شروق وغروب(12)

960 39 4
                                    

لا يمكن ان يتخيل اى شخص لحظة عودتى للمنزل.. 

لقد كاد قلبى يخرج من مكانه ليرقص فى وسط الصالة ويعود مرة اخرى رغم الكرسى المتحرك الذى اجلس عليه.. 

ولم يعكر صفو فرحتى سوى مرآة الصالة التى مررت بها لارى ذلك المسخ الذى صنعه مرض السرطان بى.. 

لقد صرت مسخا بالفعل حتى اننى  لم اعود نصف امرأة او ربع امرأة حتى.. لقد صرت لا شىء.. وجه بلا ملامح تقريبا.. لا حواجب ولا شعر ولا شىء يدل على كونى امرأة.. 

لاحظ علاء الامر فوقف امام المرآة ليمنعنى من التحديق فيها حتى لا تسؤ حالتى وهو يقول :

-كل شىء سيكون على مايرام.. الاطباء اكدوا ذلك لن تمر بضعة اشهر حتى تعودين جميلة الجميلات مرة اخرى.. 

كنت اعلم انها مجرد مجاملة.. طلبت من (علاء) ان انام مع (حمزة) فى غرفته فأنا مازلت لا اقوى على اى جهد.. 

تأملت شقتنا للمرة الاولى منذ شهور فأدركت أن (شروق) كانت حريصة على نظافتها وترتيبها بنفس الشكل الذى كنت أفعله فلم تغير اى شىء من مكانه سوى اشياء بسيطة لاتكاد تذكر 

وعندما سألتها قالت أنها أرادت الا يشعر (علاء) او (حمزة) بأى إختلاف كأنى كنت معهم طوال الوقت فشكرتها على ذلك وشكرتها انها كانت الى جوارهم طوال الوقت.. لن انسى انها ضحت يوما بكل ماتملك من أجل إبنى(حمزة) 

فى المساء جاء (علاء) من العمل فاستقبلته (شروق) بابتسامة حسدتها عليها فهى جميلة متألقة رغم مجهود الحمل فلم يتبقى الكثير على ولادتها فقد حدث مالم يكن فى حساباتى وهو ان اشفى من هذا المرض اللعين يوما واصبح انا وامرأة اخرى نتشارك نفس الرجل وفى نفس البيت.. 

أستأذنت (شروق) فى دخول الغرفة حاملة الطعام ومن خلفها علاء وحمزة واصروا على ان نأكل جميعا معا واكد علاء ان هذه فكرة (شروق) فابتسمت لها شاكرة وبدأنا فى تناول الطعام لكن فجأة ارتفع رنين جرس الباب.. 

طلب منا علاء استكمال الطعام وذهب ليرى من بالباب ولكن صوته ارتفع فجأة وكأنه فى مشاجرة مع شخص اجش الصوت بشكل غريب فى حين لحقته (شروق)صارخة :

-يا الهى انه عمى.. كنت اعرف ان عائلة ابى لن تسكت على كل هذا.. كنت اعرف.. 

لم اقوى ان اتبعها وشعرت بالعجز وانا اراها تهرع الى علاء بينما اجلس انا فى الغرفة لا استطيع تحريك جسدى.. 

وارتفع الصوت اكثر واكثر.. 

واختلطت الاصوات فى شجار حاد.. 

وهوى قلبى.. 

بين قدماى.. 

لم استطع القيام من مكانى فمازلت اعانى من العلاج الكيماوى الذى غزا اجزاء جسدى وجعله واهنا لكنى كنت استمع لحديثهم بانصات.. 

علاء يصرخ:

-لولا انك فى بيتى لكان لى تصرف اخر ولكنى لن اقبل منك كلمة واحدة هل تفهم.. 

ليرد الرجل بغطرسة:

-انت لا تساوى عندنا جناح بعوضة ايها الطامع فى ميراثها ..نحن نعرف كيف نجعلك تدفع ثمن مافعلته بأخى (عزيز) .. ستعرف يوما ما من هو (عزيز الشامى) ومايمكن ان تفعله عائلة (الشامى).. 

ويبدو انه نظر ل(شروق) صارخا:

-أما انتى فلنا معكى حساب اخر.. 

صرخ فيه (علاء) :

-اسمع يارجل عليك ان تخرج من هذا الباب ولا تعود الى هنا مرة اخرى لقد طردت من سبقك ويبدو انك تستحق الطرد مثلهم.. او ستلاقى مصير (عزيز الشامى) الذى تتباهى به.. 

رد الاجش وقد ارتفع صوته:

-هل تظننى غبى كل ماتعيش فيه من نعيم هو من مال أخى.. انت مجرد حقير.. انت مجرد طماع عرف كيف يتسلق على جدار عائلتنا ويتلاعب بعقل تلك الفتاة ليأكل ميراثها.. انا اعرف كيف انتقم (لعزيز) جيدا.. لن اسكت.. هل تفهم لن اسكت.. 

صوته يبتعد والباب ينغلق و(شروق) تبكى بحرارى و(علاء) يحاول تهدئتها بشتى الطرق ووجدتنى اناديها بصوتى الواهن لكن يبدو انها لم تسمعنى لارتفاع صوت نحيبها ومر الوقت بطيئا حتى وجدت (علاء) يدخل الغرفة بوجه احمر من الغضب الذى يحاول كتمانه.. 

اعرف انه يحوى بركان فى صدره الان لكنه كعادته يسعى لاخفاءه امامى وفى نظراته شىء من اللوم فأنا اسبب كل مايحدث وان كنت قد احسست فى دفاعه عن (شروق) حب غريب.. حب يلتمع فى عينيه منذ تنازلت عن كل شىء من أجل (حمزة) ابننا.. حب ربما لازال وليدا لكنه تملكه بشدة.. 

هنا فقط  وجدتنى أسأله سؤالا صريحا:

-هل أحببتها لهذه الدرجة؟؟ 

******يتبع

شروق وغروب (أ. حسام أبوحطب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن