بعد ذلك الإحساس الغريب العجيب ، القاسي القاهر ، الشعور الذي لا يطاق ، الذي يجعلنا كل مرة نحس و كأنها المرة الأخيرة ، و كأن الحياة قد انتهت ، الشعور الذي يراودنا و يجعل عقولنا تتوقف عن التفكير و قلوبنا تتوقف عن الخفقان ، الشعور الذي يجعلنا نعتقد أن عقارب الساعة توقفت و هي تسير دون علمنا ، حتى أدركنا لما سميت عقارب الساعة بالعقارب أجل إنها عقارب ، هاهو الوقت يضيع و يضيع ، لو أنك لن تسرع و تفوز على الوقت ، عندها فقط تستطيع أن تقول الحياة توقفت😢
بعد ذلك الشرود الطويل ، سجا تحرك وسيم و تصرخ "وسيم...."
للأسف لم يعد لوعيه ، كان كالجثة الهامدة يجلس فوق كرسيه ، دموعه تنهمر على خديه ، لا يقوم بأي ردة فعل كالمشلول بالضبطتبكي الأم و تصرخ:"لقد مات أباك ، لقد مات يا وسيم، لم؟؟ لم لم تنقذه ، أنت حتى لم تره منذ عامين !!! كما أنكما متخاصمان، أنا....أكرهك يا بني ..حتى أنني لا أطيقك....لعن الله الأبناء أمثالك"
عاد إلى وعيه أخيرا "أ....مي.....أبي..."
سجا:"وسيم...وسيييم أنا أناديك أكثر من نصف ساعة ،..و لم تبكي؟؟"
سجا تقول أنها لم تر وسيم يبكي قط طوال حياته ، لم يبك بتلك الطريقة أبدا ، لقد كان يبدو كالطفل البريء الذي لم يرتكب أي ذنب في حياته ، احتضنته سجا بقوة "قل لي وسيم رجاءا ، مابك حبيبي! ، أنا ...لا أتحمل حالتك هذه"
بعد تفكير وجيز ، مسح وسيم دموعه و مسك سجا"سجا...سجا أنت؟؟....أنت ستنقذينه ، أنا أثق بك، كما أنك أكبر جراحة ، لديك ...أكبر مستشفى ، ستنقذينه أليس كذلك؟؟؟"
سجا:"وسيم اهدأ اهدأ، و أخبرني بالتفصيل ما الذي حدث!"
وسيم:"أبي يحتضر😭"
سجا:"ما....ذا؟"
الدموع في عينيه "سجا ستنقذينه أليس كذلك ...كما أنك ....تحبينني أليس كذلك؟ ستنقذينه من أجلي ..."
تصرخ سجا :"وسييييم، أصمت ...أفففف لن يحدث له شيء سأبذل قصارى جهدي من أجل إنقاذه و كما قلت أنت تثق بي أليس كذلك!"
وسيم:"أجل ، أثق بك أكثر من نفسي"
سجا:"إذن كن قوي ، و لا تستسلم"
اقتربت منه و احتضنته كما تحتضن الأم ابنها ، تمسح في شعره و تقبله"لن يحدث شيء حبيبي"اشترت سجا بطاقات السفر لدبي، و عند وصول تلك البطاقات إلى بيتها ، جهزت حقيبتها و حقيبة وسيم ، ودعت أسرتها ، أخذت وسيم و رحلت ، كانت تمسكه من يده بكل طاقتها خوفا عليه ،
"نرجو من المسافرين لبلد دبي الإستعداد ، الطائرة على وشك الإقلاع"
تنظر سجا لوسيم و الإبتسامة على وجهها ، لكن حزنه قد تغلب عليه لم يقم بأي ردة فعل ، ها قد ركبا الطائرة و جلسا على مقعديهما ، كلما جاءت المضيفة تحمل بعض المأكولات الخفيفة و العصير حملت سجا البعض منها لوسيم لكنه لم يرد الأكل ، لم يرد سوى الصمت و التفكير ، كل ما فعلته من أجل أن تنسيه لكن كل محاولاتها باءت بالفشل
بعد الوصول إلى دبي و بعد نزول الطائرة مسكت سجا وسيم من يده و نزلت أخيرا بعد 9 سنوات عادت لبلدها الحبيبة ، شعرت بالراحة أخيرا ، ذهبا لبيت الخالة ، لم يجدا سوى أخ وسيم في البيت أخبرهما بأن حالة الأب خطيرة و قد نقل للمستشفى ليلة الأمس ، ذهبت سجا و وسيم للمستشفى ، لقد كان مستشفى متواضع يعني لأناس الطبقة المتوسطة ، عندما وصلت سجا كان كل أطباء و ممرضي المستشفى يحيونها و مسرورون بأن جراحة عظيمة مثلها قد زارت مستشفى وضيع مثل ذاك ، دخلت سجا الغرفة سلمت على خالتها التي كانت في حالة يرثى لها ، و باشرت في فحص حالة الأب ، لقد كان يعاني من سرطان في الرأس و كانت عمليته خطيرة جدا ، فإذا قام بالعملية إما سيصبح أعمى للأبد أو سيبقى مشلول للأبد إذا حدث خطأ حجم الذرة
وسيم:"ستنقذينه أليس كذلك "
سجا:"إن شاء الله"، دخل وسيم للغرفة لرؤية والده
وسيم:"بابا سامحني على كل شيء أنا حقا أحبك لكنك تعلم كيف هي شخصيتي"
الأب:"لا بأس بني ، أعرفك جيدا"
ابتسم وسيم قائلا:"ستشفى فأنت بين يدي أعظم دكتورة ، إنها سجا ابنة خالتي أتتذكرها؟"
الأب:"أجل بني....بني اعتني بنفسك و بأمك و اخوتك اتفقنا!"
وسيم:"أبي ...لم تقول هذا!"
الأب:"لا شيء مجرد قول"
قبل وسيم جبين والده ثم عاد مع سجا و أمه للبيت،
باتا ذلك اليوم في بيت الخالة ، و سجا المسكينة لم تذق للنوم طعما ، كانت تحمل حاسوبها و تدرس كل ما يخص حالة المريض ، كل الظروف اللازمة و النتائج الممكنة ، كانت تدون كل شيء في دفتر صغير ، لكن للأسف لم تنجح عملية مثل هاته أبدا في تاريخ البشرية ، كل من أصابو بحالة كهذه قد ماتوا ، واحد فقط منهم نجا في العملية لكنه مات بعد أسبوع بسبب عدم تحمل جسمه ، تحدثت سجا مع الجراح الذي قام بتلك العملية لكنه أخبرها بأنها مستحيلة ، كل الجراحين و الأطباء و كل المختصين و العلماء لحد الآن لم يجدوا حلا لمثل هاته الحالة ، لكن سجا بذلت كل جهدها و وجدت طريقة لعدم المساس بعقل المريض و هي أن تقوم بالعملية عن طريق الأنف و كانت هاته هي الطريقة الصواب
في الصباح و بعد الوصول لتركيا نقل زوج خالتها لمستشفاها ، و خالتها كانت بجانبه بالإضافة لها و لوسيم ، كالعادة الصحافة تهتم لعملية المريض و قد قامت سجا بمقابلة قبل العملية و أخبرتهم بالطريقة التي اكتشفتها ، كالعادة الكل يقول بأنها أعظم جراحة في هذا العصر و لا يوجد حتى من ينافسها في ذاك اللقب
راحت سجا تجهز نفسها للعملية ، ها قد ارتدت السترة الزرقاء و مسكت شعرها بذلك الكيس ، عقمت يداها و وضعت القفازات و عندما كانت ستدخل الغرفة نظر إليها وسيم و أشار إليها بحركة تعني أثق بك ، ابتسمت و دخلت لعمليتها تلك ، ها قد انتهت 3 ساعات و سجا لم تباشر في عمليتها ، كانت تركز جيدا كي لا يحدث أي خطأ معها ، في حياتها المهنية هذه أهم عملية بالنسبة لها لأنها تخص نور حياتها ، أخيرا و بعد تدقيق شديد باشرت في عمليتها متكلة على الله عزوجل ،
وسيم في الخارج يدعو لأباه بكل ما فيه لقد كان أباه شخصا طيبا للغاية لكن وسيم لم يكن الإبن المطيع له ، كان يفعل ما يشاء و لا يتخذ رأي أباه ، كان كل ما يفعله من أجل الضحك و اللهو ، لكن الآن و في هاته اللحظة قد علم أهمية أباه بالنسبة له ،كانت حالة وسيم في هاته اللحظة مختلفة تماما عن كافة لحظات حياته ،لقد كان منقسما تماما ، جزء يقاوم و جزء ينهار ، جزء يحن و جزء يصد، جزء ينتظر و جزء لا يبالي ، هل عندما تعيش و أنت تكره أن تعيش نفاق؟؟
ها أنت مع هذا تموت و تكره أن تموت ، و لست تنزع للفراق ،ستقول أن الموت اجبار ، و أن العيش يا صاح اختيار،لكن قتل النفس شاق،أنا لا أقول بأن دنيانا تطاق ، فالعيش في الدنيا وشم هوائها المسموم لا شك اختناق ،لكن من الأرجى لنا استسلامنا للعيش أيضا،
مثلما للموت سلمنا و متنا..فلنعش علا وصلنا لاتفاقهاهي تقوم بالعملية بكل تركيز و بكل مافيها، كانت تقوم بالعملية و كأنها تقول للموت"رجاءا ، عدي يا موت ليس الآن، خذيه في وقت لاحق....أنا...أرجوك لا تأخذيه...لازال أبنائه بحاجة إليه ...أرجوك"
أخيرا بعد 5 ساعات و 24 دقيقة و 39 ثانية ، انتهت العملية و قد كانت النتيجة......😴😴😴 النجاااح
أكيد النجاح ، لقد قامت بها هي أجل هي من قامت بها و كيف لها أن لا تنجح ، بعد تلك العملية أصبحت ألماسات سجا تسيل ، لقد شعرت بالفخر و بالراحة أخيرا أعادت الحياة لحياتها بحد ذاتها ، خرجت تقف أمام الباب ليأتي وسيم مسرعا"ماذا؟؟"
سجا:"لقد نجحت وسيم"
حملها وسيم يصرخ و السعادة غامرة من عينيه"شكرا شكرا ، أنا....أعشقك يا أنت!"
سجا:"وسيم انزلني الكل ينظر إلينا لقد فضحتنا"
بقيا يضحكا معا حتى أتت أم وسيم تشكر ابنة اختها على ما فعلته من أجلهم
سجا:"لا شكر على واجب خالتي ، كما أن زوجك بمثابة أبي "
بعد خروجهم من المستشفى و العودة للبيت ، كانت سجا تستحم و تغني حتى سمعت صوت هاتفها ، خرجت مسرعة من الحمام
سجا:"آلو"
الممرضة:"دكتورة سجا نحن بحاجة إليك ، زوج خالتك وضعه غير مستقر ، كما أن ضغطه ينخفض و نبضات قلبه........"
سجا:"ماذا؟؟؟ لقد كان وضعه مستقر ...كيف؟؟؟"
ارتدت ثيابها و سارعت للمستشفى ، دخلت إلى غرفة المريض مسرعة ، لقد كان يموت ، أشغلت جهاز الإنعاش
سجا"ضعيه على 360"
الممرضة:"لكن 360 مرتفع لا؟؟"
ث
تصرخ سجا وتقول:"قلت ضعيه على 360؛و اصمتي ..وقحة. ....أصلا أنت مفصولة منذ الآن اخرجي...."
عملت كل ما بوسعها أخرجت كل طاقتها كي لا تخسره كانت تبكي و تقول:"أرجوك عمي أرجوك....هيا انهض هو يحتاجك أرجوك..."
مسك المريض بيدها قائلا:"سجا اهتمي به جيدا "
ابتسم "أنا أحبه أكثر من كل أبنائي هو ...شخص طيب جدا...اهتمي به رجاءا"
سجا:"أجل أجل عمي الآن فقط ، ارتاح...و ستقول له ذلك بنفسك أوكي!!"
بقي يبتسم و يبتسم ، يمسك بيد سجا ، سجا تفعل كل شيء من أجل أن ينهض ،لكن........القدر يفوز دائما ، لقد مات توقف قلبه، صرخت سجا بأعلى ما تستطيع"لااااااااا"
أصبحت تبكي و تقول:"ساعة الوفاة1:30:02 صباحا ، لقد فقدناه"
كانت تبكي بحرقة و تقبل يده:"لم تركته ، لم!!!"
حملت الممرضة الهاتف:"سيد وسيم صويكن ابن السيد خالد صويكن ، أباك توفي قبل دقيقتين ، نرجو منكم الإستعداد لإخراجه، و التجهيز لمراسم الجنازة"
صمت وسيم طويلا ، حتى فقد وعيه و سقط على الأرض ، أخيرا نهض على صوت سجا"وسيم...😶"
كانت عيناها منتفخة ، و وجهها محمر احمرار الدم ، شعرها ساقط فوق صدره ، يداها ترتجف"آسفة وسيم لقد فقدناه" ،نهض مصدوما من فراشه ، لم يسرف دمعة واحدة عليه، لقد كان جامدا مصدوما لا يع شيئا،
خرج من المستشفى لتلحق به سجا تركض ،
قال أحد الماشيين:"هههه أنظر ، جراحة عظيمة مثل هذه تسعى وراء شحاد كهذا و هو لا يضع لها اعتبار، يا لقسوتك يا دنيا "
بقي وسيم يمشي و يمشي حتى وصل إلى الشاطئ
سجا:"وسيم...أنا ..آسفة.. لا أعلم ما حدث لقد كانت حالته مستقرة ، و العملية نجحت 100% ، لا أعلم كيف أصيب بأزمة قلبية ، لكن هذا قضاء الله و قدره ويجب عليك الرضا بذلك"
صرخ وسيم قائلا:"أصمتي...أصمتي.فقط اصمتي"
سجا:"آ....وس..يم"
وسيم:"ارحلي عني أريد البقاء لوحدي"...
أنت تقرأ
هوس الحب❤
Historia Cortaرواية تتحدث عن بنت لا تعرف معنى الحياة ،تتحدث عن بنت كرهت كل شيء في حياتها بسبب حفرة وقعت فيها إسمها"الحب"، تتحدث عن ما فعلته الحياة بها ،و عن التغير الذي حدث لها أثناء سن المراهقة ،و عن حبها الكبير الذي تحول إلى هوس و أقلب حياتها رأسا على عقب فلنبد...