#اِطلي_بِلَوْنِكَ_رُوحي
تتفحَّص وسَن المكان حولها، عُمر الذي تسمَّر في مكانِه مُنذ رآها، يارا التِي أخذت بيان وصعَدَت بها إلى السيارة، يتقدَّم عُمر مُتوترًا إليها ، بينما تُعلِّق هيَ نظرها بِالطفلة والسيِّدة خلف نافذة السيارة
يقِف أمامها مُتلعثمًا : وسن
تنظُر إلى بيَان المُطِلَّة بوِجهها من خلف النافذة ، تُقطِّب حاجبيْها : دي منُو؟
ينظُر حيثُ تنظُر ، يرتبِك : دي بيَان
تنظُر إليه مُستفهِمة
يُلفِّق : بنت واحد قَريبي
وسن ناظِرة إليها : بعرفو؟
عُمر : لأ.. قصدي أيوة، كنتي بتعرفيه
وسن : اللي معاها دي أُمّها؟
عُمر : لالا ، دي دي مُعلّمتها في الحضانة، عندها مسابقة وأبوها مع زحمة شُغلة وكدا طلب منّي أسافر معاها
تهزّ رأسها مُتفهمة بينما تنظُر إليه بِشَكّ
يتنحنح : انتي كيفك؟
تتراجَع : أنا كنت جايَة أتكلَّم معاك، بس طلع وراك سفَر
عُمر : أنا كُنت حورِّيك أمس إني مُسافر، بس ما أديتيني فُرصة
وسن : ما مشكلة.. ممكن أسلِّم عليهم؟
يخفق قلبه، تنظُر إلى داخل عينيه، يُشيح بنظرهِ عنها
يستسلم : أكيد.. إتفضّلي
تسير أمامه، ويخطو هوَ بِبُطء خلفها ، يتحاشى الظهُور أمام بيان ، تتوقّف أخيراً أمام السيارة ، تُنزل يارا النافذة بإستنكار، يتقدَّم عُمر مُرغمًا ، يُشير إلى يارا : دي مِس يارا مُعلّمة بيان
تمُد يارا يدّها بإبتسامة باهِتة ، تُصافحها وسَن : أهلاً
عُمر : دي وسَن ، ويتُوه لسانهُ عن التعبِير.. ماذا عساه أن يقول عنها وكيف يُعرِّفها لهُم .. إبتلع الإرتباك كلماته
تقطع يارا صمتهُ المُرتبِك : أهلين ياوسَن إتشرّفنا
وسَن : شرّف الله قدرِك
يلقي عُمر نظرهُ على طِفلته الصامتة، تُحملق بعينيها العسلتين في وجه وسَن ، يخفق قلبه، يهوِي هاربًا من صدرِه ، يتنحنح : ودِي بيان
تُشرِّع وسن كفّيها لها بإبتسامة طفوليَة، تتّسِع إبتسامة بيان وتُمُد كفّيها لها أيضاً ، تسحبها عبر النافذة بِحَذر ، تحملها بين يديها وبيان تتأمّلها ببراءَة : إنتي منو؟
لا يدرِي عُمر سرّ هذهِ الإبتسامة المُريبة التي رُسِمَت على ملامِح طِفلته مُنذ رأتها، يقف خلفهم مشدودَ الأعصاب
تُقبِّل وسن خدّها، تنظُر إلى عُمر ثُم إليها : أنا صديقة عمو عُمر في الشُغل
تهزّ بيان رأسها نافيَة ماقالتهُ وسَن
تُقطِّب وسن حاجبيْها، ويرتبِك عُمر الذي يحفظ إيماءات فتاته مِثل كفّ يدِه ، بينما ظلَّت يارا مُستنكرة كلمة "عمُّو" التي قالتها هذهِ..
تمسَح وسن على خُصل شعرها الناعِمة : ليه يا بيان؟
بيَان على نفس إبتسامتها : لأنو ، إنتي ماما
تُقطِّب حاجبيها بإستغراب، تتعرَّق كفّ عُمر ، ويارا على نفس حالِها
يهمِس عُمر لوسَن مُنقذاً الموقف : أُمها متوفيّة.. سايريها
تنظُر إليها بأسَى، تحتضنها : يا روحي
تُحيطها بيان بِكفّيها : عرفتَ إنك ماما
يخفق قلبها، بِشدّة، تضُمّها إليها بِحُب، يملؤها الأسى على حالِها
بينمَا عُمر واقفًا يضرب نبض قلبهُ سقف حلقهِ ويعود .. تُفلتها بعد مُدةٍ طويلة ، تُقبِّل خدّها بِحُب ، تمُد بها إلى يارا، تُمسكها بِبُطء، لتُجلسها بِجوارها
تلتِفت وسن إلى عُمر مُودِّعةً إيّاه : يلا طيِّب عشان تلحقو الطيّارة
يتراجَع : طيٍّب.. حنتكلّم أول ما أرجع ، بكرا على طول يعني
تهزّ رأسها بالإيجاب، تُودِّع يارا ، تُلوِّح لِبيان بِكفّها ، وتمضِي،
تُوقف بيان والدها قبل أن يذهَب : بابا
يلتفت إليها مُرتبِكاً : دقايق يا بيَان
بيان : بابا هيّ ليه مشَت
يُشير لها أن تصمُت، يلحَق بوسن ، تفتَح باب سيّارة الأُجرة ، فيُوقفها : وسَن
تلتفِت إليه
عُمر : أنا آسف
وسن : على شنو
عُمر : إنو لقيتني مُستعجِل كدا ، بس أوَّل ما أرجع حجيك لحدّي عندِك
تبتسِم ناظرةً خلفهُ، يلتفت، ليجِد بيان تمُد برأسها خارِج النافذة، مُلوِّحة لوَسن
عُمر : وسَن
تتنبَّه إليه : أيوه، مامشكلة يا عُمر، وقت ما رِجعت نتكلّم
يمد كفّه لها
تُصافحهُ
تصعد إلى السيارة، يُغلِق لها الباب ، يتحرّك السائق ويلُوِّح عُمر بِكفّه لها حتى تختفِي عن نظرِه