الفصل الثالث

4.6K 193 2
                                    

(الفصل الثالث )

"والدى "

*كان يقود سيارته لطريق المطار ليستقبل ابنة عمه الجديد وجودها وهويتها فى العائلة ، كلما تذكر شكل الرجل الانجليزى المدعو "جون " وأصراره الشديد لمقابلة عمه رغم أخباره أن حالته الصحيه سيئة ويمكن أخباره هو يتعجب .
لأنه  اذا فعلاً اخبره "جون" أن عمه لديه أبنه من أمراة أجنبية تزوجها غير زوجتة المتوفاة "نسمة " لكان نهره وعنفه وطرده أشر طرد
لكن ملامح عمه عندما بُلغ بالخبر كمنَ رؤى بماء فى صحراء قاحلة شديد العطش ، أكدت أن "جون " صادق
وعندها أخبره عمه  يتذكر الكلمات ومازالت تتردد فى أذنه حتى الأن
غافر بتعب = أبحثى لى عن أبنتى ،فاهد ،أوجد "سلام " من كل بقَاعُ الأرض
****************
كانت تقف فى صالة الاستقبال بمطار الأقصر ، وهى تمسك بيدها عربة الحقائب واليد الاخر تمسك يد "مراد " حتى لا يبتعد عنها ، تبحث فى  كل الوجوه التى أمامها لعلها تجد ضالتها ، التى لا تعرف ما هى حتى؟!!

لتجد شاب طويل القامة رفيع البنية ذا شعر مموج قصير أسود اللون ،قمحى البشرة وعينى سوداء بحاجبين عريضين سوداء أيضاً يحمل لافتة عليها أسمها بالإنجليزية ،لتبتسم بخفة وتتجه نحوه
لتقف أمامه وهى تشير إلى الافته
سلام بالإنجليزية = هذا أسمى ؟
ليندهش فاهد من شكلها فما يبدو أمامه فتاة فى الصف الثالث الأعدادى بالأكثر وبيدها طفل  صغير يصل نصف قامتها القصيرة يبدو كفتى فى الصف الأول الابتدائى
ليردد بندهاش = أنتِ "سلام غافر شداد "
لتهز رئسها بالايجاب وهى متعجبه من أستغرابه لها
لينزل الافتة ويمد يده لمصفحتها = أهلاً بكى فى مصر ، أنا فاهد أبن عمك غانم
سلام بترحيب = تشرفنا
فاهد = أعرف أنكِ تتكلمين العربية ، الأفضل ان تكون لغة حوارنا
سلام بالعربية = طبعا اللغة الأم فى مكان منبعها أجمل وأفضل
****************
*كانت تراقب الطريق من زجاج  السيارةوتتأمل جمال مصر الذى طالما سمعت عنه فى طفولتها من والديها بالتبنى كنا يخططوا المجئ الى مصر فى تلك العطلة الصيفة وزيارة أماكنها الأثرية ومعرفه معالمها لولا تلك الحادثة التى حرمتها منهم وتدخولها الى دير سانتا كاترينا ونشئتها هناك حتى لحظة هروبها منه

*لكن لا يهم ذلك الأن ، لديها أب الآن كيف يبدو ؟ هل هو مترقب لوصولها ؟ هل سيتقبلها كأبنة له بصدق ؟ سيحبها ويعوضها عن لحظات الحرمان ، ستمتلك أب مثل كل الفتيات يحكى لها حكايات قبل النوم ويقبل رئسها قبل أن تغفو كما تفعل هى مع "مراد "!! ،عادت كالطفلة الصغيرة ذات العاشرة المكبوته داخلها بالحرمان التى تألمت وعاشت دهراً من الزمن يحتسب فوق عمرها لما عاصرته.
كل مشاعر التخبط والأضطراب وهواجس التخيل لمقابلتهما تتقاتل فى عقلها بصراع وحرب مرير تتمنى وترجوا
****************
*منذ لحظة أغلاقه الهاتف مع فاهد ، وأخبره أنها معه فى السيارة قادمين الى القصر ، وهو يشعر بنشوه غربيه تهتز كيانه سيقابل أبنته من لحمه ودمه التى لم يعرف عن وجودها إلا من عام واحد فقط  ، وقد نهض من أنقاضه يحارب نفسه لتكون تحت جناحه و كنفه
*طلب من أرملة أخية السيدة هاجر والدتة فاهد ،أن تهيء القصر فقد جاءت أبنته وجعل الممرض المسؤل عن خدمته أن يجهز له الكرسى المتحرك فقد قرر مقابلة ابنته واستقبالها عند بوابة القصر

*****************
كان كمشهد درامى من أحد المسلسلات العربية القديمة ، حيث دخول السيارة ببطئ من البوابة الخارجية للقصر حتى الداخل
حيث يقف أمام البوابة الداخلية السيدة "هاجر " ، والسيد "غافر" على كرسيه المتحرك وبجوارهم بعض الخدم والأقارب

لتقف السيارة وينزل منها فاهد أولاً ثم يفتح الباب لتخرج "سلام " فتاة قصيرة القامة لا يتعدى 155سم ذات شعر أسود معكوف على شكل كعكة تحت الكاب الذى تغطى بيه شعرها وعيون زرقاء قد وارثتها عن أمها  ، ترتدى بنطال من الجينز الازرق الممزق قليلاً عند الركبه وعليه تيشرت أبيض كت يظهر من القميص الشفاف الذى ترتديه فوقه
لتمد يدىها الى داخل السيارة لتحمل "مراد " الذى غفى من تعب الطريق والسفر

كانت كطفلة مراهقة تحمل طفلاً صغير ، وهى تسير الى الامام بتوتر شديد
حتى وقفت أمام "غافر " وهو ينظر لها بعين دامعه متشوقه متألمة
ليقترب منها "فاهد " ويأخد منها "مراد " ويحمله عنها ، ويحثها بنظره أن تقترب من "غافر " وتنحنى لمستواه الجالس على الكرسى
بمجرد أقتربها شدها "غافر " وأحتضنها بذراعيه يود لو أنه يدخلها داخل أضلاعه من شدت فرحه وسعادته  ،أما "سلام " شعرت وهى داخل أحضانه بالفراغ وكل الصراعات والقتالات التى كانت تدور بخلدها تبددت واختفت ، شعرت بلذه كالدفئ والأمان
كطائر كان يجوب السماء يبحث عن عشه وقد وصل إليه أخيراً

**************


#خلود عبيد

رواية قلب شارد بقلم خلود عبيد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن