الفصل الثاني

679 13 0
                                    

خلف الزجاج، كان يقف مالك مع احدي أصدقاءه (معاذ) الذي جاء بعد مكالمته علي الفور.

وفي الوراء تجلس نهي مع والدة حياة يقرؤوا سورة يس لها.

تبكي الام في سُكات وترتجف اليد بطريقة جعلت نهي تلاحظ تشتتها.

فأغلقت المصحف ورتبت علي يديها، ثم قالت: ماتخفيش يا طنط، هتبقي كويسة.. هي دايماً بتحب تقلقنا عليها بس في الاخر بترجع.

ابتسمت الام ابتسامة مخففة وهي تعاتب: ليه ماروحتيش معاها يا نهي؟

احمر وجينتي نهي وعضت علي شفتيها: والله ماكنش قصدي يا طنط.. بنتك وانتي عارفاها مبتحبش تتعرف او تقعد مع ناس مبتحبهمش.. انا بس يعني..

تنهدت بالم ثم اكملت: والله مكانش قصدي حاجة وحشة.

رتبت الام علي ظهر نهي وهي تري دموعها التي تلالات في عيونها كلما تذكرت كذبتها التي بقيت ذكري اليمة لصداقتهما.. فللمرة الاولي تكذب.. نعم كذبة صغيرة لكن تحولت الي كارثة هائلة جعلت صديقتها بين يد الله.

معاذ بتساءل: وانت عامل ايه دلوقتي؟

لا يزيل مالك عينيه من عليها ليجاوب: مش عارف.. حقيقي مش عارف.

معاذ: بس انتَ غريب اوي يعني.. مش كنت مش عايز تقرب منها.. ايه اللي حصل؟

نظر مالك الي صديقيه بعينين مليئة بالحزن: اللي حصل اني مش فاهم حاجة.. انا نفسي مش فاهم.. لقيتني اول ما عرفت الخبر رجلي ودتني علي المستشفي بدون اي مقدمات... ومش عارف اسيبها.

نظر معاذ الي نهي التي أؤمات براسها باسي له ليهز راسه مؤكداً ان كل شئ سيكون علي ما يرام.

ثم اعاد النظر الي صديقه مرة اخري: هي نهي قالتلك حاجة بخصوصها؟

ليهز راسه مؤكداً وهو ينظر الي حياة النائمة هناك لا حول لها ولا قوة.

ينتظر معاذ الجواب، فلا يجد لذلك تساءل: ايه.. قالتلك ايه؟

اغمض عينيه وهو يدمع: قالتلي ان حياة بتحبني من اول يوم شافتني فيه.

ينظر معاذ الي صديقه بصدمة بعدما راي دموعه التي نزلت.. نعم، مالك يبكي. هو صديقيه منذ ان خطت قدميه قدم الجامعة. كان رفيق دربه طوال الخمس سنوات.. يعرف كل شئ عنه وكان يشك بحياة وحبها لصديقه.. بسبب نظرتها له، لكنه لطالما أنكر ذلك في ذهنه حتي لا تشتت الامور بينهما. مالك ذلك الصديق الذي لم يبكي يوماً وكان قوياً مهما كانت العاصفة التي تصدم في وجهه.. مالك ذلك الشريك الذي ظل معه ولن يتركه ابداً في اي شئ يخصه. مالك الذي لم ينكسر يوماً يقف أمامه منكسر الجناحين.

معاذ بخضة: انتَ بتعيط؟

وصل ذلك السؤال الي مسامع نهي فانتبهت الي مالك الذي ترك يد صديقه التي للحظة كانت ستربط علي كتفيه وذهب ليقف بعيداً عنه.

ذكريات متلاشيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن