#اِطلِي_بِلَوْنِكَ_رُوحي
• مُقدِّمة /
عجْزُنا عن ترجمِة المشاعِر ، عن البَوح بها، عن سرد المأساة كامِلةً دون تأتأة أمام صُورنا في مِرآة التجاوزِ والنِسيان، أفراحُنا، نَقشُ الحِنّاء حينَ يغمُر أطراف الأصابع حُبّ، و ما يُضفي على الروح البهجة، أيّامُنا المٌنطفئة بِداخلنا كنجمٍ خفَتَ بريقُه ، والنغَم الذي ترقُص عليهِ أرواحنا لتعُود حيّة، خُطّط النجاة ومَرارة التِيه، أسئلتنا المُعلّقة على حبل الليل، تنتظِر أن يُشرق على ظُلمائها فَجر. ورُوحي.. روحي التي شحُبت، جفَّت مثل وَردة قطفتها يدُ الخيبَات، أحيِها ياربّ بزهرٍ ثاني..
- #البارت_الأوَّل -
• مَدخَل /
ماليزيَا - كوالا لامبُور :
يدخُل إلى قصرِه الذي يُسميه تواضعًا بَيتهُ الدافِي، يصٍل إلى جناحِه المُنفصِل عن باقي القَصر حتى في تصميمِه، يخلع عنهُ بذلة العمَل، ويرتمِي إلى فراشهِ مُنهَكًا ، يرنّ هاتفه ، يستلمه بضجَر، يُجيب : ألو
يأتيه صوت صديقهُ مازِحا كعادتهِ : شيخ الشباب
يتنهّد : آي يا سامِي
سامي : وين الليله، ماظهرت علينا
ينهَض ليفتح أزرّة قميصهِ : يادوب رجعت من الشركة، مُنهَك
سامي: ياخي شنو مصطلحات المراهقين دي مُنهَك وما أدراك، قوم قوم أخد ليك دش زابط وكدا وتعال لينا في اليَخت، السهرة الليلة من الموت
يمتنِع : أعفيني الليله
سامي: عُمر، لا إله إلا الله
عمر: محمدًا رسول الله
سامي: قوم يلا عشان ما أستخدم معاك أساليبي القديمة الأنا شخصيًا بكرهها
يبتسِم نصف إبتسامة: ياخ انت مابتعقل أبدًا
سامي: عرفتني أمس ولا الليله؟ يلا يلا
يزفُر، ينهَض مُستغفراً : طيب ، أدّيني ساعة كدا
سامي: نص ساعة وحأجي أسوقك انا بنفسي لو ما جيت
يضحَك: خلاص تمام
يُنهي المكالمة، يتجّه نحو خزانة الملابِس، يفتحها، تقع عينهُ على الدُمية المُلقاه في أرضيّة الخزانة، يجلِس على أطراف أصابعه ليستلمها، يبتسِم وكأنّ هذه القطعة الصغيرة أخذَت مابهِ من هَمّ، يحتضنها بينما يملأ رئتيه بالهواء، ليزفرهُ مُرتاحًا ..●●●
السُودان - الخرطُوم :
حرَارة الشمس تذوِّب ذكرياتها الهرِئة، تُبّخرها مع كُل قطرة عرَق تقطُر من جبينها، تركُض، لاهثَة، بعد أن أتمّت ساعة متواصلة تُمارس رياضتها المُفضّلة، رشيقَة ، قوام بمعايير ذهبيّة، عينين مثل حجرٍ كريم ، تصغر حين تضحَك، وتُشعِّ كلون العسل الصافِي أمام الشمس.. زيّ الرياضَة الرمادِي الذي ترتديه يحفظ تفاصيل جسدها، حذاءها الأسوَد ، أطرافها الناعِمة ،شعرها القصير مُثبّتًا بطريقةٍ عشوائية أعلى رأسها.. تأخذ نفسًا عميقا ثُم تزفرُه، تسير نحوَ غُرفة تبديل الملابِس وهي تُراقب تفاصِيل النادي المُمِلة، ضحكات الفتيَات عاليَة تُفقِدها صوابها، وأشعّة الشمس تُوصلها حتى باب الدخُول، تُبدِّل ملابسها، تقِف أمام المِرآة لِتغسل وجهها، تنظُر إليه كأنّما أضاعت ملامحهُ في مساءٍ بعيد، واستقيظت فما عادَت تعرُف من هيَ. تزفُر هادئة، تلف حجابها بعشوائيّة، تستلِم حقيبتها وتخرُج إلى الشارِع، ما إن تقِف أمام سيّارتها، حتى يرنّ الهاتف، إنه الإتصال العاشر مُنذ بدأ اليَوم ،تستلمهُ وتُجيب : أيوة يا رغد
رغد : أيوة ياغلطة عمري، مابتردي على تلفونك ليه؟
تصعد إلى سيّارتها: كلّمتيني الصباح وورّيتِك إني ماشة النادي
رغَد : انتي يابت عندك عيب خُلقي في دماغك ولا القصّة شنو؟ زول يقوم من سريرو يووم سفرو عشان يجري في النار الموقدة دي ويتعب روحو؟ ما أصلا التعب جاييك جاييك بتستعجليهو ليه
تُشغل سيارتها: دي رياضَة، دي اللي بتخلي الدماغ يشتغل والجسم يقاوم
رغد : اتلهي عليك الله ياوسَن ، طلعتي طيب ولا لسه؟
وسَن : أيوة انا في الطريق هسّي
رغد : حنمشي ناكل اوّل طيب بعدين نشوف حنك الكُتب العايزه تشتريها دي
وسن : طب خلّيك معاي في مكالمة دخلت في الخطّ
رغد : منو؟
وسَن : دا حسَن
رغد : ياسيدي ياسيدي، حقفل عديل أنا طيّب خلّصي وكلميني
وسَن مُبتسمة نصف إبتسامة : تمام طيّب
تنظُر إلى مِحبَس الخطوبة في يمينها وتُجيب : ألو
يأتيها صوتهُ هادئاً : مساء الخِير
وسَن : مساء النُور
حسَن : كيف أجواء آخر يوم معاك؟
تتنهّد : حسن
حسن : شنُو
وسن : انا بالجد ما بحب الطريقة دي
حسن مُستفهِما: طريقة شنو يا وسَن؟
وسن : طريقة العتاب البارِد دي
حسن : أنا هسّي عاتبتِك؟
وسن: صوتك مُتغيِّر، ما تنكِر
حسن : برضو ما عاتبتِك
تتأفّف
حسن : وسَن؟ أنا عارف من يوم ما خطبتك ظروف دراستك وسفَرك، بغض النظر عن إني زعلان لفراقك، لكن ما اعترضت، انتي ليك فترة عايزه تشتبكي وخلاص أنا مافاهم ليه!
تستنكِر: عايزه أشتبك و خلاص؟!
حسن مُصِرًا: أيوة
تصمُت
حسن : أنا ماعارف مالِك، لو في حاجه حصلت منّي غيّرتِك كدا وريني ، بس أرجوك أسلوب الأطفال دا ما بنجح معاي
تُغلق الخَط بإنفعال
وتقود سيارتها بأقصَى سُرعة