٤

1K 24 0
                                    

#إِطلي_بِلَوْنِكَ_رُوحي

ماليزيَا - كوالا لامبُور :

في مكتَب عُمَر؛ تتقدَّم إليه بخطواتٍ مُرتبِكة، ويقفز هو بقلبهُ إليها مع كُل خطوة، تتوقّف أمامهُ أخيرًا ، ترفع نظراتها المُرتبِكة بِبطُء إليه، تغمرهُ هذه العين بحنانها، وبريقُ الطفولة الذي لا ينفكّ يلمع في فضائها، حاجبين مِثل قوسٍ يرمي بسهمهِ شغاف القلب، أنفٌ صغيرة تزيد ملامحها نعُومة، شفاهُها المُكتنزة بِحُمرة دون أحمرِ شفاه، وخدّيها المتورّدين لفرط الخجَل، قوامها الأنثويّ الذي يغدو بحجمِ طفلةٍ كعُقلة الإصبَع أمامهُ ، يُراقبها تأخُذ نفسًا عميقاً ثم تزفرهُ مُتردِدة، إنها كما تركَها آخر مرّة، حتّى إرتباكها.. ظلَّ كما هُو، إذاً ما الذي تغيَّر؟ ما الذي أخذتهُ تلك السنوات الخمْس سوى دفء وجودها بجانبِه.. وذاكرتها المُكتظّة بهم، ها هيَ الآن تقِف أمامهُ طَوعًا، ذات الفتاة التي أحَبَّها، وأخلَص لها عُمرًا بأكملِه، فاقدةً لذكرياتِه، تفاصيِله، وهُوّيتهُ التي أحبّتهُ عليها ..
تزدرِي ريقها.. يبتلع ريقهُ، يتنَحنح، تنطِق أخيرًا : ممكن.. أقعُد؟
يخطو إلى الخلف مُرتبِكًا : أيوه طبعاً، إتفضّلي
تجلِس بحذَر، يجلس قِبالتها بهدوء
تتحدَّث بينما تهرُب بنظراتها عنهُ، وأصابع كفّها تشرح إرتباكها بِدقّة: أنا.. ما عارفة بصراحة ليه جيتَك
ينطِق دون تفكير : الحمدلله إنِّك جيتي
تنظُر إلى عينيه
يتنحنح، يستعدل جالسًا على حافّة الكُرسي، شارِحًا : أنا كُنت مُتأكِّد إنك حتصدّقيني، حتى لو ما اتخيّلتك تجي، كنت واثق إنك صدّقتي اللي قلتو لو واحد بالميّة
تُقطِّب حاجبيها : أنا ماصدّقتَ كلامك.. أيوة ما عارفة ليه جيتك، بس أكيد ماجيت لأني مصدّقاك، أنا بس عايزه أعرِف، شنو السبب اللي يخلّي راجل في مكانتك الإجتماعيّة "وتُخرِج بطاقة العمل الخاصّة به من حقيبتها" زي ما شُفت في البطاقة دي، يلعب لعبة سخيفة زي الإنتَ عملتها دي ، كان بإمكانك تقابلني بكل إحترام وتطلب موعد، زي أي إنسان سوِي !
عُمَر : ما كُنتي حترضِي
وسَن : مين أقنعَك بكدا ؟!
يبتسِم : وسَن، إنتي لو ما مجبورة تتعاملي مع سوّاقين التكاسِي والسكيُورتي في الجامعة ما كُنتي حتتعاملي مع أي ولَد.. أنا بعرفِك، ما بالك بِشخص يطلع ليك من العدَم يطلب يواعدِك ويتكلم معاك، هل كنتي حتوافقي يعني ؟!
وسَن : عالأقل لو عندَك مُبرر مُقنع ، كنت ححاوِل أديك فُرصة
عُمر : إنتي مُجبَرة تدّيني فُرصة
تهمّ بالنهوض : لو حتتعامَل بأسلوب التهكّم دا انا حمشي واعتبرني ماجيت !
ينهَض ، يُجلِسها : أنا عندي حقّ عليك.. شِئتي أم أبيتي يا وسَن، وماحسمَح ليك تمشي تاني بعدما لقيتك
تنظُر إلى ملامحهِ الجادَّة، وطُوله الذي يفُوقها عُلوًّا ، ترتبِك، أيُّ حقٍّ هذا الذي يتحدّث عنه؟ وكيفَ لي أن أذهب ثانيةً.. هل إلتقينا في الأصل وافترقنا مرّةً أُولى؟ ولِمَ أُحِسّ بكل هذا الإستسلام.. وكأنني أودُّ حقًا تصديقهُ!
يبتعِد عنها ، تُراقب خطواته مُبتعِدًا عنها ، يتوقّف أخيرًا وهوَ يُولّيها ظهرهُ ، يروِي : قبل ٦ سنوات من اليُوم ؛

اطلي بلونك روحيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن