١١

243 21 56
                                    

تقف في المطبخ مُرتدية الزيّ الهندي التقليدي، شعرها الكستنائي الذي طال مؤخرًا مرفوع على هيئة ذيل حصان مبعثر، بينما عينيها كانت تتابع ما تفعله بتركيزٍ بالغٍ يظهر جليًا على ملامح وجهها المنهكة.

الساعة الآن قاربت على الحادية عشر صباحًا، وليليا تقوم بإعداد الطعام الشهيّ منذ ساعةٍ كاملةٍ بالضبط، أي منذ الوقت الذي استيقظت فيه، وأيقظت معها زوجها الذي مازال في غرفته ويرتدي ثياب عمله.
ريان قد اخبر ليليا في الأمس أنه مضطر أن يذهب إلى الشركة اليوم، لقد تركها لمدة شهر كامل دون مراقبة أو اهتمام لكل ما يحدث من مشاكلٍ هناك؛ لذا هو يتوجب عليه العودة إلى العمل، ومزاولته كما كان يفعل في السابق، يجب أن يُنظم حياته العملية والعاطفية جيدًا، خاصةً وأنه أصبح متزوجًا الآن وليس عازبًا!

صوت خطوات منتظمة تسللت إلى مسامع ليليا، يليه دلوف والدة ريان التي أصدرت تنهيدة طويلة من بين شفتيها، تعبر عن راحتها الشديدة برؤيتها لليليا أمامها، ومن ثم سرعان ما قالت بصوتٍ متعبٍ:"يا قدير! لقد بحثت عنكِ كثيرًا في غرفتكِ أنتِ وريان، لكنكِ لم تكونِ هناك... منذ متى وأنتِ هنا، ابنتي! وماذا تفعلين؟".

ألتفتت ليليا بابتسامةٍ بشوشةٍ مرتسمة على محياها، ومن ثم أجابت على والدتها بالقانون في كل تهذيب، قائلة:"استيقظت قبل ريان؛ كي احضر له الإفطار قبل أن يرحل، هو ذاهب إلى الشركة اليوم؛ لذا على الأقل يجب أن يتناول شيئًا يسد جوعه".

"لكن ريان لا يتناول أي شيء في الصباح من المنزل، هو يكتفي بشرب كوب من القهوة فقط، وأحيانًا كثيرة لا يفعل" نبست السيدة سونيا بجدية وهي تقف بجانب ليليا التي عادت تهتم بالطعام الموضوع على النار، لكنها نظرت لها لثواني قبل أن ترفع كتفيها وتنزلهما ببلاهةٍ:"أنا لم أكن على درايةٍ بهذا الأمر، ريان لم يكن يعمل طوال ذلك الشهر الماضي".

بررت ليليا بجهلٍ وهي تُخرج الأطباق اللازمة من مكانها، ومن ثم تابعت بحكمة تحت أنظار السيدة سونيا المهتمة:"ثم أنه يجب عليه تغيير عاداته، أمي، هو لن يبقى طوال حياته هكذا؛ لذا اليوم هو اليوم الأول في كسر الروتين الممل ذاك".

رفعت السيدة سونيا حاجبيها في إعجابٍ من كلام ليليا، وسرعان ما بدأت تساعدها في تحضير باقي وصفات الإفطار، والتي كانت قد كتبتها مسبقًا في ورقةٍ، والصقتها على باب الثلاجة؛ كي تتذكر ما الذي ستفعله.

مجرد لحظاتٍ قليلة مرت على كلتيهما وهما يحضران الطعام، حتى شعرا بدخول شخصٍ ثالثٍ، والتي ما كانت سوى چيا التي عانقت ليليا من الخلف، ريثما تحركها يمينًا ويسارًا كالأطفال، قائلة بصوتٍ مرح:"زوجة أخي اللطيفة، صباح الخير".

ابتسمت ليليا بوسع على لطافة چيا المفرطة التي تتشابه بها مع ريان، وما لبثت ثانية أخرى حتى شعرت بقبلةٍ عميقةٍ تُطبع على وجنتها، تزامنًا مع سماعها صوتٍ رجولي متذمر يصدر من خلفها، زوجها الغيور قد جاء!

زوجي | SRKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن