في إحدى اللَّيالي الممطرة، كنت أجلس وحيدًا في شرفة منزلي، كنت قد حضَّرت بعض القهوة، وما أجمل مذاقها!
أخذت إحدى الرِّوايات لدوستويفسكي، ثم فتحتها على أحد الاقتباسات التي أعجبتني سابقًا.
قمت بوضع القهوة والكتاب بطريقةٍ موازيةٍ ومناسبةٍ تُظهر شكل المطر وهو يتساقط، ما أجمل الرائحة!ضبطت إضاءة المكان ثم أخذت هاتفي وفتحت الكاميرا، وبهذا!
تم التقاط الصورة بنجاح.
لم أتوقَّف عند ذاك الحد بل التقطت صورًا أخرى بزوايا مختلفة حتى أحصل على أفضل صورةٍ منها.قمت بوضعها على حسابي بتطبيق الانستغرام وتويتر، ما أجمل تفاعل المتابعين معي!
«ذوقك رائعٌ في القراءة! دويسفسكي مثالٌ للكاتب المثاليِّ بالفعل.»
لفت نظري هذا التعليق، قررت أن أرد عليها؛ كي لا يقال عني متكبرًا.تلقائيًّا أخذت أكتب لها ردًا: «أتفق معكِ! حتى لو لم يصل لمستوى عالٍ من المثالية، إلا أن كتاباته مميَّزة.»
توالت التعليقات والإعجابات، أتاني ردٌّ من شابٍ آخر على نفس تعليق الفتاة:
«ياللسخرية! اسمه دوستويفسكي، ثانيًا هو ليس مميَّزًا جدًا، كل ما في الأمر أن كتاباته تمس الواقع أكثر من الخيال؛ فهو يلعب على الوتر الواقعي بداخل كل شخص.»
« لا شأن لك إن قمت بكتابة اسمه بطريقةٍ صحيحةٍ أو لا! » ردّت الفتاة، فأخبرها أنها متصنعةٌ للثقَّافة لأنها إن كانت تحبه وتقرأ له كانت ستعلم كيف يُكتب اسمه صحيحًا.
كيف يجرؤ!
«هي أخطأت في الكتابة ولا بأس بهذا، لكن من أنت كي تأتي وتثرثر هنا؟ اِذهب واحصل على بعض الثقافة يا من تقول أنه ليس مثاليًّا.»
ثم قمت بحظره.لا أطيق التصنع والسطحية، يا لهم من معتوهين.
أغلقت الهاتف، ثم وضعت الكتاب في مكانه وارتشفت من قهوتي، وطعم الشوكولاتة بها رائع!
ذهبت للنوم، وكلي آمالٌ أن يصبح الجميع مثقفًا ذات يوم..
__يقف على المسرح بعد انتهاء المشهد، ينظر للخلف جهة الشاشة ثم يعيد النظر إلى الجمهور القابع أمامه.
«ما رأيكم بهذا الهراء؟»
ولم يلبث أن يسمع الضحكات حتى أتاه تأنيب قائدته: «الألفاظ البذيئة ممنوعة!»
ابتسم بخفة لهم قبل أن يعاود الحديث.انتشرت منذ فترة ليست قريبة جدًا ظاهرةٌ جديدة، وهي اشرب القهوة لتصبح مثقَّفًا، اشرب القهوة تصبح راقيًا، اشرب القهوة تصبح ****
-تم حذف الكلمة-ما علاقة القهوة بالكتب؟ بالثقافة؟ بالرقي؟ ما علاقتها بأي مفهومٍ اجتماعيّ؟
هي مشروبٌ يحتوي على الكافيين يشربه الناس كي يظلوا مستيقظين، كي يركزوا في أعمالهم، أو كما أفعل أنا كي تساعدني على المذاكرة وربما بعض أقنعة الوجه تفي بالغرض!
لكن جعلها مقدسةً بمفاهيم معينة ليس صحيحًا! فكم من مثقَّفٍ لا يحبها! كم شخصًا يقرأ كتابًا وفي يده عصيرٌ عادي! أو بعضٌ من المثلجات!القراءة ظاهرةٌ نقيَّة، يقرأ الشخص لأنه يحب أن يعيش في عوالم أخرى خيالية، يقرأ لأنه يود الحصول على معلوماتٍ إضافية، يقرأ لأنه فقط يحب القراءة، ولا يهمه ماذا سيتناول أثناء قراءته؛ هو فقط يدعي ألا يقل نظره وأن تكون إضاءة المكان مناسبةً له.
بينما الرقي! فيتعلَّق بشخصية المرء، تصرفات الشخص هي من تعكس رقيَّه وأخلاقه، وليس ما يشربه، على سبيل المثال رجال العصابات يشربون القهوة هل هذا يعني أنهم راقون؟
بالنسبة لمذاق القهوة سواءً كانت بالشوكولاتة أو البندق أو أي طعمٍ آخر، من يهتم! اشرب قهوتك كما تحب وكن فخورًا بهذا لأنه ذوقك أنت لكن لا تتصنع ذوقًا آخر كي تصبح متحضرًا راقيًا *****.
يبدو أن فريقي يعلم ألفاظي فيشوش عليها، كذلك، القهوة تستخدم للتدفئة في بعض الأوقات، فإذا صورتها أسفل المطر فذلك سيجعلك تشعر بالبرد أكثر من كونك مثقفًا!
والآن يا قرائي الأعزاء، ما رأيكم بالموضوع في الأعلى؟
هل ترون أنه يستحق الحديث فيه ويصيبكم بالعصبية كذلك؟
أم مجرد ظاهرةٍ وستنتهي مع الوقت؟هل واجهتكم ظواهرٌ غريبة قبلًا؟ وكيف تشعرون حيال الأمر؟
آمل أن تكونوا قد استمتعتم بفصل اليوم، وكان النقاش جيدًا.
نستقبل أسئلتكم وآراءكم التعليقات أيضًا.كان معكم العضو زاثورا، كونوا بخير.🖤
أنت تقرأ
حيث الكتب في الثلاجة
Randomهنا في الواتباد، لم نعد نجد للمنطق مكانًا! تابع الأفكار الجيدة معنا فقد صارت نادرة، واضحك في فصول هذا الكتاب على كل رداءة في السوق السوداء يتعاطاها من وضعَ كتبه داخل الثلاجة! الضحك يطيل العمر، ويرفع كفاءة الجهاز المناعي، ونحن هنا أطباء النقد، سنعاي...