الفصل الأول

10.3K 232 6
                                    

الفصل الأول
"غريبى الأطوال"
-طرقات متتالية على الباب دون توقف ،ليقطع انغمارها وهى تعد الحلوة الهلامية المحببة لها فتتوقف فى تزمر وضيق وتغسل يديها لتخرج لترى من هذا المزعج ، لكن طفلها البالغ عمره ست أعوام يسرع إلى الباب ويفتحه قبل أن تصل إليه
ليظهر أمامها رجلين يرتدون بذلات كلاسكية عبارة عن (بدل سوداء )ليكونوا بمظهر جاد وملامح الباردة مبهمه تسير الرعب داخل أوصال "سلام " ،وأول ما جاء على بالها أن يكونوا تبع الحكومة وأنهم أكتشفوا انها مواطنة غير شرعية جاءت هرباً عبر المحيط
لتنظر الى الطفل بتماسك وبلهجة حازمة عربية =مراد! إلى الداخل
ثم توجه أصباعها بتهديد له =آلم أحذرك من فتح الباب للغرباء ،هيا الى غرفتك سنناقش هذا الموضوع فى وقت لاحق
ليشعر الطفل بالاحباط ويدخل وهو يدبب بقدميه فى الأرض بتزمر
وبلهجه رجاء لعدم معاقبته بحرمانه من التلفاز =أمى!!
سلام بلهجة أمر نافذ = إلى الغرفتك لا تلفاز
-وبعد دخوله تستند على الباب وتمسكه بشكل مفتوح لنصفه فقط وتنظر الى هؤلاء الرجلين غريبى الاطوال بترقب وقلق
وبلهجة الإسبانية فاذة = كيف يمكننى خدمتكما؟
لينظر لها أحد الرجلين وكأنه يتفحها من أعلى إلى أسفل ثم يتكلم بلهجة أنجليزية = هل أنتِ "سلام غافر شداد "؟
لينقبض قلب "سلام" هذا الأسم لم تسمعه منذ زمن ، نعم هو أسمها ولكنها تخلت عنه وحملت أسم والدها بالتبنى لأسباب كثيرة
لتدور عينها عليهم بقلق لتتماسك وهى تشد يدها على طرف الباب بضيق =وأن يكن؟
ليتكلم الرجل الأخر براحة ملطفاً للجو الذى استشعر أنه مشحون بتوتر= من الأفضل عدم الكلام على الباب ، اتسمحى لنا بالدخول لنتباحث معكى فى آمر هام يخص حضرتك سينيورا  سلام
لتنحرج "سلام " وتتحرك بعشوائية ثم تفتح لهم الباب ليدخلوا

***********
ليدخلوا الرجلين وهم يتفحصا كل شئ أمامهم ، كان شقتها صغيرة الحجم وضيقة لكن بنسبة الى "سلام "تلك الشقة التى حصلت عليها بعد عناء شديد وبإيجار بخس لا يعتبر زى قيمة مائتا فرانك  فقط مأوى وملاذ مناسب لها
ليجلسوا على الاريكة الارجوانية  التى حصلت عليها فى مزاد للخردوات بسعر رائعة لها وكأنها فازت باليانصيب يومها
ليتكلم جون هذا الرجل ذات الأصول الانجليزية الخالصة=سيدة "سلام "
نحن هنا لنخبرك عن والدك السيد /غافر شداد
سلام بكبرياء وثقة = أسمى "سلام جمال غادى"
ليرد عليها الرجل الأخر وهو شاكر =نعرف أن والدك بالتبنى الاستاذ "جمال غادى "رحمه الله
وبطريقة محنكه = سينيورا "سلام " دعنا لا نطرق هذا الامر بهذا الشكل ، السيد / غافر لم يكن يعرف بوجودك قبل عام من الآن وهو طبقاً لوصيه والدتك السيدة آنا صوفيا رحمها الله ،وهو عند بلوغك سن الواحد والعشرين واستلام ميراثك وثروتك منها
لتندهش "سلام " لهذه المعلومة الجديدة بالنسبة لها
ليكمل جون = السيدة آنا وضعت ثروتك تحت شرط  ولإستلامك الميراث يجب مقابلة والدك  السيد غافر،الذى هو بالفعل بحث عنك فى كل أرجاء العالم بعد معرفته بوجودك
شاكر = أنا أكون محامى ووكيل عن السيد غافر ، ام الاستاذ جون (هو يشير له ) فهو من يمسك زمام التصرف فى ميراث والدتك السيدة آنا حتى يتم تنفيذ الشروط
*************
وفى مصر أرض الكنانة ميراث الحضارة ،فى مدينة الأقصر إلى قصر  كبير يدل على الفخامة والتراث المجيد
نجد شاب يدخل مسرعاً هو يشع فرحاً لمعرفة الخبر الذى سينتشل عمه من المرض الذى استسلم له منذ ثلاث أعوام بعد وفاة زوجته ورفيقه دربه المحبوبة
ليجرى ويدخل أحدى الغرفة ،حيث هناك رجل طريح الفراش يبدو عليه المرض وحوله العديد من الأجهزة الطبية
ليمسك يده ويملس عليها برفق ،ليفتح عينه ببطئ ووهن شديد ="فاهد " هكذا نطقها بضعف
فاهد بفرح وهدوء = لقد وجدوها يا عمى ، وجدوا سلام
وكأن الحياة عادة إلى جسده بعد رحيلها ، ليحاول أن يقول ويعتدل فيساعده "فاهد "حتى جلس على السرير
واخذ ينظر إلى فاهد ليحكى له
فاهد بهدوء وترقب = لقد أتصل بى الاستاذ "شاكر " وأخبرنى بوصولهم وتواصلهم مع "سلام " المترقب بنسبة كبيرة انها أبنتك حيث أنها تحمل أسم متبنيها مثل ما توقعنا من أوراق السيدة آنا ، كما تحدث معاها وينتظر حتى تجمع نفسها من هذه الصدمة الجديدة لها وسيكون بعمل الفحص الطبى لدليل القاطع ،رغم أنه أخبرنى ان لا حاجة لذلك فهى تمتلك طفل "يشبه جدى شداد الأكبر"
لتتسع عين غافر بدهشة وبصوت رقيق = متزوجة!!
ليبعد "فاهد عينه ويبتلع ريقه ويشدد على يد عمه = عمى أنت تعرف وجود "فتاة " وفى الغرب ، الأمر مختلف قليلاً عما كنا نتصور ، من الجيد أن نجدها
وليطمئنه = أخبرنى السيد شاكر انها فتاة جيدة ذات أخلاق حميدة ، نحن لا نعرف ما حدث لها ، نحن نبحث عنها كشبكة تتصل بخيوط متتداخله ،لقد مرت بالكثير وهذا ما نعرف وهو قليل عنها
انها  فى الثانى والعشرين من عمرها وبمفردها فهذا العالم الموحش
ليظهر لمحة حزن فى عين غافر ، ويشعر به "فاهد"
ليحاول أن يبهجه وبابتسامة ومرح = أنظر إلى الجانب الجيد لقد حصلت على أبنة وحفيد فى آن واحد
ليبتسم غافر بخفوت ثم ينظر الى الامام بشرود إلى ماضً بعيد
********************
-تمتلكين ثروة ووالد ، واو ( هكذا نطقته كارينا صديقة سلام  وهى مبهور بما أخبرتها سلام عن لقاءها بالرجلين )
سلام التى مازالت متوترة بعد رحيل الرجلين = توقفى عن المزاح ،أنا خائفة ، يريدون منى الذهاب معهم حيث موطن ذلك الرجل الذى يدعى والدى
لتتكلم كارينا بجدية = موطنك هكذا تقال "سلام " ، ذلك الوطن الذى طالما تحلمين به ، "مصر" ، أنتى لم تتخلى عن اللغة العربية ولا الدين الأسلامى ولا حتى أصولك التى دائماً تتفاخرين بها أمام الاخرين هنا ، وبجدية= لا مكان لكى هنا  "سلام " ، انظرى إلى نفسك  تعيشين فى خوف ورهب أن يتبلغ السلطات عنكى كمهاجرة غير شرعية ،كما وجود "ماثيو وعصابته "الذى تطاردك منذ وفاة إليخاندرو ، لن يصمت ماثيو حتى يضمك إلى جيش نسائه الذين يعملون فى الملهى الليلى ،كما أنه سيأخذ منكِ المطعم جبراً ويحوله إلى حانة أو ملهى ليلى لأعماله المشبوه
لتنظر لها سلام وهى تعرف أنها محقة ، وأن ظهور الشخص الذى يكون والدها فى هذا الوقت هو نجده لها ، لكنها خائفة
لتنهئ كارينا الحوار بجدية= فكرى بمستقبل "مراد " فقد حان وقت دخوله المدرسة ، يجب أن ينشأ فى بيئة هادئة وليس بيئة يشوبها العصابات الخطر!
لتفكر "سلام " ويدور كلام كارينا والرجلين فى خلدها ( ثروة وملاذ أمن لمستقبل مراد )

#خلود عبيد

رواية قلب شارد بقلم خلود عبيد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن