شروق وغروب(7)

1K 37 11
                                    

نظر (علاء) لنا بوجه اكتسى بلون احمر جمع بين الدهشة والخوف والغضب وهو يقول:

-(حمزة) فى خطر.. لقد خطفوه!! !!

لأول مرة أشعر بأن الموت أهون على قلبى من تلك اللحظة..

انخلع قلبى من مكانه وشعرت بصدمة وحاولت ان اصرخ او ابكى او اى شىء لكنى لم استطيع فجأة وجدت العالم بأكملى اختفى من امامى فقط صورة (حمزة) فى كل مكان من حولى ونظرت الذهول فى عينى لا تتحول ولا تتبدل..

افقت فجأة لأجد ثلاث اطباء واثنين من الممرضين يقفون عند رأسى واحداهن تصرخ:

-لقد بدأت فى الافاقة.. الحمد لله..

تلاها صوت احد الاطباء من بعيد :

-امامها ساعة للافاقة.. ستفتح عيناها وتشعر بكم لكن لن تستطيع التحدث بسبب المهدئات.. اريد ان اعرف ما اصابها فورا.. لقد كانت حالتها مستقرة.. كيف انهارت بهذا الشكل..

كنت اراهم بالفعل..

(علاء) بدا متماسكا قليلا كعادته لكنى اعلم ان قلبه يحوى نارا مشتعلة.. سمعته يجيب الطبيب بكلمات لم افهمها جيدا وانا اقاوم تلك الغيبوبة التى تحيط بعقلى.. بعدها انسحب مع الدكتور خارج الغرفة..

(شروق) منهارة استغلت خروج الاطباء واقتربت منى قائلة:

-انا آسفة.. كان يجب ان انتبه له اكثر.. صدقينى لا اعرف كيف حدث كل هذا.. كان معى لاخر لحظة..

قالتها وانهارت اكثر فى بكاء حار..

لكن غيبوبة مريعة طافت حول عقلى وانا اقول بوهن:

-أين (حمزة).. أين إبنى؟؟!!

اقتربت هامسة:

-لاتقلقى..سيعود باذن الله..

لم اكن استطع التحدث الا نادرا..

لكنى لست قادرة على فهم اى شىء بعد..

استمر الامر لساعة كاملة اراهم واسمع كلماتهم تتداخل حتى بدأت استوعب الامر حينها فقط هدئت شروق وأكدت لى كل مخاوفى..

لقد اتصل ذلك المجهول مرة أخرى.. واكد ان (حمزة) بخير لكنه اغلق السماعة فورا وقال ان ننتظر عندما تحين لحظة الحساب..

لكن ما معنى لحظة الحساب.. وما المقصود بهذه الكلمة؟؟!!

"علاء.. اين علاء.. اريد علاء فورا"

صرخت بالكلمة فجأة فردت شروق التى ترتجف:

-لقد خرج مع الدكتور (عبد العظيم) منذ ساعة ولم يعود حتى الآن..

لم اقوى على القيام من مكانى لكن قلبى يرتجف اخشى ان اصاب بالجنون لقد ضحيت بكل شىء من اجل (حمزة)..

كيف ضاع..

كيف اخذوه منى..

كنت انظر لشروق بلوم شديد..

فجأة وجدتنى اصرخ فيها:

-انتى السبب كان يجب أن تحميه.. كان يجب ان تكونى له أم.. كان يجب ان اعرف ان هذا سيحدث منذ البداية..

كنت اعرف ان ثورتى ليس لها ما يبررها ..

لكنها كانت السبيل الوحيد لافراغ كل الغضب الذى تملك قلبى..

وكل العذاب الذى اشعر به..

صرخت وصرخت..

فجأة انفتح باب الغرفة ودخل (علاء) مفجوعا مع الدكتور (عبدالعظيم) الذى ضغط زرا بجوار السرير وهو يحاول تهدئة ثورتى:

-اهدئى.. اهدئى..

وسرعان مادخلت ممرضة من خلفه:

-نعم يا دكتور..

نظر لى بغضب:

-والآن أما ان تهدئى او سأجعلها تجلب المهدىء مرة اخرى..

تملكنى الخوف.. المهدىء لن يجعلنا ادرك ماحولى

وانا اريد الاطمئنان على حمزة بأى شكل..

حاولت الهدوء..

فصرف الدكتور ممرضته واغلق الباب قائلا وهو ينظر ل(علاء) :

-اسمعينى الآن.. يجب ان تهدئى.. كل هذا الانفعال خطر على حالتك الصحية..

ثم التفت ينظر لعلاء متسائلا:

-ارجو مراعاة حالتها الصحية.. ابعدوها عن المشاكل .. مفهوم..

رد (علاء) :

-نعم.. نعم.. مفهوم بالطبع..

قالها ثم عاد يلتفت لى وانا انصت جيدا بينما انزوت (شروق) فى ركن الحجرة ولم ينقطع بكائها وان بدا صامتا.. ثم اكمل:

-ارجوكى اهدئى.. (حمزة) بخير.. سيكون بين أحضانك قريبا جدا..

كنت اعرف انها مجرد كلمات هدفها الوحيد أن أطمئن..

كنت اعرف لكن ما باليد حيلة..

دموعى تساقطت على وجهى..

قلبى انفطر كأن سكينا انغرس فيه..

عقلى يكاد ينفجر..

ومن بين لحظات السكات انفجرت فجأة صارخة فى وجهه :

-ابنى يا (علاء).. اريد (حمزة) بأى ثمن.. هل تفهم بأى ثمن..

فجأة صرخ الدكتور فى ممرضته:

-المهدىء بسرعة.. بسرعة..

استجابت الممرضة سريعا وغرست المهدىء فى المحلول المثبت فى اوردتى ثم خرج الدكتور وممرضته..

واختفت الدنيا من امامى ولكنى قبل ان اغيب عن الوعى نهائيا رأيت علاء يرفع هاتفه ويقول:

-حسنا.. انا موافق على كل شىء.. فقط لا تؤذوه ارجوكم..

قالها ثم التفت الى شروق بحزن قائلا:

-مصير ابنى بين يديكى الآن..

وكانت هذه اخر كلمة سمعتها..

بعدها غبت عن الوعى..

نهائيا..

*****يتبع

شروق وغروب (أ. حسام أبوحطب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن