هناك طفلةٌ تبكي، في زاوية من الشارع، أمها ضائعة، دميتها تحت الركام، ووالدها قد ذهب ليبحث عن أمها ولم يعد بعد.
على الرصيف أم تبكي، تريد صاحب العينين العسليتين. تبكي، تريده. "أرأيتموه؟ جميل، وسيم، وهو مدلل لدي. عيناه جميلتان عسليتان."
في عيني دمعة بيروتية تنزف مني دون إرادة. أردت أن أحبسها وأتخللها فِيّ، لكنني فشلت. عندما احتضنني وهو يبكي. بكت في مضجعي بيروت وأنأنت. قبَّلتُ دمعتَها في ذاك الصباح، وأخبرتها أنها ستتحسن. تلك كانت كبوة ستنتهي، لمدينة الحياة، لحبيبتي بيروت. بيروت ستعود لتُشرق من جديد. ذاك الطائر الفينيقي سيعود ليحلق هنا، دون موتٍ أو تعب أو توقف.
في قلبي وطنٌ مطمورٌ يستنجد. يسأل عني، عن يأسي، عن حلمي اليافع والدامع.
في موطني أشلاء طائفية، بألوان ملعونة. تستنبط الحرب، تُعلن الرُّعب. تسقط بصلابة، نرفضها فنُكبَّلُ بها. في موطني قلب متنافر مكسور قد قام ليُشعب فتطاير شتاته.
نحن نحتضر دون صوت، دون روح. ننادي الوطن، فيجينا موتٌ بطيء.
4/8/2020
انفجار مرفأ بيروت.
