فقال وهو يدوزن ربابته:
الأصيل نسبو والصعب نتلم
كلموهو ياناس يفتح مجاري الدم
العسل درجات ... الأصلي لو هو نضم
للغزالة أنواع ... شوفو لي إسمهنا منصور تعرض لقضيته, و ألقى بالقليل من تفاصيلها. لم تكفيه فرحة الجمهور لوحدها. كان ممتلى (بمها) ويريد التفريغ عما بداخله. وفي هذا المكان الخطر. في حيها, وبالقرب من بني عمومتها, بل في عرس إبن عها. لم يكن منصور أعد غنيته هذه وينوي إلقاءها هنا. هو فقط ترك باب قلبه المقابل للربابة مفتوح. و ترك لهما الحرية بأن يفعلا ما يحلو لهم. وهاهم يستغلون هذا الإذن المنوح لهم لرسم حالته, وفضحها للعامة. نعم, لقد قاما بخيانته خيانة عظمة. وقاداه الى حيث حتفه.
قال رفيقي عوض ... طول متر وإنجم
ذاد عليها صلاح ... البياض يلخم
أرفق الراعي .... التعب فوق كم
تبقى هي مها ... قلوبنا كيف تسلمموجة غضب غشت أبناء عمومت مها. وكل أقرباءها, وعشاقها. الفتنة الآن تقف على رجليها, منتظرة ساعة الصفر. ولكم بتخيل المنظر: شباب من كل بقاع القرية. يحملون عكاكيظم, وتزين أزرعتهم سكاكين تقطع الظلام. ناصر الآن على أهبة الدفاع عن صديقه. والرفع عنه الضرب والطعنات التي سيتلقاها. و في نفس الوقت كان يفكر في المخرج الآمن لهم. البنات كانن على خوف من فراق أحبتهم, الذين حضروا لرؤيتهن, ففي حال قيام مشكلة, الكل سيتحذب.
هذا كان حال كل من وقعت الكلمات على آذانهم, بصورة أوضح من الوسيقى. و الشي المفرح كانوا قلة. فلم يكونوا بذلك الإستعداد والترصد ليعرفوا أن منصور كان يقصد مها بنت سعيد؛ إبنت عم العريس. لكن العريس غشاه الشكك في الأمر. فهو سمع غزالة و (مها). فكان من البديهي جدا أن يشك. في أن للأغنية علاقة بإبنت عمه –فهذا (منصور) كان زميل دراستها- وهذا شرفه فإن صح الأمر كان لزاما عليه أن يتصدي. كما سيفعل أي قروي أخر. ولو كان منصور في محله, كان سيفعل مثل الذي سيفعله العريس, وبقية أبناء عمومتها. إلا أن العريس الذي وعي للأمر تريس. وضبط نفسه, حتى لا يجعل من يوم فرحته عزاء لأحدهم وبسببه. وبقية أبناء عمومتها كانوا مشغوليين بإكرام الوافدين إليهم, وترتيبات العرس. حتى منصور نفسه أدرك خطورة الأمر, و المؤامرة التي قاداها الربابة وقلبه. فأصبح يبحث عن مخرج لنفسه من هذه الكارثة الحتمية. فأرفق:
عجوة المحسي حرسها ما كلام
الكلاش رده ... حربتين وسهام
العشوق يبدو... قلبو غادر رام
بريد قربو ... لو تسمح الأقسام
شوفة الأسمر ... الصفوفها زحام
تقدل الماهلة ... زي حماما حام
ياكريم هون ... للصعيد قدام
نطلب السادة ... الأنفو ذانه ذمامكرر منصور "ياكريم هون للصعيد قدام" هنا أطمأن الكل, بأن هذه المها التي ينشدها منصور ما هي إلا مها غير بنت سعيد إبنت عم العريس. كل الشكوك تبعثرت, و أنجلت من أذهان السامعين. حطت في الصعيد. حيث أن منصور في السنوات الأخيرة, كان يذهب مع أخيه الصعيد لرعاية المشاية, عند الإجازة الصيفية.
أنت تقرأ
أنت مائي و إنتمائي
Romanceالرواية من وحي خيال الكاتب و كذلك الشخصيات. بقلم: محمد علي محمد مضوي. في قرية من قرى السودان النائية عن العاصمة كان هنالك شاب إسمه منصور وبنت إسمها مها, لا يقربا بعض إلا من ثلات طرق: عائلة منصور وعائلة مها ينتمون لنفس القبيلة, وكل العائلتين تظل...