الفخ الخطير

31 19 4
                                    

نزل كلام الآنسة فرح كالصاعقة على الأم المنهارة جسديا و نفسيا ، الرجل الذي لطالما أحبته و أحبها و الذي من المفترض أنه قد مات منذ تسع سنوات حي الآن و يرغب في الزواج من أمرأة أخرى غيرها ، كانت مارية دائما تسأل عنه و هيا طفلة صغيرة و تتمنى رؤيته و الأم تجيب بأنه في مهمة من أجل حماية القرية ، و لاكن حين جائها خبر موته حزنت بشدة و ظلت تبكي عليه و تفتخر لكون زوجها قد مات من أجل تحقيق هدفه و حماية قريته ، و لاكن الأن ماذا ، ما هوا الإنجاز الذي حققه منذ غيابه ، إنه فقط يقوم بأمور غير صحيحة أو ربما ممنوعة أيضا ، لقد نسيها تماما كما نسي أبنته و بيته على عكسها هيا التي ظلت تذكره دائما ، أحست الأم بأن حياتها كانت مجرد كذبة كبيرة ، أحست أن الدنيا قد وقفت ضدها و أن كل شيء قد أنتهى بالنسبة لها ، و لاكن على الرغم من كل ذالك إلا أن قلبها لم يقبل بتصديق الأمر .
الأم : يستحيل ذالك ! أنتي تكذبين بلا شك تكذبين !
الأنسة فرح : أنتي تقولين ذالك فقط كي تقنعي نفسك بأن كل ما أقوله مجرد هراء و لا أصل له ، لاكن للأسف هاذه هيا الحقيقة ، هوا لم يعد يحبك أبدا و قد أصبحتي من الماضي في ذاكرته .
لم تشعر الأم بنفسها إلا و هيا تبصق في وجه الآنسة فرح التي تسمرت في مكانها من فعل الأم المفاجئ و الجرئ .
الأم بصراخ ممزوج بالغضب و الحزن : أنتي لستي أي شيء بالنسبة له ! إنه فقط يستخدمك لأجل مصالحه و سوف يتركك بعد أن يأخذ كلما أراده منكي ! بما أنه قد تركني أنا زوجته الأولى فما الذي يؤكد أنه لن يترككي أنت أيضا !!!
غضبت الآنسة فرح غضبا شديدا و شعرت بالكره إتجاه الأم التي جعلتها تشك في حب و إخلاص تامر لها ، فقررت أن تصب كامل غضبها على الأم العاجزة و بدأت تصفعها بقوة و هيا تزمجر : خذي هاذه ... و هاذه أيضا ... سأجعلك تتمنين أنك لم تفتحي فمك القذر ...
و من قوة الضربات المتتالية بدأ الدم يسيل من فم الأم المتألمة ، لم تتوقف الأنسة فرح عن ضربها حتى بدأ أنفها يسيل أيضا و بدأ الدم يتزايد و يسوء حتى قالت الأم بصعوبة بالغة : أنتي تفعلين ذالك فقط لأنكي ... لأنكي تعلمين أنني ... على حق في كلامي ... أليس كذالك .
حينها لم تعد الآنسة فرح قادرة على تحمل المزيد فقطعت أسلاكا من جهاز كان بجانبها و لفته حول عنق الأم التي بدأت تختنق غير قادرة على التنفس .

*****

مارية : معك حق إنه هوا ، علينا أن نكون حذرين .
شهاب : علينا مراقبته جيدا .
مارية : ألديك خطة يا شهاب ؟
شهاب : حتى الآن لا لاكني سأعرف ما علينا فعله قريبا .
الرئيس الكبير و هوا جالس في مكتبه وحيد مع مساعده سالم : ما هيا الأخبار .
المساعد سالم : لقد أقتربنا كثيرا من إيجاد التجربة الواعدة يا سيدي الرئيس ، رجالنا المتنكرين منتشرون في كل مكان من القرية لأجل البحث عن الفتاة التي كتبت تلك الورقة .
الرئيس الكبير : متنكرين بماذا ؟
المساعد سالم : إنهم متنكرين كعمال نظافة و بناء و غيرها كما تنكر بعضهم كمواطنين .
الرئيس الكبير : و ما الفائدة ؟!
المساعد سالم : ماذا ؟
الرئيس الكبير بغضب و هوا يقوم من كرسيه : ما الفائدة من تنكرهم إن لم يكن هناك أي تقدم .
المساعد سالم : لاكن يا سيدي !!!
و فجأة رن الهاتف فأجاب عليه سالم بينما هدأ الرئيس و جلس مجددا ، لاكن المفاجأة الغير متوقعة كانت ...
المساعد سالم بصوت مرتفع : سيدي ! سيدي ! لقد وجدوها .
الرئيس الكبير : ماذا تقول !!!
المساعد سالم : لقد وجدو الفتاة مع شخص هم متأكدين من أنها التجربة الواعدة و هما الأن موجودان في محطة البوصلة .
الرئيس الكبير و هوا يسحب الهاتف من يدي المساعد سالم : من يتكلم ؟ أخبرني ما الذي يحدث ؟
القائد هزيم : أنا القائد هزيم بنفسه يا سيدي ، أمرت كل الجنود أن يأتو إلى هنا و نحن الأن نحاصرهم و ننتظر أوامرك يا سيدي .
الرئيس الكبير : لا تقومو بأية حركة تجعلهم يشعرون بكم إبقو هادئين !!!
القائد هزيم : ليسو وحدهم يا سيدي ، فالقائد القديم نادر موجود أيضا ، هه ، ثلاث عصافير بحجر واحد !
الرئيس الكبير : هل أنت متأكد أنه نادر .
القائد هزيم : نعم يا سيدي إنه هوا و كما يبدو فإن الفتاة و التجربة الواعدة يراقبانه .
الرئيس الكبير : لا لا توقف إياك أن تهاجم ! بمجرد أن تظهرو فإنه سيهرب دون أن تستطيعو رؤيته حتى !!!
القائد هزيم : إذا ما الذي علي فعله ؟!
فكر الرئيس الكبير بضع لحظات ثم قال : سوف نستغل نادر للإمساك بالتجربة الواعدة ...
القائد هزيم : و كيف سنفعل ذالك ؟
الرئيس الكبير : سأتصل به و أخبره بالموقف ثم أطلب منه أستدراجهما إلى الغابة حيث ستنصوبون فخا هناك .
القائد هزيم : و ما هوا هاذا الفخ ؟
الرئيس الكبير : سأرسل بعض الرجال إلى مكان الفخ و معهم ألآت التي ستجعل التجربة الواعدة تضعف و تفقد وعييها تماما .
القائد هزيم : و كيف ستقنع نادر بأن يفعل ذالك من أجلنا ، هل ستتوسل إليه ؟
الرئيس الكبير ببتسامة عريضة : هه ، سأخبره أنني سأجعله يعود إلى منصبه في مختبر الموت إن فعل ما أطلبه منه .
القائد هزيم بغضب : هل تمازحني ! هاذا يعني أنني سأفقد منصب القائد .
الرئيس الكبير : لا تضحكني هاكذا أيها الغبي ، بتأكيد سأكذب عليه ، يستحيل على أي شخص الهروب ثم العودة إلى هنا على قيد الحياة ، حالما يحضرهما إلى الموقع و ينضم إليكم أطلقو عليه النار .
القائد هزيم : حسنا إذا إتصل به و أنا سأتبعه ، لاكن أين سيكون الموقع بالتحديد ؟
الرئيس الكبير : أنت لا تقلق ، فقط قم بعملك .
ثم أقفل الرئيس الكبير الخط ، نظر الرئيس الكبير إلى سالم بنظرة تعلوها الشر و الفرحة بالإنتصار المبكر .
المساعد سالم : هل ستتصل به الآن يا سيدي .
الرئيس الكبير : و دون أن أنتظر لحظة واحدة .
و بسرعة قام بطلب رقم نادر و أنتظر أن يجيب ......
نادر : ماذا ؟! الرئيس الكبير يتصل بي ...
مارية : أنظر إنه يمسك هاتفه ، أيمكن أن تكون مكالمة من أحدهم .
شهاب : معكي حق أنظري إليه إنه يرد .
الرئيس الكبير : مرحبا .
نادر بتردد : ما الذي تريده ؟
الرئيس الكبير : أود تقديم خدمة إليك .
نادر : م ... ماذا .
الرئيس الكبير : أتريد أن تعود إلى منصب القائد يا نادر ؟
نادر : لا لا أريد .
ثم أقفل نادر الخط .
مارية : لقد أوقف المكالمة .
شهاب ترى إلى من كان يتحدث ؟
مارية : ها هوا يتصل من جديد .
الرئيس الكبير : لقد أقفل الخط في وجهي و لاكن ، و لاكنك سترى يا سالم أنه سيصل مجددا .
و كما قال الرئيس الكبير فقد أتصل نادر مجددا و لكي يستفزه الرئيس الكبير لم يرد على الفور بل أنتظر لبعض الوقت و حين أجاب .
الرئيس الكبير : ما الأمر أنا مشغول الآن .
نادر : أنا أسف يا سيدي في الحقيقة أنا أريد أن أعود إلى منصبي .
الرئيس الكبير ببتسامة ساخرة : إنسى الأمر فلقد غيرت رأي .
نادر : أرجوك يا سيدي أنا أسف أعدك بأن أصبح قائدا جيدا .
الرئيس الكبير : حسنا إذا يا نادر سأمنحك فرصة أخيرة .
نادى : شكرا لك يا سيدي .
الرئيس الكبير : لا تلفت إلى الخلف و أنا أحدثك لأن هناك فتاة مع التجربة الواعدة يراقبانك .
نار : ماذا ، أهما خلفي الآن !!!
الرئيس الكبير بتعصب : قلت لك لا تلفت يا نادر !
نادر : لم أفعل ذالك يا سيدي لا تقلق .
الرئيس الكبير : هاذا جيد ، ما عليك فعله الآن هوا إستدراجهما إلى المنطقة الشرقية من الغابة عند منطقة البستن و بالتحديد في الوادي الاخضر ، سنكون هناك للقضاء عليهما .
نادر : و بعد ذالك سأعود لمنصب القائد ؟
الرئيس الكبير : بتأكيد يا نادر لا تقلق .
نادر : برهن لي على ذالك .
الرئيس الكبير : ماذا ؟!
نادر : ماذا لو فعلت ما تطلبه ثم قتلني رجالك .
توتر الرئيس الكبير قليلا لاكنه حافظ على هدوءه ثم قال : أيعقل أنك تقول هاذا لأنك خائف يا نادر أقصد أيها القائد نادر .
نادر : اه لا لا يا سيدي لاكن .
الرئيس الكبير : لاكن ماذا ها ، القائد الحقيقي لا يخاف من شيء و يتقدم للمهمات بشجاعة ، أيمكن أنني أخترت القائد الخاطئ ؟
نادر : لا لا يا سيدي بالطبع لم تتخذ قرارا خاطئا سوف أذهب الآن لتنفيذ الخطة .
الرئيس الكبير : جيد .
و بعد أن أقفل الرئيس الكبير الخط قال له سالم : سوف أذهب الآن لأنادي على السيد تامر كي يجهز لنا كل الآلات التي سنحتاجها .
الرئيس الكبير : إفعل ذالك بسرعة .
المساعد سالم قبل أن يغادر : حاضر .
و بعد أن خرج سالم بدأ الرئيس الكبير بضحك ضحكة عالية مخيفة ثم جلس على كرسيه و شبك بين أصابعه ليقول بعدها بكل خبث : أخيرا سيبدأ العرض .

*****

مارية : شهاب ألا تشعر أن المكان قد صار مزدحما فجأة .
شهاب : أليس الوضع هاكذا دائما .
مارية : لا أبدا ، لم أرى مثل هاذا الإزدحام في حياتي إلا في المناسبات الخاصة كالأعياد و المهرجانات .
شهاب : ألا تشعرين أننا مراقبان .
مارية ببتسامة بعد صمت : ألا تعتقد بأننا نبالغ قليلا .
شهاب : ربما بسبب التوتر و الخوف .
مارية : لاكنني لست خائفتا أو متوترة .
شهاب : و لا أنا .
سكت الإثنين لبضع لحظات حتى لاحظو أن نادر بدأ يتحرك .
مارية : ها هوا لقد بدأ يمشي .
شهاب : تذكري أن نتبعه بحذر .
مارية : حسنا .
و هاكذا أخذ شهاب و مارية يتبعان نادر و هما لا يعلمان أنهما على وشك الوقوع في فخ خطير .

هيكل منقذ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن