١٧

1K 32 1
                                    

#اِطلي_بِلَوْنِكَ_رُوحي

- #بسم الله الرحمن الرحيم

قبل نبدأ في قراءة الرواية حابة اقول انه الرواية دي قيد الكتابة .. يعني ان شاء الله اول ما الكاتبة تنزل بارت انا بانزل ..

قراءة ممتعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ماليزيَا - كوالا لامبُور ؛ قبل ٦ سنوات ، بِمنزِل الجبَل :

يمُد لها بِكفِّه من أعلى التَلّ، تُمسِك بهِ وتصعَد إليه، يحتضنها إليها ضاحِكًا، تُخبّئ إبتساماتِها الخَجِلة في إتّساعِ صدرِه، يُمسِك بكفّها ويقُودها نحَو المنزِل، تتبعهُ ونظراتها تطُوف مبهُورة بِسِحر المكان، خُضرة على مَدّ البصَر، مواشي ترعَى بعيدًا، وقطراتُ الندى تنزلقُ هادئة على ظهر النوافِذ.. إنّهُ صباحُ عُرسُهم ؛ يومهم الأوَّل وتجربة إمتزاجهم الأُولى..
يفتَح باب المنزل ، فتُطِل بنظراتها مُتفحِّصة المكان، أوَّل شيءٍ وقعت عينها عليهِ كان تلفازٌ قديم، تجُول بنظرها لترى نافذة صغيرة حوافُها تنصَّل منها الطِلاء، وإطلالتها تخطف الرُوح، سجّادٌ عتِيق، وبابٌ خشبيّ يحمل لون العُشبْ، يدخل أمامها، ويُشير لها أن تتفضَّل، مُشرِّعا الباب على مِصراعيْه، مُشرِّعاً قلبهّ أيضًا، لِيملأهُ قدُومها.. تتقدَّم بِخطوة يُمناها، تتبعها اليُسرى، مُستندٌ كفُّها إلى حافّة الباب، ونظراتها لازالت طائفة، يأسرها المكَان، تخطفها زوايَاه، تنطِق على نفس دهشتها : شنو المكَان دا يا عُمر !
تدخُل إلى وسَط المنزل ، تدُور حول نفسِها ، يُغلِق الباب ويُجيبها مُتأثِّرًا، جليٌّ عطفهُ كما إعتادتهُ معها دومًا ، معها وحدَها : دا البيت اللي إتولدتَ فيهُو
تشهَق ، تُخبّئ دهشتها خلف كفّيها : قُول والله !
يبتسِم على حالِها : والله
تسير بِخُطى عشوائيّة، تتفقّد زوايا المطبَخ المفتُوح على صالَة الجلوس : يعني ، أهلك كانو ساكنين هِنا ؟
يهزّ رأسهُ بالإيجاب : أمي وأبوي إتزوّجو في البيت دا ، ولدوني هنا ، رَحلنا منّه بعدما تمّيت الخمسة سنين تقريبًا
تأتيه بنظراتٍ ترقرق الدَمع فيها ، لم يمضِ الكثير على وفاة والدتِه، وها هُو الآن يحتضن ذِكرى زواجها وحِملها به؛ طفولتهُ معها التِي حتمًا؛ يحفظ تفاصيلها هذا المكان .. تمسَح بِراحة كفّها خدّهُ الذي يُقاوم الدَمع بالضحكات، يُقبِّل جبينها ضاحِكًا ويهمِس : عايز نواصل مسيرتهم وبدَل عُمر واحد نجيب جيش ، موافقة؟
تضحَك من بين دموعها ، ترتمِي إلى حُضنه وكفّيها الصغيرانِ يُزيلان تعب ظهرهِ : موافقة

●●●

كوالا لامبُور - منزل الجبَل ؛ الآن :

غادراهُ إثنان، وعادَا إليه ثلاثَة، تفلت بيَان كفّها من قبضة والدتها، وتنطلِق مرِحة في زوايا هذا المنزَل الجَديد، بينما تهجُم الذكريات سيلًا على وسَن ، عُمر الذِي عاشَ عُمرهُ كامِلًا ها هُنا، إذ كُلّما جرفتهُ الأيام بعيدًا عاد، حتى غدا هذا المنزل الصغير مرجعهُ في كُلِّ نائبَةٍ وإحتيَاج..
يتنحنح هارِبًا من ذكرياتِه : أنا حمشي أنزِّل الشنط وأرجع
تهزّ رأسها بالإيجاب صامِتة، يُقبِّل رأسها المُثقَل بحكاياتِه بِلُطفٍ وينصرِف
تسير بخطواتِها التائهة في تفاصيل المكَان ، منزِل الجبَل ؛ تذكُر صباحُها الأوّل ها هُنا ، ليلتها الأُولى، عُمَر ، قُربهُ ودفئهُ، تجلِس على أمشاطِها أمام المِدفأة، وإبتسامةٌ مليئة بالصُور لمعَت في عينيها، بطنها المتكوِّرة أمام جمر المدفأة، معكرونة عُمر ، مُكالمة سامِي "حتّى في ولادتك دراما؟" حيرة عُمر ، تخبّطهم سويًا ، تِلك الليلة بكل آلامِها وخوفها، وحتّى فراقها الذي طال، لازالت محفُورة على جِدار الذكريات، تنهَض ، تُجاهِد دمعها، تقِف أمام النافذة وها هيَ ثانيةً تبتسِم، ترى عُمر مرتديًا بذلتهُ الرسميّة ، بعد إنقضاء أُمسيّة الإحتفال بحملها، جلُوسها على أريكتهُم الحنونة تراقب تفاصيل السعادة تملأ وجههُ ، ضحكاتهُ وهوَ يُودِّع سامي ، بُكاءها، جرّاء خبر الحمل الذي لم يُسعِد والدتها كما ينبغي، أو كما توقَّعت.. تفتح الباب العُشبيّ وتدخُل، تقع عينها على ذلك الفِراش الخشبيّ، تذكُر حينما أفاقَت على سطحهِ برأسٍ خالٍ، مُفرَّغًا من ذكرياته، تذكُر وجهُ عُمر ، جمودهُ وحدّة نظراته، ولمعة الأسى التِي لم تُفارق عينيه لحظَةً واحِدة، تُفيق من شرودها في دوّامة الأمسِ هذه، تصيح مُستدرِكة : بيَان ، خليك قريبة ما تمشي بعيد يا ماما حاضِر؟
يأتيها صوتها سعيدًا : حاضِر ماما
يدخُل عُمر إلى المنزل حامِلًا حقائب الرحيل : الجوّ بارد يا بيان ماتلعبي برّا
بيان : حاضر
يضع الحقائب أمام الباب ويدخُل إلى وسن ،يتنهَّد : وأخيرًا
وسن : خلاص نزّلت الشنط كُلها ؟
يأتي مُتعَبًا لجلِس بجوارها، يستلقِي ويدفن رأسهُ في دفء حِجرها، تُدلّك ذارعهُ بِحُب : بردت، أعملّيك شاي ؟
ينقلِب على ظهرهِ، يرفع نظرهُ إليها : وتنعنعيه؟
تضحَك : أكيد ، ينفع شاي من غير نعناع؟
ينهض عنها : طبعاً لا ، أنا حغيِّر ملابسي طيب وأجيك في المطبخ
تنهَض : حعملو بسرعة إرتاح إنت بس
تخرُج، يهمّ بإغلاق الباب ، فتوقفهُ بسؤالها، وكفّها عالق بين شِقيّ الباب ، يصيِح مُعتذراً : معليش يا حبيبتي، ما انتبهت!
تنظُر إليه مُستفهِمة : ما انتبهت على شنو ياعُمر ؟
يُقطِّب حاجبيْه مُستنكِرًا ، مُشيرًا إلى كفّها الذي إحمَرّ : يدِّك !
تنظُر إليه ، تشهَق
يُحيط يدها بِكفّيه، يُقبّلها : حقِّك عليّ
تنظُر إلى كفّها ثُم إليه، تنطِق مُستنكرة : بس هي ماواجعاني !
ينقعد حاجباه : كيف ؟
وسن : ماحاسه بيدِّي يا عُمر
يهوِي قلبهُ، وحديثُ الطبيب يلتهم ماتبقّى لديه من أمل كُلما ذكَرهُ "حالة من فقد الإحساس في بعض أطراف الجسم، صعوبات في الفهم والكلام ، تلف في الذاكرة، دي كلها إشارات مبدئية لعودة السكتة الدماغيّة بشكل أخطَر يا مستر عُمر"..
يُفلِت كفّها، تنظُر إليه خائفة : عُمر ، أنا ليه ما حاسّة بيدِّي !
يتراجَع، يسحبها للداخِل ، ويُغلِق الباب خلفَها، وكلمات الطبيب الأخيرة تطُوف بِبالِه " مهما كنتو خايفين على مشاعرها، المريض لازم يعرف عِلّتو عشان يقدر يداويها.."

اطلي بلونك روحيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن