الفصل الثامن (سبيل الغفران)

1.1K 50 7
                                    

الفصل الثامن :

"هذا آخر ما عندي يا "مالك" إما أن تتزوجها وتعيد لي حفيدتي وإما سأغضب عليكَ لآخر يوم بعمري ولتنسى أن لك أم من الأساس"

ظلت كلمة أمه تُعاد في أذنه طوال طريقه إلي منزل "ليث" .. الحيرة تزداد لحظة بعد لحظة ليس بوسعه فقدان والدته فهي آخر من تبقي له وليس بمقدوره أن يفعلها .. يود ؟!

نصف قلبه الأحمق يود وبشدة بل يكاد يقسم أنه يطير فرحًا أما النصف الآخر فيواصل تعذيبه وجلده بسياطه المؤلمة .. هل بإمكانه فعلها ؟! هل سيتزوج بأخري ويهنأ بحياته بعدما خسرت هي حياتها .. بعدما أفقدها سعادتها .. بعدما خذلها وخانها وآلم روحها .. أنى له السعادة ؟!

ولا يمكنه أن يزيل ابنته من الصورة أبدًا .. هي تحب "رؤى" وهو لن يتمكن من أن يربيها بمفرده بل ولا يتمكن من رؤيتها لبضع لحظات من الأساس لذا ففكرة أن يأخذها من "رؤى" ليرضي أمه غير مطروحة .. لكن مهلًا لماذا تتجه أفكاره إلي جانب آخر ؟!

لا يود أن تتألم "رؤى" وتعود لشعورها بأنها عاقر ولن تُنجب أبدًا .. لا يود أن تتذوق مرارة فقدان الإبن بعدما حظيت بنعيم الأمومة .. شاء أم أبي .. ألمها ألمه وسعادتها سعادته حتي وإن كان في البعد أو .. القرب !!

الأمر حُسِمَ بصعوبة بالغة والنتيجة كانت لصالح الموافقة علي مُراد والدته .. ولازال هناك عقبة بل والعقبة الكبرى .. "ليث"

فُتِح الباب ليطل منه "آسر" الذي فوجئ بوجوده "مالك" ليتحدث بمزاح لا يخلو من نبرة الهم التي أصبحت لا تفارق" مالك" مؤخرًا :

ـ أري أنك أصبحت مقيمًا لدي "ليث"

أجابه "آسر" بسخرية :

ـ ألا تري أيضًا أنه مريض وعاد من المشفي الأمس فقط وواجبي كصديق أن أظل بجواره وأسانده ؟! فضلًا عن وجود مجهول يحاول القضاء عليه هو وأسرته

ابتسم بتهكم وهو يجيب :

ـ نعم ليس لأنه يعيش بنفس المجمع السكني الذي تعيش به حبيبتك التي لا تعيرك أي اهتمام وتحاول أن تكون قريبًا منها بوجودك الدائم هنا

رد "آسر" بخبث :

ـ علي الأقل أحاول لست كما البعض

توتر "مالك" بقوة ليجيبه :

ـ ما الذي تقصده ؟!

قال بتقرير :

ـ ما أقصده واضحٌ يا "مالك" .. أتظن أني لا أري كيف تتوتر حينما يذكر "ليث" أسمها ؟! حينما يحادثها وأنت إلي جواره ؟! حينما يربطك بها في جملة يتحدث فيها عن ابنتك التي تربيها ؟! كُفَ عن إيلام نفسك واستفق العمر لازال أمامك لكنك تزال تدفن نفسك في ثري الماضي .. أنا لا أعلم ماذا حدث بالضبط ولا متي أحببتها فصلتي بك ليست قوية وأنت بالطبع لا تتحدث ..
معرفتي بك كانت فقط عن طريق "ليث" الذي أصبح صديقي منذ خمسة سنوات بعدما أصبح يعمل معنا للقضاء علي تلك الشبكة الإجرامية القذرة وصدقني لولا أني وجدتُ بك شخصًا جيدًا حقًا لما كنت أنت أيضًا صديقي الآن .. لقد علمتني مهنتي معرفة الناس من المقابلة الأولي فقد مرَّ علي أكثر بكثير مما يخطر علي بالك ومنذ اللحظة الأولي لم أري سوي معدنك الجيد الذي لا تقدره بتاتًا .. جميعنا خطائون يا "مالك" فنحن بشر .. أنا أجهل طبيعة ما حدث بينك وبين زوجتك لتصل إلي هذا الحال ولكن صدقني هناك فرصة لتكون أفضل .. لن تأتيك هذه الفرصة بإبتعادك عن ابنتك أو حياتك كالميت في رُفات الماضي .. إن كنت تود أن تُعَوض زوجتك فافعل ذلك بمنح ابنتها الحياة الأفضل .. منحها أب سيبذل المستحيل لأجلها .. سيمضي رغم آلامه في سبيل إسعادها وجعلها الأفضل

وهج الإثم (الجزء الأول)+ سبيل الغفران( الجزء الثاني)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن