شهاب كطاقة الشهاب

56 20 20
                                    

و حين أنتبه الشخص إلى مارية حاول قول شيء ما و لاكنه فقد الوعي قبل أن يتمكن من النطق بأي شيء ، ظلت مارية تنظر إليه لفترة و حين رأت أنه لا يتحرك أبدا و لا يتنفس أيضا ، إعتقدت أنها كانت تتوهم أنه قد تحرك بسبب ضربةٍ تلقتها على رأسها حين سقطت ، و فركت عينيها بيديها ، ثم حاولت رفعه و على عكس ما أعتقدت تماما ، فقد كان خفيفا ، و حين رفعته من على الأرض ، و بسبب معطفه المفتوح ، رأت أن جسمه لا يحتوي على شيء ، بل لم يكن جسما حتى ، كان هناك فقط عظام ، خافت بعض الشيء و لاكنها أبت أن تتركه بل قررت أن تأخذه معها ، و بالفعل ، تابعت مشيها و هيا تسحب ذالك الكائن معها .
و بينما هيا على هاذه الحال خيم الظلام عليها ، فجلست على الأرض و بدأت تستنجد لعل أحدهم يسمعها ، لاكن بلا فائدة ، فحضنت ركبتيها و أخذت تبكي ، و في اللحظة التي كادت مارية أن تستسلم للنعاس سمعت صوتا من خلفها و شعرت بحركة ما ، و كان الظلام حالكا فلم تكن ترى أي شيء على الإطلاق ، فذعرت و أصابها الخوف وقامت على الفور ثم أبتعدت قليلا ، لاكنها سمعت صوتا يقول : لماذا أنتي خائفة ؟
مارية بخوف : من أنت ؟
الصوت : حسنا أنا...أنا لا أحد .
مارية بخوف : ماذا تقصد بهذا ، هل أنت شبح ؟
الصوت : لالا بالطبع لست شبحا .
مارية : إذا كيف لا تكون أحدا إن لم تكن شبحا ؟!
الصوت : أنا فقط ليس لدي إسم ، و لاكنني أشكرك على إنقاذي .
مارية : أنا أنقذتك ؟
الصوت : هل نسيتي ، لقد أبعتيني عن مختبر الموت .
مارية بخوف : هل أنت ذالك الهيكل العظمي ؟!
الهيكل : نعم أنا ، هل تذكرتني الآن .
مارية : كيف ؟!!!
ثم شعرت بيد تلمسها من الخلف فصرخت من الرعب و أرادت أن تبتعد لاكنه أمسك بها و قال : إن أبتعدي ستضيعين .
مارية : أرجوك لا تؤذيني ، أرجوك .
الهيكل بحزن : لماذا أنتي خائفة ؟ ظننتكي مختلفة عن الآخرين .
ثم أفلتها و قال : إن أردتي الذهاب فالذهبي إذا .
و بسرعة أخذت تجري و لاكنها توقفت و قالت في نفسها : ما الذي أفعله ؟!
ثم عادت و صرخت : أين أنت ؟ أنا أسفة ، حقا أسفة .
ثم سمعت صوتا الهيكل يقول : لقد غضبت و أنتهى الأمر . و لاكنه كان يمازحها فحسب ، لاكن مارية أخذت هاذا الكلام على محمل الجد و ظنت أنه قد غضب فعلا فقالت بعد صمت قصير :
النجم يلمع بقودومك
و الليل يفرح بوجودك
إن أغضبتك هاذا المساء
فالتطر روحي للسماء
لقد أخطأت و ها أنا أعود
لأقول أسفة و أشعل العود
الهيكل : أهاذه قصيدة ، إنها جميلة حقا .
مارية : هل لازلت غاضبا مني ؟
الهيكل بعد ضحكة خفيفة : و من يمكنه أن يكون غاضبا بعد هاذه الكلام الجميل .
مارية : إذا أنت لم تعد ... و في لحظة ، إنهارت على الأرض ، و فقدت الوعي تمام .

*****

الطبيب : لقد فقدت الوعي بسبب التعب و البرد و الجروح التي أصابتها ، لاكنها بخير الآن و ستستعيد وعيها في أية لحظة .
الأم : أرجو ذالك ، شكرا لك أيها الطبيب .
فتحت مارية عينيها لتجد نفسها مستلقيتا على سرير بجانب أمها ، و أول ما قلته : أين هوا ؟
الأم و هيا تتجه إلى مارية بقلق : مارية يا أبنتي ، كيف تشعرين الآن ؟
مارية : أسفة لأني جعلتك تقلقين يا أمي ، أنا بخير ؟
الطبيب : تعالي يا سيدة ليان .
الأم : سأذهب مع الطبيب قليلا ثم أعود يا أبنتي .
مارية و هيا تمسك أمها من يدها : أمي .
الأم : ما الأمر ؟
مارية : ألم يكن معي أحدهم ، أعني أين وجتيني ؟
الأم : ما الذي تعنينه يا مارية ؟ لقد وجدتك الشرطة على الرصيف أمام دكان بجانب الغابة ، و قد كنتي وحدك .
مارية : اه ، حسنا .
خرجت الأم مع الطبيب و بقيت مارية مستلقية على السرير ، النافذه مفتوحة ، و الهواء يدخل الغرفة و يراقص الستائر المتدلية ، نظرت مارية إلى السقف ثم سمعت تغريد بعض الطيور الجميلة ، رفعت الغطاء و نظرت إلى ساقيها التي قد ضمضها الطبيب ، تنهدت ثم قالت بحزن : هل كنت أتوهم ؟ أم أن ذالك لم يكن سوى مجرد حلم .
و بحركة سريعة ، دخل أحدهم من النافذة و سقط على الأرض .
مارية : أهاذا أنت أيها الهيكل ، كيف دخلت ؟
الهيكل : لا تقلقي أنا لست قادرا على الطياران ، بل تسلقت هاذه الشجرة التي هناك . و أشار إلى شجرة كبيرة بجانب النافذة .
مارية : أنا سعيدة .
الهيكل : ماذا ؟
مارية و هيا تقفز من السرير إلى أحضان الهيكل : أنا سعيدة لأنك لست مجرد وهم ، سعيدة .
الهيكل : هل أنتي ...
مارية : أنت أول صديق لي .
الهيكل : و هل نحن أصدقاء ؟
مارية بحزن : ألا تريد أن نكون كذالك .
الهيكل : لا لا ليس الأمر كذالك ، إنما أنتي أول صديقة لي .
مارية بفرح : و أنت كذالك أول صديق لي .
كان كل من مارية و الهيكل في قمة السعادة بهذه الصداقة الجديدة بينهما ، و قبل أن يدركا ذالك فتحت أم مارية الباب بشكل مفاجئ .
الأم : مارية ما الذي تفعلينه بجانب النافذة لوحدك .
إندهشت مارية حين رأت أن الهيكل قد أختفى تماما حتى أنها لم تلحظ ذهابه .
الأم : ماذا هنالك يا مارية .
مارية : اه لا لا شيء أبدا .
الأم : حسنا إذا ، سنعود إلا البيت الآن .
مارية بنفعال شديد : ماذا الآن !
الأم : ما الذي أصابك فجاءتا هكذا ؟!
مارية بهدوء : أنا ... في الحقيقة .
الأم و هيا تتجه إلى مارية ثم تحتضنها : لا خوف عليك الآن يا أبنتي فقد أصبحت حالتك جيدة .
مارية : لاكن ...
الأم : كل شيء على ما يرام لذا لا تقلقي .
مارية بتردد : حسنا .
كانت مارية خائفة من أن تعود لبيتها فلا يعلم الهيكل بمكانها و لا يلتقيا مجددا .
فأخذت ورقة و قلم من دفتر ملاحظات كان على طاولة صغيرة بجانب السرير و كتبت التالي : أنا الآن في بيتي يا عزيزي الهيكل ، ثم كتبت عنوان بيتها ووضعت الورقة على غصن كان طرفه يصل إلى النافذة المفتوحة ، و بعدها غادرت دون أن تدرك أنها أرتكبت خطأ كبيرا .
مر اليوم بسلام ، فقد عادت مارية إلى بيتها و تعشت ، ثم بقيت في غرفتها تفكر في الهيكل و مكانه ، و تتسائل إن كان قد عثر على الورقة أم لا ، لاكن أمها قاطعت حبل أفكارها بدخولها إلى غرفتها .
الأم : مارية .
مارية : أمي ، ماذا تفعلين هنا .
الأم : لقد حان وقت النوم الآن يا عزيزتي .
مارية : حسنا إذا سأذهب لتنظيف أسناني ثم أذهب للنوم .
الأم : تصبحين على خير .
مارية : تصبحين على خير أمي .
كان الفصل في هاذا الوقت هوا فصل الخريف ، لذالك كان الجو باردا في الخارج ، لاكن مارية لم تبالي بذالك مطلقا و قررت إبقاء النافذة مفتوحة و ذالك كي يستطيع الهيكل أن يدخل إن أتى إلى بيتها ، و كانت غرفتها في الطابق الأول من البيت المكون من طابقين ، لذالك لم تكن قلقة من عدم إمكانية الهيكل الوصول إليها ، غطت نفسها جيدا ثم حاولت الخلود إلى النوم لاكنها لم تستطع فبقيت تنتظر مجيئ الهيكل .
و بعد ساعتين من الإنتظار سمعت مارية صوتا قادما من النافذة فأسرعت إلي الشرفة و أخذت تنظر يمينا و شمالا لعلها تجده ، لاكن بلا فائدة ، فقد كان الشارع خاليا من الناس و المكان بلا أصوات ، حزنت مارية و أنزلت رأسها لتجد الهيكل نائما على الأرض ، فالستغربت من ذالك و نادت عليه بصوت منخفض : أيها الهيكل . سمع الهيكل صوتها فرفع رأسه و نظر إليها ثم قفز إلى الشرفة ووقف أمامها ليجد مارية تحضنه مجددا .
مارية بسعادة بالغة : كنت قلقتا من ألا أراك مجددا ، أين كنت ؟
الهيكل : لقد كنت هنا طوال الوقت و لاكنني لم أرد الدخول لأنني ظننتكي نائمة .
مارية : أنظر إلى برودة عظامك ، كم من الوقت بقيت في الخارج ؟
الهيكل : منذ حوالي ساعة ، لاكن هاذا لم يعد مهما الآن فقد أصبحنا معن .
دخل الهيكل إلى الغرفة معها ثم خرجت مارية من الغرفة و قالت له : سأحظر لك مشروبا ساخنا ، إنتظرني هنا .
و قبل أن يقول أي شيء ذهبت إلى المطبخ و أخذت الحليب ثم أضافت إليه بعض الشوكولاته لتضعه بعدها على النار كي يسخن ، أخذت كاساتان و عبأتهما ثم خرجت من المطبخ ، و بينما هيا على وشك الوصول إلى غرفتها قابلت أمها في الممر المؤدي إلى غرفتها .

هيكل منقذ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن