٥

908 20 0
                                    

#إِطلِي_بِلَوْنِكَ_رُوحي

تفتَح الباب بِبُطء، ولازالت عصا المكنسة مُعلّقة بكفّها ، ينطِق متوتّراً بعد رؤيتها : مساء الخير
تسنِد عصا المكنسة إلى الجدار، تتنحنح : انتَ ، إنت الجابك شنو هنا ؟!
ينظُر إلى عينيها مُباشرةً : انتي
وسَن مُرتبِكة : أنا ما بقدر أستقبلك في وقت زي دا ، غير إني براي في الشقّة حاليًا
يُقطِّب حاجبيه بإستنكار : كيف يعني ؟ وين جيسي
وسَن : طلعت.. ثم إنت بتسأل ليه أصلاً؟ إتفضل يلّا من غير مطرود
يُثبّت الباب بقبضة كفّه قبل أن تُغلقه : أنا جيتِك لحدي عندك، زي أي إنسان سويّ، وعايز نتكلم، مش دا كان طلبِك؟
وسن : أنا ماطلبت أقابلك أو تجيني، أنا كنت بقترح عليك تصرفات طبيعية بدل الجنون الإنت عايش فيه دا
عُمر : برضو.. أستاهل فرصة لأني سمعت الكلام
وسن : إنت بتقرّر من نفسك وتنفذ؟!
يهزّ رأسهُ مؤكداً ما قالتهُ
تزفُر بِحيرة، جزءٌ منها يخشَاه ، والجزء الآخَر تشدّه رغبةٌ غريبة لتصديقِه..
يقترِح عليها : ممكن نطلع نتمشّى..
تهزّ رأسها رافِضة، تهمّ بإغلاق الباب
يُثبّته بكفّه : أوعدِك، حتكون آخِر مرّة أضايقك فيها، لو ما صدّقتيني المره دي ما حظهر قدامك تاني أبدًا
يخفق قلبها، ولا تدرِي لِمَ اعتراها هذا القلَق من كلامِه ، تزفُر مُستسلمة : انتظرني هنا طيّب
يتراجع إلى الخلف بإبتسامة إنتصار : حاضِر..

•••

ماليزيَا - كوالا لامبُور
قَبل ٦ سنوات :

على قارِعة الليل، والطريقُ طَويلة، يسيران وتنساب بينهُما الحكايَا، هيَ بعينيها اللذان يُشعلان في ظُلمة الليل نُوراً من فرط بريقِ البراءة فيهم، سِحر النظرة، وخفّة الخطوة، تسير عن يمينِه مثل طفلةٍ تغمُرها الحيَاة، أطرافُ كفّها الناعِمة التي تتحدَّث أكثر مِنها ، ضحكتها عندما تشُق فرَاغ الطريق سعيدة ومُمتلِئة ، ونظراتهُ المُسمَّرة عليها مُنذ اليوم الأوَّل..
يسأَل : وإنتي ليه ماعايزه تعيشي مع والدِك؟
تشرَح : ماما حازمة شويتين أيوة، بس أنا بحبّها ومُرتاحة معاها
يُضيف : بس إنتي قُلتي هي ما بتديك حرية الإختيار في حياتك زي والدِك
تنظُر إليه : أحيانًا بنآثر أشياء على غيرها، يعني مثلًا أنا ماعندي مشكلة أتنازل عن بعض حُريّاتي في سبيل إني أعيش مع ماما وأكسب رِضاها، في النهاية أنا بنتها الوحيدة وأملها الأخير في الحياة.. مستحيل أخذِلها
يُبرِّر : أنا فاهمك.. فاهم عليك ، لكنّ يا وسَن الحياة بالتنازلات مُتعِبة، حيجي يوم تندمي وتتمنّى لو كنتي شجاعة وصارحتيها بأحلامك ورغباتِك، حتى لو ما بتتناسَب معاها، هي لو بتحبّك حتختار ليك الأحسن دائمًا
وسَن : هي أساساً بتختار لي الأحسن يا عُمر !
عُمر : دا بأمارة المشروع اللي كان حينقل حياتك نقلة خرافيّة وهي رفَضتو؟
تُطأطئ برأسها : بتخاف عليّ ياعُمر.. المشروع كله أجانِب وفي الدنمارك، صعبة على بنت في عمري
عمر : ما تبررّي الغلط بغلط أكبر منه يا وسن ، وانتي عارفة كويس إنو والدك كان حيرسّل معاك واحد من أولادُو ويسفِّرك
وسن : أهو اللي حصَل يا عُمر ..
ينظُر للمكان حولهُ : طيّب العريس اللي رفَضتو
تنظُر إليه مُتفاجئة : إنت كنت عايزها توافِق يعني ؟!
يُبرِّر : لا .. أنا بس عايز مُبرر منطقي يخلّيها ترفُض زول بِي قامة باشمهندس سِراج !
وسن : سيبَك من المُبررات يا عُمر وقول إنك كنت عايزها توافِق
عُمر  : يا بنتِي أنا العايزو حيفرِق بشنو؟ دا مُستقبلك إنتي وإنتي اللي حتحددّيه
ترفع حاجبيْها بتحدٍ : مُستقبلي قُلت لي ؟
يهزّ رأسه بِنعَم
تتوقَّف في مُنتصف الطريق : طَب هسّي رجّعني البيت
يكتم ضحكته : ما بدرِي ؟
تحملِق فيهِ بِغضَب
يضحَك : خلاص خلاص
تلكمهُ أوسط صدرِه، يُحيط كتفيها بكفّيه : مُستقبلنا طيّب
ترتبِك، تُبعدهُ عنها : رجّعني قلت ليك
يقترِب منها : وسَن
تهرُب بنظراتها : عُمر ، بليز خلينا نرجَع
عُمر : عايني ليّ
ترفع نظراتها المُترددة إليه
يحتضِن كفّها الصغير بين كفّيه ، يهمِس مأخوذًا بِبريق نظراتها : ما تجِي نعرِّس؟

اطلي بلونك روحيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن