إنني قد تقدَّمتُ في سنِّ الحزن واشتد بي عمره. لقد طالَ وكأنه لا يعلم بأنَّ جذوع روحي لم تَعُد تحتمله. ذلك الحزن قد انسكب فوق أيامي دون إذنٍ للبقاء، لَقد قدَّرت شِدَّتُهُ أن يطول دهرًا من دهور الألم الطويلة.
شهدت الليالي انهيار أركاني وأعمدَةِ ثقتي بالناس ولم يبرح إلا وحقق مُراده برؤيايَ مكسورةً بين جميع أبواب الخداع العمياء.
لقد كانَ حُزني أعظم من جميع ما حطته الأرض فوقي من أثقالِها. أنا لم أُهزَم لضعفِ حيلتي، بل هَزمني ذلك الحزن الذي تكتَّلَ بين تكبيرات عيني. أنا لم أشعُر بالضَّعفِ إلا حين انهمرت لي أول دمعةٍ بعد جميع تلك الصراعات.
عراكي مع الارض طويل وفي قلبي غصة قنديلٍ مشتعل بقاعدته، برحت والعبرات تسيل مني، لكنها لم تستطع اطفاء ناري.