من سيء إلى أسواء

32 7 86
                                    

عاد السيد تامر إلى مكتبه و شعور التوتر لم يفارقه ، جلس على كرسيه و أخذ يفكر في خطوته القادمة ، عليه ان يتأنى و يفكر مليا في كل ما سيفعله لاحقا ، فكل ما سيحدث قريبا سيكون أشد و أكثر خطورتا من ما حدث سابقا .
السيد تامر في نفسه : الآن بعد أن طلبت من المستشفى إخلاء الجميع و إخراجهم منه بقي علي أن اتصل عليهم لأتكد إن كان الجميع بخير .
بحث السيد تامر على هاتفه في أنحاء مكتبه حتى وجده بين أوراقه المبعثرة ، ضغط على بضعة أزرار ثم وضع سماعة الهاتف على أذنه و أنتظر بضع لحظات حتى أجاب شخص ما .
الشخص : مرحبا من يتكلم ؟
السيد تامر : أنا السيد الذي أخبركم عن الإنفجار .
الشخص : أها ، أنت السيد مديح .
السيد تامر : أجل أنا .
الشخص و قد بدأ يصبح جديا : لقد حدث الإنفجار حقا ! أخبرني من أنت و من أين عرفت بالإنفجار ومن أين حدث أصلا ؟!
السيد تامر بحدة : أخبرتك من قبل أن لا تسألني عن شيء .
الشخص : حسنا حسنا يا سيد أنا أسف .
السيد تامر : سوف تعرفون كل شيء في وقته ، أما الآن فأريد منكم أن تتأكدو من سلامة الجميع .
الشخص : لقد تأكدنا بالفعل ، و لدينا لائحة بأسمائهم جميعا .
السيد تامر : أريدك أن تتأكد من سلامة شخص ما .
الشخص : من هوا ؟
السيد تامر : سأعطيك عدة أسماء لأني لا أريدك أن تعرف من يكون الشخص بالتحديد .
الشخص بتردد : حسنا ...
السيد تامر : منى ، شذى ، هناء ، سارة ، ليان و رنيم .
الشخص : لحظة من فضلك .
ثم سكت قليلا ليكمل بعدها : أعد أخر أسمين .
السيد تامر و قد طغى على صوته بعض الحزن : ليان ... و رنيم .
الشخص : حسنا لقد كتبتها ، سأتأكد من سلامتهم و أبلغك بعدها .
السيد تامر : حسنا إذا ، إلى اللقاء .
ثم أقفل السيد تامر الخط ووضع الهاتف و قد أطمأن قليلا ، لكنه لم يكن يعلم ما يحدث بالجانب الآخر عند الرجل الذي حاول المحافظة على هدوءه وسط حالة التوتر و الخوف الشديد ووسط الكثير من رجال الشرطة مع العديد من الآلات لتتبع مصدر المكالمة المجهولة .

*****

منيرة بغضب : لماذا نصمت ! هل ما أقوله صحيح ؟
ثم أدخل القائد هزيم يده في جيب سترته و أخرج مسدسه بغضب ليوجهه نحوا جبين منيرة مباشرتا و يصرخ : أصمتي و إلا ...
كان يحمل مسدسه بيد و يمسك مقود السيارة بيده الأخرى ، لذلك كان مرتبكا فتارتا ينظر إلى الأمام و تارة ينظر إلى الخلف .
منيرة و هيا تخفي خوفها : و إلا ماذا ؟ هل ستقوم بقتلي ؟!
إغتنم شهاب تلك الفرصة و قرر أن يهجم على القائد هزيم في حين غفلة منه ، تقدم إلى الأمام بسرعة و أنقض على يده بقوة مما جعل القائد هزيم يصرخ : أترك يدي ! هيا توقف !
و بسبب منعطف لم يحسب له شهاب حسابا إندفعت السيارة نحوه و أصتدمت بالحاجز الذي لم يتحمل وزن السيارة و تحطم لتسقط السيارة بمن عليها من أعلى المنحدر إلى نهر كبير ذو تيار قوي .

*****

لم تكن القرية الأولى تحتوي إلا على عدد قليل من رجال الشرطة البشريين ، فمعظم الشرطيين كانو ألآت و ربوتات تعمل تحت إمرة الشرطة من البشر .
تقدم أحد المسؤلين إلى قائد الشرطة ليهمس له : سيدي هناك أمر غريب .
قائد الشرطة : ماذا هناك ؟ هل عرفتم مصدر المكالمة ؟
المسؤول بتردد : نعم و لكن ...
قائد الشرطة بحدة : و لكن ماذا ؟!
المسؤول بعد برهة من الصمت : لقد رصدنا مكان المكالمة و ... تبين أن مصدر تلك المكالمة هوا مصنع الحياة ...
صدم القائد صدمة كبيرة حتى أنه لم يستطع تصديق الأمر فقام من الكرسي الذي كان جالسا عليه و أمسك بالمسؤول من عنقه ثم صرخ عليه : هل تسمع أذناك ما يقوله فمك أيها الأحمق !
قائد الشرطة بخوف و تلعثم : س ... سيدي ... أرجوك أتركني ... إن لم تصدقني فيمكنك ... يمكنك التأكد بنفسك ...

*****

ظل الصحفيين يضربون الباب و يحاولان كسره بينما شريف و مارية واقفان بلا حراك ، إستمر الأمر هكذا حتى بدأ مقبض الباب بالخروج من مكانه و الباب بالإهتزاز أكثر .
مارية و هيا تستجمع أخر ما تبقى لها من شجاعة : شريف أختبئ !
شريف بعدم فهم : ما الذي تقولينه يا مارية ؟
مارية : إنهم يبحثون عني لا عنك ، هيا أختبئ في مكان ما بسرعة .
شريف باعتراض : يستحيل أن أتركك لهم يا مارية ! بمجرد أن يروكي فسيعرفون أنكي لستي منيرة ! بتأكيد قد شاهدوها كثيرا في مقابلاتهم !
مارية بغضب : أنت لن تتركني بل ستذهب إلى شهاب و تخبره بما حدث حتى ينقذني !
شريف بصوت مرتفع : لماذا شهاب ؟! أهوا الوحيد القادر على إنقاذك !
مارية و هيا تزداد غضبا : كفى عنادا يا شريف علينا أن ...
ثم لم يلبث وقت حتى حطموا الباب و بدأ بالدخول إلى الغرفة واحدا تلوا الأخر .
أحد الصحفيين : أهذه هيا الآنسة منيرة ؟!
واحد آخر : لا أعتقد ذلك ...
و الثالث : إنها مخادعة أمسكو بها حالا !
حاولت مارية الإبتعاد عنهم بقدر الممكن ، ووسط أولائك الصحفيين المندفعين إليهم فقد شريف التحكم بتصرفاته و تفكيره فحمل مارية التي كانت واقفة خلفه بسرعة و أندفع خارجا من النافذة بقوة ليقفز منها و هوا يحاول تغير مساره الى اليسار نحوا أقرب شجرة متدلية .

*****

لم تصدق الآنسة فرح ردة فعل السيد تامر عند الإنفجار ، هدؤءه و سكوته ، بروده وقفته و نظرته ، كلها كانت تحرق عقل الآنسة فرح غضبا و حيرة ، لم تستطع الحفاظ على هدوئها و فقدت السيطرة على أعصابها فأخذت مسدسها من على الطاولة ناوية به قتل السيد تامر ، لكنها عادت إلى رشدها عند وصولها إلى الباب فرمته أرضا و بدأت تضرب رأسها بالجدار مفرغتا غضبها فيه حتى هدأت و قالت : إهدئي ... إهدئي ... أنتي ربوت بلا مشاعر ... أنتي لا تهزمين ... هذه حرب صامتة ... حرب بالحيل و الخداع ... و سوف أكسب هذه الحرب مهما كلف الثمن ...
ثم خرجت الآنسة فرح من غرفتها بعد أن أخفت المسدس تحت ثيابها .

*****

خاف الجندي من منظر الرئيس و هوا في قمة غضبه فخرج مسرعا و هوا ينادي على أحدهم ليساعده ، و شاء القدر أن تمر الآنسة فرح من مكان الجندي فدخلت إلى مكتب الرئيس الكبير و نظرت إليه بشمئزاز ثم رفعت مسدسها لتقول بعدها بنظرة يتطاير منها الشر : لقد أنتهى حكمك أيها الكلب عديم الفائدة ! حان دوري الآن كي أحكم القرية ...
نظر إليها الرئيس و قد كان في حالة هستيرية من الغضب و فقدان السيطرة مما جعله لا يهتم لكلام الأنسة فرح أو مسدسها و تقدم نحوها ببطئ و هالة من الشر تحيط به ، لم تنتظر الآنسة فرح لحظة أخرى حتى بدأت بإطلاق ثلاث رصاصات متتالية نحوا صدر الرئيس .

*****

بينما كان الجميع منشغلا بمشاكله الخاصة بدأت الأخبار و الشائعات عن المصنع تنتشر أكثر فأكثر ، و ما جعلها تنتشر كالنار في الهشيم هوا بسبب أحد الذين كان حاضرا بين رجال الشرطة في الوقت الذي كانو يحققون فيه بأمر المكالمة فأخبر صديقه بلأمر و الصديق لم يتمكن من إقفال فمه حتى توسع نطاق المطلعين على الأمر و لم يبقى تقريبا أي أحد في القرية إلا و يعلم به ، و ذلك خلال ساعات قليلة فقط .

هيكل منقذ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن