الجزء السادس و العشرون:

14 2 0
                                    

بعد ذلك الإحساس الغريب العجيب ، القاسي القاهر ، الشعور الذي لا يطاق ، الذي يجعلنا كل مرة نحس و كأنها المرة الأخيرة ، و كأن الحياة قد انتهت ، الشعور الذي يراودنا و يجعل عقولنا تتوقف عن التفكير و قلوبنا تتوقف عن الخفقان ، الشعور الذي يجعلنا نعتقد أن عقارب الساعة توقفت و هي تسير دون علمنا ، حتى أدركنا لما سميت عقارب الساعة بالعقارب أجل إنها عقارب ، هاهو الوقت يضيع و يضيع ، لو أنك لن تسرع و تفوز على الوقت ، عندها فقط تستطيع أن تقول الحياة توقفت😢
بعد ذلك الشرود الطويل ، سجا تحرك وسيم و تصرخ "وسيم...."
للأسف لم يعد لوعيه ، كان كالجثة الهامدة يجلس فوق كرسيه ، دموعه تنهمر على خديه ، لا يقوم بأي ردة فعل كالمشلول بالضبط

تبكي الأم و تصرخ:"لقد مات أباك ، لقد مات يا وسيم، لم؟؟ لم لم تنقذه ، أنت حتى لم تره منذ عامين !!!  كما أنكما متخاصمان، أنا....أكرهك يا بني ..حتى أنني لا أطيقك....لعن الله الأبناء أمثالك"
عاد إلى وعيه أخيرا "أ....مي.....أبي..."
سجا:"وسيم...وسيييم أنا أناديك أكثر من نصف ساعة ،..و لم تبكي؟؟"
سجا تقول أنها لم تر وسيم يبكي قط طوال حياته ، لم يبك بتلك الطريقة أبدا ، لقد كان يبدو كالطفل البريء الذي لم يرتكب أي ذنب في حياته ، احتضنته سجا بقوة "قل لي وسيم رجاءا ، مابك حبيبي! ، أنا ...لا أتحمل حالتك هذه"
بعد تفكير وجيز ، مسح وسيم دموعه و مسك سجا"سجا...سجا أنت؟؟....أنت ستنقذينه ، أنا أثق بك، كما أنك أكبر جراحة ، لديك ...أكبر مستشفى ، ستنقذينه أليس كذلك؟؟؟"
سجا:"وسيم اهدأ اهدأ، و أخبرني بالتفصيل ما الذي حدث!"
وسيم:"أبي يحتضر😭"
سجا:"ما....ذا؟"
الدموع في عينيه "سجا ستنقذينه أليس كذلك ...كما أنك ....تحبينني أليس كذلك؟ ستنقذينه من أجلي ..."
تصرخ سجا :"وسييييم، أصمت ...أفففف لن يحدث له شيء سأبذل قصارى جهدي من أجل إنقاذه و كما قلت أنت تثق بي أليس كذلك!"
وسيم:"أجل ، أثق بك أكثر من نفسي"
سجا:"إذن كن قوي ، و لا تستسلم"
اقتربت منه و احتضنته كما تحتضن الأم ابنها ، تمسح في شعره و تقبله"لن يحدث شيء حبيبي"

اشترت سجا بطاقات السفر لدبي، و عند وصول تلك البطاقات إلى بيتها ، جهزت حقيبتها و حقيبة وسيم ، ودعت أسرتها ، أخذت وسيم و رحلت ، كانت تمسكه من يده بكل طاقتها خوفا عليه ،
"نرجو من المسافرين لبلد دبي الإستعداد ، الطائرة على وشك الإقلاع"
تنظر سجا لوسيم و الإبتسامة على وجهها ، لكن حزنه قد تغلب عليه لم يقم بأي ردة فعل ، ها قد ركبا الطائرة و جلسا على مقعديهما ، كلما جاءت المضيفة تحمل بعض المأكولات الخفيفة و العصير حملت سجا البعض منها لوسيم لكنه لم يرد الأكل ، لم يرد سوى الصمت و التفكير ، كل ما فعلته من أجل أن تنسيه لكن كل محاولاتها باءت بالفشل
بعد الوصول إلى دبي و بعد نزول الطائرة مسكت سجا وسيم من يده و نزلت أخيرا بعد 9 سنوات عادت لبلدها الحبيبة ، شعرت بالراحة أخيرا ، ذهبا لبيت الخالة ، لم يجدا سوى أخ وسيم في البيت أخبرهما بأن حالة الأب خطيرة و قد نقل للمستشفى ليلة الأمس ، ذهبت سجا و وسيم للمستشفى ، لقد كان مستشفى متواضع يعني لأناس الطبقة المتوسطة ، عندما وصلت سجا كان كل أطباء و ممرضي المستشفى يحيونها و مسرورون بأن جراحة عظيمة مثلها قد زارت مستشفى وضيع مثل ذاك ، دخلت سجا الغرفة سلمت على خالتها التي كانت في حالة يرثى لها ، و باشرت في فحص حالة الأب ، لقد كان يعاني من سرطان في الرأس و كانت عمليته خطيرة جدا ، فإذا قام بالعملية إما سيصبح أعمى للأبد أو سيبقى مشلول للأبد إذا حدث خطأ حجم الذرة
وسيم:"ستنقذينه أليس كذلك "
سجا:"إن شاء الله"، دخل وسيم للغرفة لرؤية والده
وسيم:"بابا سامحني على كل شيء أنا حقا أحبك لكنك تعلم كيف هي شخصيتي"
الأب:"لا بأس بني ، أعرفك جيدا"
ابتسم وسيم قائلا:"ستشفى فأنت بين يدي أعظم دكتورة ، إنها سجا ابنة خالتي أتتذكرها؟"
الأب:"أجل بني....بني اعتني بنفسك و بأمك و اخوتك اتفقنا!"
وسيم:"أبي ...لم تقول هذا!"
الأب:"لا شيء مجرد قول"
قبل وسيم جبين والده ثم عاد مع سجا و أمه للبيت،
باتا ذلك اليوم في بيت الخالة ، و سجا المسكينة لم تذق للنوم طعما ، كانت تحمل حاسوبها و تدرس كل ما يخص حالة المريض ، كل الظروف اللازمة و النتائج الممكنة ، كانت تدون كل شيء في دفتر صغير ، لكن للأسف لم تنجح عملية مثل هاته أبدا في تاريخ البشرية ، كل من أصابو بحالة كهذه قد ماتوا ، واحد فقط منهم نجا في العملية لكنه مات بعد أسبوع بسبب عدم تحمل جسمه ، تحدثت سجا مع الجراح الذي قام بتلك العملية لكنه أخبرها بأنها مستحيلة ، كل الجراحين و الأطباء و كل المختصين و العلماء لحد الآن لم يجدوا حلا لمثل هاته الحالة ، لكن سجا بذلت كل جهدها و وجدت طريقة لعدم المساس بعقل المريض و هي أن تقوم بالعملية عن طريق الأنف و كانت هاته هي الطريقة الصواب
في الصباح و بعد الوصول لتركيا نقل زوج خالتها لمستشفاها ، و خالتها كانت بجانبه بالإضافة لها و لوسيم ، كالعادة الصحافة تهتم لعملية المريض و قد قامت سجا بمقابلة قبل العملية و أخبرتهم بالطريقة التي اكتشفتها ، كالعادة الكل يقول بأنها أعظم جراحة في هذا العصر و لا يوجد حتى من ينافسها في ذاك اللقب
راحت سجا تجهز نفسها للعملية ، ها قد ارتدت السترة الزرقاء و مسكت شعرها بذلك الكيس ، عقمت يداها و وضعت القفازات و عندما كانت ستدخل الغرفة نظر إليها وسيم و أشار إليها بحركة تعني أثق بك ، ابتسمت و دخلت لعمليتها تلك ، ها قد انتهت 3 ساعات و سجا لم تباشر في عمليتها ، كانت تركز جيدا كي لا يحدث أي خطأ معها ، في حياتها المهنية هذه أهم عملية بالنسبة لها لأنها تخص نور حياتها ، أخيرا و بعد تدقيق شديد باشرت في عمليتها متكلة على الله عزوجل ،
وسيم في الخارج يدعو لأباه بكل ما فيه لقد كان أباه شخصا طيبا للغاية لكن وسيم لم يكن الإبن المطيع له ، كان يفعل ما يشاء و لا يتخذ رأي أباه ، كان كل ما يفعله من أجل الضحك و اللهو ، لكن الآن و في هاته اللحظة قد علم أهمية أباه بالنسبة له ،كانت حالة وسيم في هاته اللحظة مختلفة تماما عن كافة لحظات حياته ،لقد كان منقسما تماما ، جزء يقاوم و جزء ينهار ، جزء يحن و جزء يصد، جزء ينتظر و جزء لا يبالي ، هل عندما تعيش و أنت تكره أن تعيش نفاق؟؟
ها أنت مع هذا تموت و تكره أن تموت ، و لست تنزع للفراق ،ستقول أن الموت اجبار ، و أن العيش يا صاح اختيار،لكن قتل النفس شاق،أنا لا أقول بأن دنيانا تطاق ، فالعيش في الدنيا وشم هوائها المسموم لا شك اختناق ،لكن من الأرجى لنا استسلامنا للعيش أيضا،
مثلما للموت سلمنا و متنا..فلنعش علا وصلنا لاتفاق

هاهي تقوم بالعملية بكل تركيز و بكل مافيها، كانت تقوم بالعملية و كأنها تقول للموت"رجاءا ، عدي يا موت ليس الآن، خذيه في وقت لاحق....أنا...أرجوك لا تأخذيه...لازال أبنائه بحاجة إليه ...أرجوك"
أخيرا بعد 5 ساعات و 24 دقيقة و 39 ثانية ، انتهت العملية و قد كانت النتيجة......😴😴😴 النجاااح
أكيد النجاح ، لقد قامت بها هي أجل هي من قامت بها و كيف لها أن لا تنجح ، بعد تلك العملية أصبحت ألماسات سجا تسيل ، لقد شعرت بالفخر و بالراحة أخيرا أعادت الحياة لحياتها بحد ذاتها ، خرجت تقف أمام الباب ليأتي وسيم مسرعا"ماذا؟؟"
سجا:"لقد نجحت وسيم"
حملها وسيم يصرخ و السعادة غامرة من عينيه"شكرا شكرا ، أنا....أعشقك يا أنت!"
سجا:"وسيم انزلني الكل ينظر إلينا لقد فضحتنا"
بقيا يضحكا معا حتى أتت أم وسيم تشكر ابنة اختها على ما فعلته من أجلهم
سجا:"لا شكر على واجب خالتي ، كما أن زوجك بمثابة أبي "
بعد خروجهم من المستشفى و العودة للبيت ، كانت سجا تستحم و تغني حتى سمعت صوت هاتفها ، خرجت مسرعة من الحمام
سجا:"آلو"
الممرضة:"دكتورة سجا نحن بحاجة إليك ، زوج خالتك وضعه غير مستقر ، كما أن ضغطه ينخفض و نبضات قلبه........"
سجا:"ماذا؟؟؟ لقد كان وضعه مستقر ...كيف؟؟؟"
ارتدت ثيابها و سارعت للمستشفى ، دخلت إلى غرفة المريض مسرعة ، لقد كان يموت ، أشغلت جهاز الإنعاش
سجا"ضعيه على 360"
الممرضة:"لكن 360 مرتفع لا؟؟"
ث
تصرخ سجا وتقول:"قلت ضعيه على 360؛و اصمتي ..وقحة. ....أصلا أنت مفصولة منذ الآن اخرجي...."
عملت كل ما بوسعها أخرجت كل طاقتها كي لا تخسره كانت تبكي و تقول:"أرجوك عمي أرجوك....هيا انهض هو يحتاجك أرجوك..."
مسك المريض بيدها قائلا:"سجا اهتمي به جيدا "
ابتسم "أنا أحبه أكثر من كل أبنائي هو ...شخص طيب جدا...اهتمي به رجاءا"
سجا:"أجل أجل عمي الآن فقط ، ارتاح...و ستقول له ذلك بنفسك أوكي!!"
بقي يبتسم و يبتسم ، يمسك بيد سجا ، سجا تفعل كل شيء من أجل أن ينهض ،لكن........القدر يفوز دائما ، لقد مات توقف قلبه، صرخت سجا بأعلى ما تستطيع"لااااااااا"
أصبحت تبكي و تقول:"ساعة الوفاة1:30:02 صباحا ، لقد فقدناه"
كانت تبكي بحرقة و تقبل يده:"لم تركته ، لم!!!"
حملت الممرضة الهاتف:"سيد وسيم صويكن ابن السيد خالد صويكن ، أباك توفي قبل دقيقتين ، نرجو منكم الإستعداد لإخراجه، و التجهيز لمراسم الجنازة"
صمت وسيم طويلا ، حتى فقد وعيه و سقط على الأرض ، أخيرا نهض على صوت سجا"وسيم...😶"
كانت عيناها منتفخة ، و وجهها محمر احمرار الدم ، شعرها ساقط فوق صدره ، يداها ترتجف"آسفة وسيم لقد فقدناه" ،نهض مصدوما من فراشه ، لم يسرف دمعة واحدة عليه، لقد كان جامدا مصدوما لا يع شيئا،
خرج من المستشفى لتلحق به سجا تركض ،
قال أحد الماشيين:"هههه أنظر ، جراحة عظيمة مثل هذه تسعى وراء شحاد كهذا  و هو لا يضع لها اعتبار، يا لقسوتك يا دنيا "
بقي وسيم يمشي و يمشي حتى وصل إلى الشاطئ
سجا:"وسيم...أنا ..آسفة.. لا أعلم ما حدث لقد كانت حالته مستقرة ، و العملية نجحت 100% ، لا أعلم كيف أصيب بأزمة قلبية ، لكن هذا قضاء الله و قدره ويجب عليك الرضا بذلك"
صرخ وسيم قائلا:"أصمتي...أصمتي.فقط اصمتي"
سجا:"آ....وس..يم"
وسيم:"ارحلي عني أريد البقاء لوحدي"...

هوس الحب❤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن