شَهيـد الحُريّـة

31 3 0
                                    

٢٠١٩/١٠/٢٩
٧:١٣ ص
——————————————

مَرحباً طفلّـي الصَغيـر
إنها المَرّة الأخيـرة التـي رأيتُ وَجهك بها..

آسفة يا طفلّـي لكن منعونّي من رؤيتك
أعلم جيداً إنّك تكرّه الميـاه الحارّة أنا مَن أعرف جيداً كيف تُحبها .. آسفة لكن لم يُدخلونّي..

مُنذ صِغرك و أنتَ طفلٌ عَنيـد
كُنت أُخبرك مِراراً ألّا تَذهب لناحيّة الأطفال الذين يكبرونكَ سِنّاً كُنت أخشّى أن يَضربوكَ أو حتّى يُزعِجوك
كُنتَ تُخبرنّي دومّـاً "ماما آسف قدمّي من قادتني إلى هُنـاك"
عشرات المرّات تأتّي إلى حُضنّي تَبكّي أو ثيابُكَ مُمزّقة حتّى في النَهاية أتيتَنّي تَضحك لتُخبرنّي "لقد لقنتُهم درسّاً لن ينسّـوه"
هذهِ المرّة كانت مُختلفّة ..

مُختلفةٌ يا بُنَي فلستَ أنتَ ذات الطفل ذو الأربعةِ أعوام أنتَ الآن في التاسِع عَشر من عُمرّك و ليسُ هُم ذات الأطفال الذين كانوا يَرغبون بسرقةِ الحلوّى منك .. هُم مُختلفون! أرادوا أَن يسرقوا وَطن..
في ذلكَ النهارِ حدثتَني مُطولاً لقد كُنتَ تتحدّث عَن كم مرّةٍ أراد مُدير مَدرستك مُعاقبتُكَ على شَغبّك و ضحكك المُستمر أثناء الحِصص ، لم أستَطع حينها حتّى أَن أغضَب كُنت أسمع تِلك القهقات منّك و كأنها كانت تُغلّف قَلبّي و تُغطّي على عينّاي

إحتضنتَنّي مِراراً في ذلك اليَوم و كأنّك كُنتَ تَغرّس رائحتك فيَّ لكي تُصبرنّي على ما بقى من عُمرّي دونّك -و ما هي بقادِرّة-
ذهبتَ للخارج و وَعدتَنّي ألّا تَذهب لأي مكانٍ بَعيد
أتـى المَساء ..، أتـى المساء و أنتَ لم تَعُد ..

إتصلتُ بِكَ كثيرّاً حتّى أجبتني بصعوبّة!
كُنت أصرُخ بهستيريّة أسألُك أين أنت طالبةً منّك العَودة إلى البَيت على الفَور !
لم ترضَ أن تُجبنّي حتّى أخذ صديقُك هاتفك و قال لي "أعتذر خالتّي كُنّـا نُطالب بحقنّـا بصورة سلميّة فقط.."
أتعلم إن تلكَ الكلمات سَكبَت نيرانـاً على قلبّي
وددتُ لو مَنعتُك من الخُروج حينها !

كُنت أصرخ ببُكاء مُعاتبّةً إيّـاك لتَقول لي
"ماما آسف قدمّي من قادتنّي إلى هُناك"
كانت تلـك آخر كلمات آخر نَفسٍ منكَ..

سامحنّي يا طفلّي لو كان بإستطاعتّي لأعطيتُك عُمرّي كُلّه..
أتمنّى إنّك الآن تَنعم بالدفئ
لقد أقبلنّـا على فَصلِ الشتاء و مناعتُك ضَعيفّة أنتَ الآن لن تَمرَض
سَتكون بخَير هُناك لكن قلبّي أسَيكون؟ ..

———————
نَص قديم أحبّه..
كتبته العام

ميم ، باء Where stories live. Discover now