13 : تحطم

690 25 9
                                    

مرت دقائق وهي صامته تتطلع به فقط..كيف يكون هكذا ..بارد..قاسي..عديم الرحمة..متحجر القلب ..وتلك النظرات التي اصبحت تكرهها..كره واشمئزاز....الم يشعر بالندم ولو قليلا علي مافعله ...لما كل هذا ...لما؟!!

وقبل ان تتحدث او تحاول شرح ماحدث لوالدتها سمعت صوت اصطدام شئ بالارض..فالتفتوا جميعا الي مصدر الصوت فوجدوا صلاح ممدد علي الارض فاقد الوعي الذي كان قد آتي وسمع اخر حديثهم..
جرت الي والدها والدموع تسيل منها كالمطر : انا اسفه..آسفه

وضعوه علي السرير بمساعده مالك الذي ما ان لاحظت لميس وجوده حتي الان قالت بصوت عالي يملؤه الكره والحقد : اخرج من هنا
طالعها ببروده المعتاد هامسا بجانب اذنها : انتظرك في الاسفل ...زوجتي العزيزة وغادر من امامها بشموخ كأنه لم يحطم سعادة عائلة منذ قليل...

مرت دقائق وهي تنتظر ان يفيق والدها ولم تخلو تلك الدقائق من نظرات والدتها ..عتاب..حزن..حسرة وقليل من الاشمئزاز..تمنت لو تموت بدلا من ان تري تلك النظرات التي كانت كالسكاكين تغرز في قلبها ..والدتها ..والدتها التي كانت دائما بجانبها اذا كان صوابا واذا كان خطئا تنصحها بعدم فعله مرة اخري...لكن لها كامل الحق فيما تفعله بل كان عليها ان تقتلها لكن ستضحي بكل شئ لسعادتهم حتي لو كانت ستضحي بنفسها وتتعذب طوال حياتها بسبب هذا الذي يسمي " زوجها "لا يهم اي شئ سوي عائلتها...

سمعت همسات من والدها ينادي بإسمها فأسرعت اليه ودموعها هبطت من جديد
لميس ببكاء : بابا..هل انت بخير وقامت مسرعه تحضر له كوب من الماء البارد وساعدته علي الجلوس ثم ناولته الكوب الذي اخذ منه رشفات قليله ثم وضعته مرة اخري..
رد عليها صلاح بألم وقد تذكر ماحدث : لما فعلتي هذا لميس..اذا كنت تحبيه كنتي اخبريني وكنت سأوافق عليه بدون تردد اذا كان هو مصدر سعادتك ..
اذداد بكائها ونحيبها بسبب كلمات والدها فهو لم يغضب او يثور عليها او حتي يصفعها وكانت تتمني ان يحدث هذا حتي يفرغ شحنه حزنه بها لكن هذا اذداد الامر سوءا فأصبحت تري نفسها قذرة للغاية لما فعلته وانها السبب في انهيار والدها هكذا...
ردت عليه بعد ان مسحت دوموعها بإيدي مرتعشه : سأخبرك كل شئ بابا ..كنت مضطره لان افعل هذا ..انا آسفه..ارجوك ثق بي
نظر لها بدقه وقد استشعر الصدق من عينيها ونظرة الرجاء التي تنظر له بها وهذا الحزن الذي يغلف عينيها الفيروزيه التي ذبلت بسبب كثره الدموع فقال بنبرة هادئه لكن قوية : حسنا لميس سأعطيكي فرصه..ابتسمت لسماع تلك الكلمات البسيطة الخارجه من فم والدها لكن ابتسامتها اصبحت تقل تدريجيا عندما اكمل حديثه : لكن قبل هذا لن نتحدث معك انا ووالدتك حتي تخبرينا ما حدث معك..

بالتأكيد ستوافق فهي لم تكن تتوقع ان يحدثها والدها بهدوء وايضا يصغي لها ويصدقها كم فرحت وسعدت بثقته العمياء بها واصبحت تفتخر به اكثر من ذي قبل فهو ليس مثل معظم الاباء الاخرين بل هو متفهم..حنون..هادئ وايضا لم يعنفها او حتي يهينها لهذا وجدت الدموع تنزل من عينيها مرة اخري وهذه الدموع تحولت الي شهقات متألمه حزينة تبكي كطفل صغير ضائع وخائف من الذي يحدث حوله..
اما صلاح في تلك اللحظه تأكد انها اجبرت علي هذا الزواج فهو يعلم تربية ابنته واخلاقها فهي فتاه نقية بريئه وايضا هي تتحدث معه كل يوم وتحكي له تفاصيل يومها فعلم ان هناك خطبا ما لكن لا مانع بقليل من القسوة حتي تتعلم الا تخفي شيئا مرة اخري علي عائلتها ..
اقترب منها وعانقها بحنان ابوي لم يستطع اخفائه وربت علي كتفها هامسا ب( اهدأي..سيتحسن كل شئ)
لكن اصبح صوت بكائها يتعالي اكثر بدون اراده منها ..تبكي كل شئ ..تبكي حزنها وقهرتها ..تبكي الظلم الذي تعيش به ..تبكي السعادة التي افتقدتها ..تبكي هذا العالم الذي دمرها ولم يجعلها تعيش بسلام وهدوء ..تبكي هذا الزواج اللعين ..كانت دائما تحلم بالزواج عن حب ..لكن حب ماذا في هذا الزمن الغدار...لا يوجد حب ..لا يوجد صدق ومحبه...لا يوجد شئ...يوجد فقط قسوة وظلم..
هدأت قليلا ثم خرجت من أعناق والدها التي كانت تتمني ان تظل بها حتي يخبرها احد ان ماتعيشه الان ليس سوي حلم بشع ...قامت بهدوء تتجه الي والدتها التي ما ان رأتها قادمة نحوهها ادارت وجهها للجهه الاخري..
ابتسمت بإنكسار ثم ذهبت لغرفتها مقفلة الباب خلفها ..اخذت حقيبه كبيرة الي حد ما تضع بها ملابسها واشيائها مثل صورها او اي شئ اخر ..اي شئ يأخرها علي الذهاب اليه ...تريد فقط الجلوس بجانب عائلتها الي الابد لما هذا صعب الي هذه الدرجه؟!

حب من كابوس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن