الفصل الرابع عشر (سبيل الغفران )

840 30 6
                                    

الفصل الرابع عشر :

تقلبات الحياة تغير كل شىء .. "مايا" التي كان سببه إعجابه الأكبر بها قوتها وبأسها للمرة الأولى يراها بمثل هذه الهشاشة و الضعف وكأنها تبدلت وأصبحت أخرى .. كان قد ذهب إليها بعد مرور يومين من الجنازة للإطمئنان على حالها ..

تحدث "آسر" بقلق حقيقي:

ـ هل أنتِ بخير ؟!

ضحكت بسخرية وعينيها تغيم بغمامات الحزن :

ـ لن أصبح بخير بعد الآن .. لقد فقدت كل شىء يا "آسر" .. فقدت أبي الذي كان أماني وقوتي .. فقدت أختي التي لا أعلم ستعود لطبيعتها مرة أخرى أم لا .. فقدت عائلتي بأكملها في يوم واحد ولا أعلم لما ؟!

حاول تهدئتها قائلًا :

ـ سيصبح كل شىء على ما يرام صدقيني .. والدك كان بطلًا ولم يؤذي أحد برغبة منه أبدًا بل على العكس تمامًا ما كان يعرف عنه كان الخير فقط ومثواه بأذن الخالق هو الجنة  و"ملك" ستصبح بخير وستتجاوز الصدمة .. لقد ورثت القوة من والدك فكيف أن تنهيها هذه العاصفة الصغيرة .. وأنا دائمًا هنا يا "مايا" هذه المرة لن أذهب لمكان يكفي فقط أن تناديني أو تطلبي  مني شىء وسيكون مُجاب

أجابته بين عبراتها :

ـ لقد كنتُ في الأصل سأطلب منك طلب .. دمُ أبي لن يترك علي الأرض يا "آسر" .. أرجوك جد قاتله مهما كلف الثمن فأنا أقسم أني لن أرتاح سوى بعدما أرى نهايته بعيني

رد بعزم :

ـ لا تقلقي هذا ما كنت سأفعله دون أن تقولي .. الأمر هذه المرة تخطى كل المرات السابقة ونهاية ذلك ال***** ستكون أبشع بكثير مما يتصور

نظرت له نظرة شاكرة ثم قالت :

ـ يجب أن أصعد لأجلس لأرى إن كانت "ملك" تحتاج شيئًا

أجابها قائلًا :

ـ تفضلي بالطبع وقولي ل "انس" أني أريد الحديث معه

بعد عدة دقائق كان "أنس" قد هبط للأسفل مقفهر الوجه حينما قال :

ـ هل هناك جديد ؟!

نفى "آسر" قائلًا :

ـ لا ولكن لم تسنح لي الفرصة للحديث معك .. أنا آسف لما سأقوله ولكن ألا ترى أن ماحدث كان غريب بعض الشىء

وضع "أنس" يده على رأسه بتعب ثم قال :

ـ أن القاتل لم بقتل "ملك" أيضًا بل وكسر يديها الاثنتين

أجاب "آسر" :

ـ إنه لا يريد موتها لسبب غير معروف ولكن معنى كسره ليديها هو أنها رأته وهو يعلم أنها لا تتحدث فأعاق الوسيلة الوحيدة التي تمكنها من التواصل مع الآخرين

قال "أنس" بإستنتاج :

ـ "يوسف"

رد "آسر" مكملًا :

ـ للأسف نعم فهروبه من السجن دليل أكبر ولكنه ليس بمفرده كما أن من يساعده ليس "ماجد" طليق زوجة "ليث" فلا علاقة له ب"ملك" ووالدها هذا أولًا وثانيًا هو أنه رجل أعمال كبير ولن يدخل في أمور تشبه القتل وما شابه نهاية أفعاله هي التهديد والتخويف ولا شىء آخر .. الأمر يزداد تعقيدًا لكن لا تقلق سنجده

أجاب "انس":

ـ سأجده .. سأجده مهما كلف الثمن وستكون نهايته على يدي
..........................................................

لا يدري إن كان قد نام ليلتها أم لا .. لا يود أن تضيع منه ثانية دون أن يتأملها .. تذكر الأمس حينما جاءت مساءًا لباب منزله ونظرت له بألم ثم ألقت بنفسها بين ذراعيه .. بكاؤها يقتله ولكن سعادته بوجوها إلي جواره وأنها لم تجد سواه ملجئًا لها قد بلغت عنان السماء .. للحق هو كان يتألم بشدة .. خالها وإن كان قد منعه عنها وعن "سيلين" فكان هدفه حمايتهما ولن ينسى له أبدًا كم ساعده وكيف حماه من أن يقضى عمره الباقي في السجن .. بل ولا يستطيع أن يمنع نفسه من التفكير في أنه قد يكون سبب ما حلَ به

فتحت عينيها بتثاقل فقام بمداعبة شعرها الذي كان قد اشتاق إليه ثم قال بحب :

ـ صباح الخير ما كل هذا النوم ؟!

لم ترد عليه ووضعت وجهها علي ذراعه وعقلها لم يتخلص من تردده .. هل كانت محقة في ذهابها إليه ؟! لا تعلم ولكنها كانت بحاجته للغاية وكان عليها وضع كل ما حدث بينهما جانبًا ..

مسد على شعرها بحنو قائلًا :

ـ هيا استيقظي كفى نوم

فتحت عينيها مرة أخرى لتنظر لعينيه بجدية قائلة :

ـ وجودي هنا الآن لا يعني أنني نسيت كل ما حدث

ابتسم بتفهم قائلًا :

ـ أعلم ولكن مجرد قدومك لي في وقت إحتياجك الدعم بحد ذاته يكفي ليكون سبب أمل كبير لي .. لن نتكلم عن هذا الآن .. أنتِ بحاجتي وأنا كذلك ولا يوجد أكثر في الوقت الحالي .. سنظل بجوار بعضنا البعض حتى تنقضي هذه المحنة ثم سنعاود الحديث بكل ما جرى

وهج الإثم (الجزء الأول)+ سبيل الغفران( الجزء الثاني)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن