#اِطلي_بِلَوْنِكَ_رُوحي
تُحملِق زاهيَة فيها بِبلاهة، بينمَا تستأذنها وسن لِتُجيب على هاتفها ، تنهَض وسن ، تُومِض شاشة زاهيةً مُعلِنةً عن وصول رسالة ، تفتحها مُستنكِرة إسم المُرسل، لتتّسِع عينيها بعد قراءتها بِدهشة .
تخرُج وسَن إلى حديقة المقهَى، تُجِيب مُستغرِبة :ألو ؟
يأتيها صوتهُ قلِقاً : وسَن
تُقطِّب حاجبيها : عُمَر ؟
عُمر : أيوة ، إزيِّك؟
وسن : الحمدلله ، وين لقيت رقمي!
عُمر : زيما لقيتِك
تتنهَّد : خير إن شاء الله ؟
عُمر : كُنت عايز أبلِّغك إني حجزت عند الطبيبة لارين بكرا الصباح
تُقطِّب حاجبيها مُستنكرة : كيف ؟
عُمر : دكتورة لارين دي الكانت مُتابعة حالتِك قبل ما ترجعي السودان، خلّيتها تجهز كل الملفات القديمة عشان تكوني متأكدة ومتطمنة
وسن : عُمر بس أنا لسّه ما أديتَك موافقتي على الموضوع دا !
عُمر : الوقت ما في صالِحنا يا وسن ، كل ما طوّلنا القصة دي حنتضرر الإتنين
صَمت
يُؤكِّد : بُكرا ٩ صباحاً
تزفُر مُستسلِمة : حاضر..
تُنهِي المكالمة ، تعُود إلى رفيقتها المُتجمِّدة بِذهول في مكانها
تجلِس قِبالتها : معليش طوّلتَ عليك
زاهية : لالا.. مايهمِّك يا وسَن ، أنا أصلاً كنت ماشيه بعدّه
تُقطِّب حاجبيها : ليه ؟ لسه الوقت بدري !
زاهيَة : أولادي في البيت براهم.. هسي الشغّاله كلّمتني إنها ماشيَه وحتسيب البيت فاضي ، فلازِم أرجع
تتنهَّد : طيّب، بس لازم نتقابل مرّه تانية، دي أبداً ما محسوبة
تحمل حقيبتها وتنهَض : طبعاً أكيد
تُصافحها وسن : شُكرًا يا زاهية
تُودّعها : شكراً ليك إنتي وربّنا يواليك بِعافية، يلا في أمان الله
وسَن : مع السلامة
تخرُج رفيقتها ، تُراقب المكان حَولها بِمَلل، تقَع عينها على إحدى الطاوِلات الخاصّة ، تُقطِّب حاجبيها وشعورٌ غريب إجتاحَ نبضها، تنظُر إلَى الثُنائي الجالِس خلف الطاوِلة، فتَرى نفسها ، وعُمَر ، فيهم ، يأتيهَا طيفٌ من ذِكرى قديمة ، تُغمض عينيها ، فيتوارَد إلى ذِهنها حوارٌ مُحتدِم ، نقاش حادّ ، كانَت تصرُخ "ما بيدِّي يا عُمَر ، دي أُمي ، أنا كيف أقولّيها لأ!" فيُخفِت هدوء نبرتهُ الحزينة صِياحها "أُمِّك على عيني وراسي يا وسَن ، لكن دي حياتِك إنتي، إنتي المُوكَّلة تختاري شريك حياتِك ما هيّ" تتذكَّر قِلّة حيلتها، بُكاؤهُ ، كانت تلك المرّة الأولى التي رأت فيها دموعه، المرّة الأولى التي خلَع فيها عُمر الرشيد ثَوب الثقّة والوقار عن نفسِه، وتوسَّل إليها مِثل طفل، أن لا تركُن إلى إختيارات والدِتها، أن تُعطِّي لحُبّهم فُرصة، وأن لا تتركهُ حائرًا في مُنتصف الطريق..
تُقطِّب حاجبيها أكثَر ، تتوسَّل عودة الذِكريات، فيَختفي المشهد من ذاكِرتها للأبد، تأخذ نفسًا عميقًا، تزفرهُ وتفتح عينيها بِبطء، تحمِل حقيبتها، وتنهَض مُغادِرة المكان بِهدوء..●●●
صباحُ اليوم التالي :
بِولاية سيلانجُور ، يطرُق باب طِفلته مُتأهِّبًا للعَودة ، تفتح لهُ حوّاء الباب،
عُمر : صباح الخير يا حوّاء
حوّاء : صباح النُور
يستغرِب هدوء المكان : بيان لسّه ما صِحَت ولا شنُو؟
تبتعِد عن طريقهِ ليراها : صاحيَة من بدري كمان
جالِسة أمام المِرآة ، تُحيط بِكلتا كفّيها خدّيها وتبتسِم لصُورتها في المِرآة ..
يدخُل إليها عُمر مُقطِّبًا حاجبيْه بإستغراب وعلى طَرف فمهِ إبتسامة
تتبعهُ حوّاء : من صِحَت وهي بالحالة دي ، وأسألها مالك ما بتجاوبني يا مِستر عُمر
يجلِس على أطراف أصابعه ليُناسب طُول قامَتها، يُربِّت على ظهرها بِرفق : بيَان
تُجيبهُ ولازالت على نفس حالها : أيوة يا بابا
عُمر : مش لازم نجهز عشان عندنا طيارة اليوم؟
بيَان : بيان جاهزة
عُمر : تقوم تلبس حذاءها عشان نطلَع؟
تلتفِت إليه بُبطء، تنظُر إلى داخِل عينيهِ
يبتسِم لها مُستغرِبًا : مالك يا بيان؟
تنطِق فرِحة : بيان تشبه ماما
يُقطِّب حاجبيهِ مُستغرِبًا
تنظُر إلى نفسها في المِرآة وتبتسِم : ضحكة ماما في وش بيان
يعتصِر قلبهُ ألمًا ، بينما تحبس حوّاء دَمعها
يبتلِع عُمر ريقهُ مانِعاً إنهمار دمعه : بيان من وين عرفَت إنها تشبه ماما ؟
بيان : شافت ماما أمس، شالتها وباستها، تُشير إلى خدِّها الأيمَن ضاحِكة : هِنا
يتنهَّد : بس دي مش ماما يا بيَان
تُقطِّب حاجبيها : لأ، هي ماما
يُمسك بكفّيها الصغيرين : مش هيّ يا بيان
تنظُر إلى حوّاء حائرة ،تعود لتنظر إليه : لكن هي ماما
تصدّ حوّاء وقد فقدت السيطرة على دموعها
عُمر : ماما سافرَت، لمكان بعيد
تتعالَى أنفاسها ، وقد شقَّ البكاء طريقهُ إليها : ماما ماتت
يحتضنها إليه : لأ يا بيان لأ
تّبعد نفسها عن صدرِه، تنهَض باكيَة
يلحَق بها : بيان
تخرُج عن الغرفة ركضًا ، يلحق بها ، تُهرول حوّاء خلفهم ، تصيح بيَان باكيَة : ماما ماتت
يُمسك عُمر بها فتنفلِت من بين يديه ، يلتفت إلى حوّاء : حوّاء إتصلي لدكتورة لارين، بسرعة
تُهرول إلى الداخل لِتلقف الهاتف، وتأتيه ركضًا ، تناولهُ الهاتف بين صراعهِ المتواصل مع بيَان ، يضعه بين أُذنهِ وكتفِه : ألو
لارين : خير يا عُمر شنو الأصوات دي ؟
عُمر : بيان يا دكتورة
لارين : دي هيّ البتصرِّخ كدا ؟؟
عُمر : أيوة، جسمها متصلِّب ماقادر حتى أتحكَّم فيها
لارين : ليه الحصَل شنو ياعُمر ؟
عُمر : ماعارف أنا زاتي يادكتورة، ورّيني أتصرَّف كيف ؟
لارين : طيّب أسمعنِي، أجِّل معاد الطيّارة هسّي، وأنا حرسِّل ليك رقم دكتورة صديقتي هناك أُخد بيان وأمشي ليها
عُمر : حاضِر، بسرعة أرجوك
لارين : حاضر ياعُمر حاضر
تستلم حواء الهاتف منهُ
عُمر : دكتورة لارين حترسّل رقم هسي إتصلي وأحجزي لينا موعد مستعجل، يلتفِت إلى بيان الغارِقة في دمعها ، يصرُخ فاقدًا السيطرة : بيَان !!
تمنعهُ حوّاء : مستر عُمر ! ما كدا !
يُفلتها مُستغفِرًا
تُمسك حوّاء بها
ينهَض : أنا حمشي أعمل الcheck out وأرجَع.. إتجهّزو
تحتضنها حوّاء إليها : حاضِر