أهلًا أهلًا بكم، وترحيبًا ممنونًا لزائري اليوم، معكم السيدة ثلَّاجة بنفسها، وحقيقةً فأنا أملكُ العديد من الأحداث داخل رفوفي والتي يومًا ما أظنها ستقومُ بإيذاءِ مُحرِّكي نظرًا لشدَّة الهفوات التي تحدث في مسنناتي. ولهذا طلبتُ من فريق النقد -حماهم الله- أن يعطوني فصلًا لأكتبه قبل موتي -لا تشعروني بأني درامية، ستعرفون ما أعنيه الآن-
أودُّ هُنا أن أُعلمكم عن المحتويات الفظيعة التي في داخلي والتي يجلبها أولادي إليّ -دائمًا هم عاقون بي، حتى أنهم لا يغسلون الأرفف قبل العيد-.
فهل خُيِّل لكم من قبل أن ولدًا ما ينثر سمعة سيئة عن والدته بواسطة أفعاله المُخلة؟
هنا ستجدون أطفالي من علبة الحليب وأخرى الخردل، البيضِ، الخُضار، والملحِ -أصحاب البيت يضعونه بالثلاجة ليس عجيبًا!- قد اتَّفقوا على إنشاءِ اجتماعٍ سريّ -أو هذا ما يظنونه- رغم أنني أعرف كل شيء بالفعل!كان الاجتماع كي يُقيموا حفلًا لي بمناسبة ذكرى ميلادي الأولى بعد أن يصنعوا لي بعض الكعكِ، ولكنني أخشى أن يُفسدوا أنفسهم ونفسي جراء عدم اتِّزان المكونات بطريقتهم، إلا أنني خِفتُ التدخل بينهم فيغضبهم كشفي لـسرِّهم.
فالتزمتُ الصمت، لكنني لا أستطيع استيعابَ ما يفعلون، يضعونَ بعضًا من الخضارِ المهروس ثمَّ يزيدونَ عليه من البيض ويخلطونه بالخردل قائلين أن الكعكة السائلة هيَ أشهى منَ المتماسكة، وراح ابني حليب يقول:
أمي ستسعد جراءَ هذه الكعكة المبتكرة.فردَّ عليهِ خردل بعدما تأوَّه إثرَ فَرَاغِ محتواه ونفاذه: بالطبع فأولادها هم مَن صنعوها.
أولئك الصغار لا يدركونَ ما فعلوا، استنزفوا أنفسهم التي تكون من أهم مكونات الطعام، لكنهم أفسدوا كلَّ شيء بتهوُّر منذ وضعوا ذاتهم في السائل المسمى بكعكة!
ثم تركوا الخليط جانبًا بغية أن يَخمر، لكنني أتساءل كيف يُخمر دون خميرة؟
بدأتُ أشعرُ بالتّعب والإنهاك جراءَ الذي جرى، ويبدو أنني شِختُ قبلَ أواني، وذلك لامتلاكي بعضًا من الأطفال غير مسؤولي الفعل.
أصابني بعض الإرهاق ثم قليل من اختلالِ التبريد؛ حتى خرُب محرِّكي تمامًا! سيفسدُ الأطفال، تتعفن كعكتي، وأصول وأجول إلى الخرابِ...والآن، هل علمتم مقصدنا متابعينا الأعزاء؟
إنَّ من أكثر المواضيع المهمة، والتي تحتاج إلى الكثير من الإتقان هيَ واقعيةُ الأمور والخيال ضمن الحد المضمون، فإني كناقدة رأيت المئات من الأمور غير المنطقية خلال قراءتي للعديد من القصص، فتارة أرى العمر غير مُناسب وأخرى المضمون بأكملهِ غير واقعي البتة.
فكيف يُمكن جعل ذات الشخصية تعيش في دولتين بذات الأوان دون أن تكون القصة خيالية؟ وكيف يمكن وضع الكوميديا البحتة في مشهد عزاءٍ يتطلب بعض الهدوء لكي يكون له مغزى؟
فبعض كُتاب هذا العصر يقوموا باستحلال العديد من الأمور غير المقرونة بالكُتاب الحقيقيين، فيجلبون من ذاك الجميل وذاك الأجمل ويضعونه بحروفٍ داخلَ كتابٍ بدا عليه الجمال، لكن الجميل لا يستطيع أن يقترن بالأجمل الآخر! فهما شيئان متضادان تمامًا، ويحتاجان الجهد الوفير لتغطية الواقعية به، لكنهم لا يكلفون أنفسهم عناء التعديل، وبذل بعض الجهد كي يزكرشوه بالحُسن.
ومن الجدير بالذكر أيضًا أن الثلاجة هنا تُمثل الكتاب، وأنَّ مكوناتها هيَ ذاتها الحروف التي نصنعها نحن، فإن أحسنا استخدامها ستعيش طويلًا بأحسنِ حال، لكن الخطأ الضئيل بها قد يُفسد الكتاب تمامًا كما تعطل محرك الثلاجة.
فإن كانت العناصر القصصية ممتازة، وكيفية عرضها على طريقةٍ مناسبة فهذا سيؤدي لدوام الكتاب في القمة، وستؤثر الحبكة الجيدة على نوعية القصة وفكرتها وجميع العناصر الأخرى.
فتبقى هذه المسألة مقرونة بالكاتب، اعطِ بعض الواقعية والأحداث لقصصك، فإننا كقراء تشيبُ أدمغتنا جراءَ ما نرى فكيف كنقاد؟
والآن، شاركونا ما أكثر قصة أو موقف احتوى على مواقف عديدة لا معنى لها وكأنها خليط غير محسوم النتيجة قرأتموه؟
كانت معكم العضو صدف من داخل الثلاجة.
يومًا واقعيًا.💛
أنت تقرأ
حيث الكتب في الثلاجة
Randomهنا في الواتباد، لم نعد نجد للمنطق مكانًا! تابع الأفكار الجيدة معنا فقد صارت نادرة، واضحك في فصول هذا الكتاب على كل رداءة في السوق السوداء يتعاطاها من وضعَ كتبه داخل الثلاجة! الضحك يطيل العمر، ويرفع كفاءة الجهاز المناعي، ونحن هنا أطباء النقد، سنعاي...