#اِطلي_بِلَوْنِكَ_رُوحي
يُمسك بِكفّها، مُحاوِلاً إمتصاص غضبَها ، تُفلتهُ منهُ بقوّة
يتنهَّد مُستسلِمًا : وسَن ، خلينا طيب نقعد في مكان ونتكلَّم
وسن بِحزم : أنا قُلتَ حالًا
يُمسك بذراعها، يقودها نحوَ السيارة، يفتَح لها الباب : أركبي
تتراجَع خائفة : لأ
يزفُر قلة صبره : وسن ، بعد ليلة أمس دي كلها، لسه ما قادره توثقي فيني؟
تنظُر إليه بِحنق : ما واثقَة فيك
عُمر : طيب، أنا ماحجاوب على سؤالك دا في الشارع، رأيك شنو؟
وسن : بتلوي يدّي يعني؟
عُمر كابحاً جماح غضبه : لا إله إلا الله
تصعد إلى السيارة غاضِبة، تُكتّف ذراعيها، يُغلق بابها، يُهرول ليصعد إلى جانبها، وينطلِق بسرعةٍ قُصوى..●●●
ماليزيَا - بِقَصر عُمر الرّشيد :
تُهرول أميرة القصر الصغيرة نزُولًا عبر الدرَج ، تصِيح فرِحة : مِس يارا
تُشرِّع مُعلّمتها الحنونة ذراعيها لها : حَبيبَتي
ترتمِي بيان إلى حُضنها، تعتصرها بِحُب وتُقبِّل رأسها
بيَان : أنا سعيدة لأنك جيتي مِس يارا
يارا : وأنا كمان يا رُوحي ، دادا حوّاء كلمتني إنك ما راضية تجي الحضانة اليوم ، ليه كدا يا بيان؟
بيان : أنا حزينة من بابا
تنظُر حولها مُتفقدة المكان : ليه؟ هو بابا قاعد في البيت؟
بيان : لأ، خرَج ، لكن هو أحزنني قبل ما يمشي
تنهَض، تُمسك بكفّ طفلتها وتسير معها نحوَ الدرَج : ليه بس، ورّيني، أحكِي لي حصل شنو؟●●●
ماليزيَا - على الطرِيق :
وسَن : ممكن أفهم إحنا ماشين على وين ؟
عُمر : لأ ، ما ممكن
وسن : إنت بياتُو حق بتكلّمني كدا !
عُمر : أعتقد إنك إستهلكتي طُرقك المُستفزة كلها، جا دُوري
وسن : على فكرة أنا ممكن أفتح باب السيّارة وأنُط، ولابيفرِق معاي
يؤمّن السيارة من الزر الخاص بِه : جرّبي كدا
تتأفَّف
يصمُتان
يتوقَّف أخيراً فوق تلةٍ عاليَة
تنظُر إليه مُستدرِكة : وِصلنا؟
عُمر : أيوة
تنظُر للمكان حَولها ، تتنهَّد : إنت قِصّتَك شنو مع البيت دا ؟
عُمر : بيت الجبل ؟ حتّة مني
وسَن : طيّب ممكن تجاوبني على سؤالي بمناسبة إننا أخيرًا وصلنا؟
عُمر : ننزل طيّب
تصيح : عُمَر !!
ينظُر إليه مُبتسِمًا بِبلاهة
تفتح عينيها ، تنظُر إليه : مالك؟ بتضحَك زي الأهبل كدا ليه ؟
عمر : أوّل مره تناديني بإسمي
تصدّ عنهُ مُستغفِرة
يُناديها : وسَن
تلتفِت إليه شارِحة : أسمعني، أيًا كان الشعور الإنت حاسّي بيهو تجاهي دا ، ف أنا أحلف ليك والله ما مُتبادَل ، أنا ما بعرفَك
يصمُت
تُردِف : أيوة ، حكيت ليّ تعارُفنا، ورّيتني صور لينا مع بعض ، يمكن كُنا أصحاب يمكن بدينا علاقة حُب ماعارفة.. لكن مهما كان البيننا ف هُو كان
يُقاطعها غاضِبًا : لأ
وسَن : إلّا.. كان و إنتهى في اللحظة اللي أنا فقدتَ فيها الذاكرة يا عُمَر
يصِيح ضاربًا بقبضتهِ مِقوَد السيارة : قُلت لأ!
تنتفِض خائفة
تحتقِن عينيه بالدمُوع : اللي بيننا ما مُمكن ينتهِي
وسن : أنا ما فاكراه!
عُمر : نسيانِك ليهُ مابيمحيه يا وسن ، نسيانك للبيننا أبدًا ما بيمحيه
تنظُر إلى الدمع يترقرق في عينيهِ آسِفة، تتقدَّم كفّها وتتراجع مُترددة ، تُربِّت أخيرًا على ظهر كفّه الذي مازال قابضًا على المِقوَد بقوّة ، يحني رأسه ، ينهمر دمعهُ دافئًا، وهو يُقاوِم رغبته في البَوح، في سرد الحكاية كامِلة لها، كيف بدأت وكيف إنتهت، وتفاصيل الحنين التِي من غير المقبول تجاوزها لها.. وَدَّ لو أنه يستطيع رواية كُل ماحدَث لها ، لولا خوفهُ عليها، وخوفهُ من فَقدها مُجددًا، ولكن هذهِ المرّة إلى الأبَد ..
يأتيه صوتها غائبًا من شدّة أسفِه : أنا آسفَة
يصدّ عنها مُتمالكًا نفسهُ
تُراقب تصرّفاتهُ بأسَى
يمسَح دمعهُ ، صامتًا ، يُحاول التماسُك من أجل إكمال هذا النقاش ..
تتنَحنَج : عُمر
يبتلِع ريقهُ، يلتفِت إليها : أيوة
وسَن : أنا آسفة لو كلامي..
يُقاطعها : ما كلامِك.. ما بسبب كلامك، أنا ما بزعل منّك يا وسن
تتأمَّل إستسلامهُ المُطلَق لها ، يُكمِل : أنا بس.. ماعارف كيف ممكن أشرح ليك الوضع، بدون ما أأذيك، أنا ماعايز أخسرِك تاني
وسَن : ورّيني الحقيقة، أيًا كانت انا حتقبّلها
عُمر : طيب ممكن توثَقي فيني؟
تتنهَّد : أنا لو ما وثقت فيك، ماكنت قطعت معاك الطريق دا كلُو تاني..
يزفُر ، وجزءٌ من همّهِ قد زال
يلتفِت بِجذعِه إليها : طيّب ، حتعرفي الحقيقة كلها يا وسَن، أوعدِك، بس تساعديني
وسن : في شنو؟
عُمر : حتقبلي تمشي معاي للطبيبة اللي تابعَت حالتك وقت وقوع الحادِث؟
تنظُر إليه مُترَدِدة : ماعارفة
عُمر : لو عايزه تتأكدي الملفات كلها موجودة في الأرشيف، هي الوحيدة اللي حتقدر تساعدِك ياوسَن
وسن : أنا كُنت متابعة مع دكتور كبير في السودان طول السنين الفاتت.. وماكان في أي نتيجة يا عُمَر ، إنت بنفسَك شايف !
عُمر : دي مُختلفة، صدّقيني
تتنهَّد حائرة
يُمسِك بِكفّها : صدّقيني
تسحبهُ من بين يديه ببُطء : طيّب.. موافقة
تتهلّل أساريرهُ
تُضيف : ولكن.. تجاوبني على سؤالي في الأول
يرتبِك
وسن : دا شرطي الوحيد
عُمر : ماممكن نخلّي إجابة السؤال دا لبُكرا
وسن : حالاً يا عُمر ، وماتكذب عليّ في شي
يرخي كُرسيّه إلى الخلف، يستند بظهره عليه ورأسهُ إلى السقف : طيِّب ، والدِك كان صديقي فعلًا من فترة طويلة ، إحنا كُنا قُراب لبعض جدًا، أنا وانتي يعني.. لذلك أنا أضفتَ والدك على صفحتي، لأنو كان بيننا خُطط كتيرة لتعارُف عائلي وارتباط رسمي
وسن مُتسائلة : وإرتبطنا؟
عُمر : لأ
وسن : ليه؟ أبوي رفَضك؟
عُمر : أنا.. ما اتجرأتَ آخُد الخطوة دي
وسن : ليه؟
عُمر : أسبابٍ كتيرة، شرحها يطُول
وسن : طيّب، إحنا أكيد ماجينا لآخر البلد عشان نختصِر، بإمكانك تحكي !
يتأمّلها مُطوّلاً ، أصابِع كفّها الرقيقة التي تتحدَّث أكثر منها، لمعة عينيها.. دُنيا أُخرى لها غيْمُها وظِلّها، حركة شِفاهها المُكتنزَة بأنوثةٍ طاغيَة، عطرُها إذ يهيمُ في المكان يُقبِّل كل زاويةٍ فيه .. حضُورها الذي لا يكفيه مدى الكلمات شرحًا.. إنها هُنا، قريبَة، أقربُ من أيّ وقتٍ مضى، إنها نفَت تلك السنين الخمْس وأتَت، وهذا وربُّ القلب عيدُ القلبِ ؛ وجُلّ أفراحِه..
ترتبِك ، تسألهُ : مالَك؟
يأتيها صوتهُ حنونًا بعد صمتٍ طويل : بحبّك يا وسَن
