مرحبًا!
في الآونة الأخيرة، صارت هناك الكثير من الروائح غير المستحبة تنتشر في الواتباد، وأظنها نوع من المخدرات المحترقة…
ما رأيكم أن نستكشف معًا هذا الأمر؟
اسمك، هذه الكلمة البسيطة التي عادة نستخدمها في سؤال بسيط في أي تعارف: ما هو اسمك؟
لكن… فجأةً ومع مصدرٍ مجهول صارت هذه الكلمة متداولة بين هواة الواتباد، حيث أصبحت شخصية رئيسية في الكثير من القصص.
مجرد كلمة مكونة من اسم وضمير صارت شخصية!
أين وضعت سلاحي؟حقيقةً كون أن نجعل القارئ بطلًا للقصة عبر أن نقول له في كل مرة «اسمك» بدل اسم البطلة، هذا نوع من الذكاء، للوهلة الأولى فقط؛ لأنه ضرب من الغباء بعد التفكير في الأمر، فإن غضضنا البصر على أن الواتباد يحتوي قرّاءً ذكورًا أيضًا، سنجد أن الفتيات لا يقرأن اسمهن، بل يتخيلن اسمك على أنها شخصية ككل الشخصيات، ولا يرين أنفسهن مكان الفتاة الحمقاء، أليس كذلك؟
إذًا، ما الذي يجعلها مشهورة؟هذا السؤال فقع مرارة الكورونا ذاته من التفكير، لا تستغربوا إن مات غدًا فتلك القضية محيرة أكثر من قضية مصله، فلا يوجد سبب معين، فمعظم هذه القصص تعيش في خيال بعيد عن المنطقية والواقعية، بقصص هشة وردود أفعال غريبة، كحب اسمك لمغتصبها مثلًا!
بل إن تشجيع مثل هذه القصص على الانتشار هو مرادف أن توافق الكاتبة على حب مغتصبها، لكن ذلك لا يحدث في الواقع، هل يحدث؟ -نظرة خبيثة-إضافةً، فإن شخصية اسمك توقع خللًا في القصة ككل، فالقارئة ليست جزءًا من الشخصيات، فبينما اسمك محتجزة في القبو، القارئة محتجزة في المطبخ تقرأ خلسة، أم ماذا؟ -نظرة أخرى خبيثة-
أي ببساطة هناك فجوة بالواقعية، فلا يمكنك أن تجر القراء غصبًا ليكونوا جزء من الشخصيات، علاوةً على هذا، فإن القارئة لها اسم، وليس اسمها اسمك، بل زمرد أو زينب أو وردة وغيرها من الأسماء الجميلة، هي أبدًا ليس اسمها اسمك!
إذن، ما عمل اسمك في القصص؟ وعلى ماذا تدل؟ وما أثرها في وجهة نظر الناقد؟إن اسمك هي شخصية، من دون أن نذكر أن باقي الشخصيات، يجب أن يكون لهم اسم، فإن جرت الأحداث في نيوزلندا، بالتأكيد ليس هناك شخص اسمه اسمك أو اسم خطيبك وشيء من هذا الهراء، ففي النهاية، الشخصيات تُعجن حسب الوسط الذي تنامت فيه، فتكون مرآةً لذلك المحيط. -الوسط وليس البحر يا فهيم-
كما أن استخدام مثل هذه الألفاظ، يدل على قلة وضيق خيال الكاتب، حيث أنه لم يستطع تحقيق عنصر الشخصيات، الذي بدوره يدهس الواقعية في الطريق -عافانا الله وإياكم- دون أن ننسى أن المكان والزمان سيختلان، وبذلك، تصبح القصة بلا معنى، ولا هدف.وفي حالة كحالتي، فأنا أكره اسمك كرهًا شديدًا مباركًا، هل يعقل أن أتخيل نفسي في مكانها؟
إن تميز الرواية يكون في حبكة الأحداث والشخصيات بشكل عام، فالشخصيات تكون رمزًا لروايتها، فإن قلت راسكولينكوف -أقتلك أن تجاهلت الاسم- فسيظهر في عقلكم فورًا أني أقصد رواية الجريمة والعقاب لدوستويفسكي، لكن ماذا إن قلت اسمك؟ ستظهر مئات القصص، أو ربما لا تعرف -إن كنت بريئًا بما فيه الكفاية- عما أتحدث أساسًا، أي أن الكاتب فشِل في وضع رمز يميّز قصته عن القصص الأخرى.
والنقد، يرى كما أرى، أن كل قصة تحتاج شخصيةً ملموسة، شخصية يمكن لنا تخيلها، نحن لسنا محتاجين إلى عيش قصتها، لا، نحن نريد الشعور بها، والعيش معها، وهذا سيكون ذا أثرٍ أعمق، فنحن لن نتأثر ببكاء الشخصية مثلًا إن كانت على أساس أنها نحن؛ لأننا ها هنا نستل السيف ونشرب البيبسي متكئين على الفراش لا يهمنا لا زين مالك ولا جدّه الثري الذي مات وأوصى بكل ثروته لمالك لأنه أكثرهم خُلُقًا -لا تنظروا إلي هكذا- وبالتأكيد لا تهمنا اسمك.
نعم نحن لا نهتم لك، ماذا كنت تظن نفسك فاعلًا؟
نتمنى، أن يرى الكتاب أو الكاتبات مدى الأثر السلبي الذي تتركه هذه القصص، فهي ضيقة الأفق، وعبارة عن سرد لأحداث عشوائية وشخصيات تُذكركَ أنها وهمية، وتحبس خيالك، فلا يمكنك تصديقها ولا الشعور بها؛ لأنها في كل مرة تكتب كلمة «اسمك» ستتذكر أنه محض أضغاث أحلام، مجرد شخصية وهمية.
لكن ماذا إن قلت زينب؟ هنا، ستعيش الجو معها، ستشعر بأنها حقا شخص ما من هذا العالم، ستسأل نفسك مع كل حدث منطقي، ولمَ لا؟
أخيرًا، إن لم يتوقف هذا الهراء، سنعدم بشكل جماعي كل الكُتاب الذين يثيرون سخرية الغرب من أدبنا العزيز، فمن ماجدولين صرنا في اسمك. :")
إلى اللقاء.
كاتبة الفصل الفخمة كالعادة: اسمي
أقصد: ماربل.
أنت تقرأ
حيث الكتب في الثلاجة
Randomهنا في الواتباد، لم نعد نجد للمنطق مكانًا! تابع الأفكار الجيدة معنا فقد صارت نادرة، واضحك في فصول هذا الكتاب على كل رداءة في السوق السوداء يتعاطاها من وضعَ كتبه داخل الثلاجة! الضحك يطيل العمر، ويرفع كفاءة الجهاز المناعي، ونحن هنا أطباء النقد، سنعاي...