عندما يكون.....!

12 4 0
                                    

أرباع ما يتحمله يوم الأربعين. مرقده التي تقع في قلب كربلاء، جمالٌ ما بعده جمال، الذي يقع بمقربةً منها تل الزينبي (عليه السلام)، التي تستقبل مواسياتها، وشريكاتها، زائراتها، وخادماتها في مزار الحزن والبكاء. كربلاء هذه المدينة التي تشم رائحتها على بعد أميال تفوح بعبير عطر البركة. في داخلها شوقٌ لو ظهر لفجرها ولقضى عليها، لكنه يترحم بها خارجاً منها على شكل دموع! ،فيها سحرٌ غامض، سحرٌ أبيض يلزمك بالرجوع إليها ، بعد
كل دمعة، ولعة، فراق، شوق، حنين، أي شيء قادر على إبكائك، على ادخالك فراشك لساعاتً طوال لا نائم، ولا مستيقظ، مجرد ذكريات، دموع، حزن، ألم، صدى حديثك الداخلي لا يسمعه أحداً غيرك، إنها الوفاء يا سادة. يسيرون إليها يمرون من بين الأحياء المحيطة به، موكبٌ خلف موكب، مواكبٌ حوت الجميع عرب، تركمان، هند، إيران، حتى أمريكا!. إنها سر تلك الراية، لقد وحدت الجميع يسيرون والقلوب تتلظى للقاء، ها قد وصلوا إنها مرقد ابو عبدالله، يا لا جماله الساحر، ينادي منادً،
"أهلا ً بموكب أهالي تركمان ".
دخلوا المرقد زاروا الإمام وهم ينادون " أبد والله يا زهراء لن ننسى حسيناً".
مروا بين الزحام من ناس، وخرجوا منها خروج العاشق من دار معشوقه لنذهب نحو العشق الاخر. مروا من بين الحرمين، أضواءٌ حمراء، أشجار النخيل، وأرضية بيضاء، وزحمة الناس، مكانٌ مجنون، أنه جنون العاقل، بل لنقل جنون العشق. ينقسم الناس قسمين لتمر المواكب من الوسط، موجةً من جموع الزائرين قادمة نحوهم كانت ممن يسيرون في نهاية الموكب. من الخلف يحيط بهم رجال موكبهم حتى لا يختلطن بالرجال، يحيطون نساء موكبهم بحبال،
وقع بصرها على علي أنسان ٌ اوجدته لها الأيام ، الذي استطاع تغيير ملابسه بسرعة كان يلبس ملابس بلون العسكري ، رجلٌ قوي يقود الحبل وحده. منذ ساعات، وهو لم يرتح يتصبب عرقاً، ، ذو هيبة وجمالً رباني. لساعة حبست أنفاسها من الزحام نزلت بصره تطالع الأرض تحاول حمل ماءها الذي وقع منها ، لعب القدر أو لعله الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي كانت دائماً تتوسل به قائلةً، "إلهي إني لا أحب الموت ولكنه أمرك وهي سنة الحياة، فإذا كان ولا بد، فإني أتوسل إليك بالحسين الشهيد أن لا تريني موت أحبائي ". كان لديه خطة أخرى، مر الوقت دخلوا مرقد أبا فضل العباس (عليه السلام)، كانت روضةً من رياض الجنة، لم ترى الجنة، لكنها كلما تخيلتها وقع المرقد المقدس في مخيلتها . خرجوا راجعين في ظلمة ليل الحالك وحرارة الخريف، وازدحام الأحياء وضيقة شوارع، وكثرة المواكب والخيم والاكل من كل ما اشتهت أنفسهم،
المشاوي، و القيمة النجفية، وما إلى ذلك من أرزاق الله، الفنادق ممتلئة بالناس. وصلوا إلى مكان اقامتهم عيناها تبحثان عن علي لقد فقدته في زحمة الناس، راقبته دون أن ينتبه لها ولكن لم تراه يتكلم ولو لمرة، كالرجل الحديدي الصامت، في صمته قصة غريبة، وفي نظرته حزنٌ عميق، يبدو أن قلبه جريح، سئلت الجميع عنه ولكن لا أحد يعرف أين هو ! ، لم تجده...

أنامل الحياة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن