قررت مارية العودة إلى البيت و تبعها شهاب فقد كانت الشمس قد غربت فعلا ، دخل الجميع بيوتهم بحلول ذالك الوقت و لم يبقى من الناس إلى القليل جدا ، و ذالك لأن عادة هاذه القرية هوا النوم مبكرا ، كان الليل هادئا و السماء مظلمة فأخذا يمشيان على الرصيف بهدوء و هما يستمتعان بالجوء ، وحين أقتربت من بيتها و لم يبقى إلا القليل على وصولها إليه ، رأت جارتها سلمى و هيا تركض نحوها فختبئ شهاب على الفور ، أو بالأحرى ، إختفى .
الجارة سلمى و هيا تستعيد أنفاسها : أين كنتي يا مارية ؟!
مارية بقلق : مالذي حدث ؟!
الجارة سلمى : إنها والدتك ... والدتك يا مارية .
مارية : ماذا ؟! ما الذي حدث لوالدتي .
الجارة سلمى : لقد جاء عدد كبير من الجنود المسلحين و أخذو أمك بعد أن خدَّروها ، ثم قالو لنا أنها جاسوسة خطيرة من العدو .
و في لحظة ، أخذت مارية تجري بسرعة إلى بيتها غير مصدقتا ما سمعته ، لم ترد أن يكون كلام الجارة صحيحا و تمنت من كل قلبها أنها كانت مجرد مزحة ، فأخذت تقول ببتسامة مزيفة : لا شك من ذالك ، ههههه ، أجل لا شك من ذالك ، أنا متأكدة أنها كانت تمازحني فحسب .
لاكن الأمر لم يكن كذالك أبدا ، فقد كان الباب مفتوحا و البيت كله كان في فوضى عارمة و ذالك بسبب الجنود الذين أتو للبحث عن صورة لمارية ، دخلت مارية و الخوف و القلق على أمها يعتصران قلبها ، جتث مارية على ركبتيها و بدأت بالبكاء دون توقف ، كانت تبكي و تبكي و الدموع تنزل على خديها بكثرة ، أخذت تنادي على أمها و لاكن لم يكن يأتيها أي رد ، كانت مارية محطمة من الداخل و بحالة يرثى لها من الخارج ، تبعت الجارة مارية إلى باب بيتها و لاكنها حين رأتها على هاذه الحال رأت أنه من الأفضل أن تدعها وحدها لبعض الوقت ، فعادت إلى بيتها اللذي كان سقفه مكسورا قليلا و كذالك بعض زجاج النوافذ ، و حين ذهبت الجارة سلمى ، ظهر شهاب فجأة أمام مارية .*****
أحد الجنود : سيدتي تفضلي .
الآنسة فرح و هيا تنظر إلى الصورة التي أعطاها الجندي لها : إذا هاذه هيا مارية ، ياله من وجه طفولي و ظريف .
ثم قامت من كرسيها و قالت : الآن و بسرعة إذهبو للبحث عنها و ليذهب القائد هزيم معكم ، أشعر بأنها لن تكون مهمة سهلة .
الجنود الستة : حاضر !
ثم أنصرفو جميعا و بقيت الآنسة فرح في مكتبها تنظر إلى الصورة ببتسامة خبيثة على وجهها حتى سمعت طرقا على الباب .
الآنسة فرح : ما الذي تريده ؟!
فدخل أحد الرجال المسؤلين عن الأجهزة المحيطة بالأم و أسمه جاسر بوجه غير سار .
الآنسة فرح بضحكة ساخرة : كيف حال السيدة ليان العزيزة ، ألا تزال على قيد الحياة ؟
جاسر : إنها ليست بخير إطلاقا لاكنها لا تزال على قيد الحياة .
الآنسة فرح : جيد إذا ، ما بالك تنظر إلي بهذا الوجه الغاضب ؟
جاسر : الرئيس الكبير أمرك بتعذيبيها حتى تعترف بمكان التجربة الواعدة ، و الآن بعد أن عرفتي أنها لا تعرف مكانها فعليكي إطلاق سراحها .
الآنسة فرح بنظرة مرعبة : و إن رفضت .
جاسر بتوتر: اه ، أنا لم أقصد أن أغضبك لذالك .
الآنسة فرح : جيد إذا ، هيا تابع عملك .
جاسر : لاكن يا آنسة فقط إسمعيني قليلا ...
الآنسة فرح و هيا ترفع مسدسا أمام و جه جاسر مباشرة : إياك أن تقول كلمة أخرى و إلا ...
جاسر بخوف شديد : حسنا حسنا سأذهب فقط أبعد هاذا المسدس عني .
الآنسة فرح : أسرع فقد لا أستطيع التحكم بيدي بعد الآن .
و بعد ذالك لم يجرء جاسر على النطق بأية كلمة أخرى و خرج بسرعة و هوا يتصبب عرقا من خوفه .
الآنسة فرح و هيا تعيد المسدس إلى الدرج : أنت هنا إذا .
و من زاوية مظلمة و أمام باب الطوارئ خرج الطبيب تامر : منذ متى و أنتي تعلمين أنني هنا .
الآنسة فرح ببتسامة بريئة : منذ مجيئ جاسر لاحظت وجودك يا عزيزي لذالك لم أطلق النار عليه حتى لا تعتقد بأن زوجتك المستقبلية أمرأة متوحشة .
الطبيب تامر : نحن سنتزوج أجل و لاكننا سنفعل ذالك بعد أن تنتهي كل المشاكل .
الآنسة فرح : أجل يا عزيزي بمجرد أن نجد التجربة الواعدة و نعيدها سوف نتزوج بتأكيد ، ثم أقتربت من الطبيب تامر لاكنه أبتعد و قال : نعم سنفعل لاكنني أذكرك بأن علاقتنا سرية يا فرح لذالك لا تتصرفي بطيش و تهور .
الآنسة فرح : أجل بكل تأكيد ، سأتصرف بهدوء و حكمة .
الطبيب تامر : حسنا إذا هاذا جيد ، ثم أستدار و أراد الإنصراف لاكنه توقف و قال : إذا أنتبهي إلى أفعالك مع ليان ، لا أعرف حتى كيف ستجيبين على الرئيس إن سألك عن سبب ما تفعلينه معها .
الآنسة فرح : لأني أحبك .
الطبيب تامر : هاذا السبب أفهمه أنا فقط لاكن ماذا تعتقدين أن الأخارين سيقولونه عنا .
الآنسة فرح : أنا أتصرف فلا تقلق أنت .
عاد جاسر بسرعة و جلس على كرسيه غاضبا و خائفا من الآنسة فرح في الوقت ذاته ، لاحظ الآخرون ذالك فسأله أحدهم و أسمه زين : ما الذي حدث لك يا جاسر ؟ تبدو مطربا جدا .
جاسر بعد تفكير : فلنقتلها .
زين و هوا يقوم من كرسيه مصدوما : لا تقل أنك تتحدث عن ...
جاسر : بلى .
فأخذ الجميع ينظرون إلى جاسر و الإعتراض بادٍ على وجوههم .
فأكمل جاسر : أجل أنا أتحدث عن هاذه الأم ، إن الموت أهون عليها من البقاء تحت هاذا التعذيب الغير محتمل ، و أنا متأكد من أنها تريد ذلك أيضا .
فهم الجميع ما كان يقصده جاسر لاكن لم يتفقو جميعا معه ، و مع ذالك لم يعترضو على قراره فقد كان قائدهم و المسؤل عنهم .
جاسر و هوا يحكم قبضت يده : فلنقم بزيادة قوة الصدمات الكهربائية ، هاذا سيجعلها تموت على الفور دون معاناة .
فقال زين : لا أرجوك إنها مسكينة لا تفعل هاذا .
جاسر بحزم : دعنا نحقق لها آخر رغاباتها يا زين ، إن رغبتها دون شك هوا الموت .
لم يقل زين أي شيء و قد كان أصغرهم سنا فقد كان عمره ستة و عشرون سنة فقط بينما كانت تتراوح أعمار البقية ما بين الثلاثينيات و الأربعينيات ، فشعر بالحزن و الشفقة عليها أكثر من الجميع .
رفع جاسر قوة الصدمات الكهربائية إلى أقصى درجة و جهز كل شيء ، لم يبقى له سوى الضغط على الزر الأحمر ، و بالفعل وضع يده فوق الزر و أنزلها ...
أنت تقرأ
هيكل منقذ
Fantasyدائما في أعمق الأشياء هناك ما يختبئ من الحقائق المؤكدة ... لكن جهلنا بمكانها لن يدوم للأبد ... لأنه لا بد من أن أحدهم سيكتشف مكانها يوما ما ... و مكانها هوا هنا ... كن أول من يكتشف تلك الأسرار و أنطلق في تلك المغامرة الشيقة ... لا تنسى التصويت لأنها...