها الرسمة الثانية, وتمتلئ حياتنا فرحا.
لم يتحمل منصور الأمر فقد صار الحمل ثقيلا عليه, فهو الأن يعرف جيدا ما الذي عليه فعله. نام الفتى في ذلك القصر الذي قرأ فيه الخطاب ليستريح في تلك البلد الجميلة. وصحى وهو في خلوته على صوت أخته تطلب منه أن يأتي ليحمل الغداء للديوان. فقام وهو يبحث عن طريقة تمكنه من فعل ما كان عليه فعله ليظفر بها, ويحقق تطلعاته, و أحلامها.
كان منصور حينها عاد من السعية, لإفتتاح المدراس. وهو آنذال مقبل على الفصل الثاني من السنة الثامنة, والأخيرة من مرحلة الأساس, لكن بعد كل الذي حدث, قرر منصور بأن يتقدم لخطبة مها.
ذهب الي أخيه في بيته, فوجد زوجته تعد قهوة عصرية, بعد أن سالمها سألها من اخيه الفضل, فكان الفضل بالداخل. فطلب من منصور القدوم, قبل أن تجاوبه زوجته.
الفضل: أشتقت للمدرسة, وعايز مال تجهز حالك؟
منصور: أشتقت لمها وعايز أستشيرك.
الفضل لم يصدق ما سمعه تواً, هل كان ذلك منصور حقا أم أنه شيطان يتلاعب بالفضل؟ أنتفض الفضل من فراشه متسائلا عمن هي مها؟ ثم ما الذي يحدث مع منصور؟, فقال
الفضل: ما الذي أصابك؟.
- كما سمعت, أريد أن أتزوج.
- ... ضحك مستهترا. الم تقل بأنك لن تتخلى عن الدراسة. وأنك ستذهب للمدينة لدراسة الثانوي؟ وستذهب للعاصمة لدراسة الجامعة؟ أم كان لكه مجرد أحاديث تقال, والأن فاض بك؟
- نعم أريد ذلك, ولا ذلت في طريقي لتحقيق ما قلت. وأضيف لمهامي وتطلعاتي الزواج من مها.
- لايمكن طبعا.
- وما الذي يمنع؟
- هل أخبرت والدي؟ (متهرباً من سؤاله).
- لا لم أخبره. أنت تعرفني جيدا, لا أستطيع مجادلته. لذلك أخترتك لتحدثة بالأمر, ثم أن أمر الدراسة لن أتنازل عنه, سأتزوج بعد أن أكمل السنة الثامنة, لكن يجب أن تكون الخطوبة في هذه الأيام. ... (فأخبره بجواب كل ما سيشكل سؤال لوالده).... يتبع ( واصل الجذء البعده و ماتنسي دوس على النجمة وعلق 😍🤗) ورح
أنت تقرأ
أنت مائي و إنتمائي
Romanceالرواية من وحي خيال الكاتب و كذلك الشخصيات. بقلم: محمد علي محمد مضوي. في قرية من قرى السودان النائية عن العاصمة كان هنالك شاب إسمه منصور وبنت إسمها مها, لا يقربا بعض إلا من ثلات طرق: عائلة منصور وعائلة مها ينتمون لنفس القبيلة, وكل العائلتين تظل...