رواية "عهد"
الفصل الأول.."بدايتي"
تجلس صامتة، واضعة راحتيها على وجهها وقد امتلئت عيناها بنظرة شاردة، قد بدأ الماضي يتسلل إليها ببطءٍ الآن.
نظرت الى الشاب الماكث امامها وفي عينيه فضول كي يعرف تلك الحكاية التي وعدته ان تحكيها له.
ابتسمت بهدوء ونظرت في الفراغ ثم بدأت السرد.
***
نفث سليم دخان سيجارته ببطءٍ بعدما ألقى عليها كلامًا جعلها تتسمر في مكانها.
نظر لها بنظرة باردة وقال: انا أديت لعمك كلمة ومش هارجع فيها عشان حتة عيلة زيك.
تكلمت بصوت يعتريه بكائها: يا بابا انا مش عايزة اتجوزه، دا اكبر مني ب 10 سنين.
نظر لها بحدة وقال: وانا مباخدش رأيك عشان ترفضي.
بكت وهي تشعر بالضياع، لم تعرف يومًا مذاق راحة النفس والسكينة.
تحرك نحو الباب ليفتحه وينزل، تاركًا خلفه فتاة لم تتم بعد العقد الثاني من عمرها تجهش في البكاء وقد بدا لها المستقبل يرتدي الأسود!
إنها عهد التي تمتلك ١٩ عامًا من عمرها، والتي أيضًا تمتلك عينان سرقتا من الشمس لونها فباتت تشبه العسل الصافي.
مرت عدة دقائق قبل ان يُصدر الباب نقيقًا خفيض.
رفعت رأسها فوجدت شابًا بعينين بنيتين تشبه حبتي البندق، كان ضخم الجثة، قوي البنيان، نظرت له ثواني مرت بسرعة قبل أن تنتفض من مكانها وتقف وهي تتناول حجابها الملقى بجانبها لتضعه بسرعة على شعرها.
وقفت وسألت بشيء من الخوف: حضرتك مين وعايز اي؟
وجدته يجيب بصوتٍ رخيم: انا أسف يا أنسة صوت عياطك كان عالي والباب مفتوح فقولت يمكن في حرامي، انتي كويسة؟
كم تكره كذبات البشر في الأدعاء أنهم بخير.
وصلت دموعها الى حافة عينيها لترد بصوتٍ مهزوز: اه..اه كويسة.
أومأ برأسه ثم أبتعد عن الباب من الخارج وألقى جملته: طب أقفلي الباب أحسن حد يخطفك.
ابتسمت لإطرائه اللطيف وابتسم الآخر ثم جذب الباب واغلقه.
صعد الى الطابق التالي لها وطرق عدة طرقات خفيفة على الباب لتفتح له فتاة في العشرينيات من عمرها، جريئة هي، ترتدي حجابها العشوائي فيظهر رقبتها بوضوح ومقدمة صدرها، أشاح احمد وجهه بضيق من مظهرها، قالت بدلال: كل دا عشان تيجي.
نظر الى يده ثم الأرض وقال بلهجة آلية:معلش يا أنسة كان في زحمة في الطلبات.
اخذت منه الطعام ثم دخلت و عادت بعد عدة دقائق ومعها المال.
جلست عهد أرضًا وهي تبتسم وتتذكر ذلك الشاب، افاقت على طرق الباب بعنف، اجابت بخوف: ميين.
سمعت صوت زوجة عمها وهي تقول بنبرة غاضبة تغلفها الكراهية: افتحي يا مقصوفة الرقبة.
فتحت الباب برعب حقيقي وهي تتوقع ما سيحدث، وجدت زوجة عمها فاطمة تمسك بشعرها بعدما انذلق عنها الحجاب وتقول بغضب وهي تجذبها منه: بقااا انتيي يا بنت ال**** ترفضي ابني اناا، والنبيي مانا عارفة عاجباه ف اي ال****** دي.
كانت عهد تصرخ ودموعها تنزل بغذارة وهي تقول لها بترجي: سيبيني بالله عليكي، سيبيني.
دخل عمها المدعو طارق ليكمل ما بدأته زوجته، ضربها وأظهر قوته عليها ولم يراعي حتى أنها مجرد فتاة..
توقف على الدرج امام شقتها وهو يسمع صراخها وصوت اشخاص غاضبين، شعر بأنه لابد أن يفعل شيئًا، لن يقف مكتوف الأيدي هكذا!
توقف طارق عن ضربها وسط صراخها الذي بات كالنغمة التي يسمعونها كل يوم، سمع طرقات على الباب فتركها لتقع على الأرض وهي شبه فاقدة للوعي، قال لزوجته: سيبيها يا فاطمة.
فتح طارق الباب ليجد شابًا في العشرينيات من عمره، قال بحدة: نعم؟
نظر الشاب وقد لمحها وهي تتوسط الأرض وقد امتلأ وجهها ورقبتها بالكثير من الكدمات الزرقاء، اجابه بنبرة ثابتة: احمم، اناا مندوب من شركة الأتصالات وو..
قاطعه طارق بشك: عايز اي يعني؟
تنحنح الشاب وقال: أصل في رقم بيراقب حضرتك والمدام.
لاحظ الشاب ظهور علامات الرعب على وجه طارق وهو يبتلع ريقه بصعوبة، سأل: وانتوا عرفتوا ازاي؟
اجابه الشاب بتلقائية وكأنه مندوبٌ بالفعل: الكومبيوتر رصد الخطوط دي ولازم تيجي معانا انت والمدام.
نظر له طارق برعب ثم نظر الى فاطمة التي تجلس وتستمع الى حوارهم وقال: تعالى يا فاطمة بسرعة خلينا نشوف المصيبة دي.
جائت إليه فاطمة مسرعة لينزلوا ويتركوها على حالها، جثة هامدة، مغمضة العينان، قد تعبت من محاربة الرياح، ستترك ما يحصل يحصل، لم تعد تهتم لشيء، كأنها قطعة من ورق الأشجار قد عصفت بها الرياح، لم تحاول أن تتحرك، لا فائدة في النهوض، حتى وإن نهضت، كيف عساها أن تجعل روحها تنهض معها!
وصلوا الى نهاية الشارع ليتظاهر الشاب بعمل مكالمة وهمية يتحدث بها عن عميل أخر، اغلق المكالمة او تظاهر بهذا ثم قال بأسف: معلش انتوا هاتضطروا تروحوا انتوا وانا ورايا عميل ف المنظقة اللي جمبكوا عشان هاتأكد من التليفون الأرضي.
- طب فيين الفرع اللي احنا هانروحه؟
سأله طارق ليجيب عليه بمنتهى الثبات: الفرع اللي في المهندسين.
اسرع الشاب الى داخل الشارع ليراهم يبتعدوا عن الشارع ويرحلوا.
صعد إليها ليجدها على نفس الحالة التي تركها عليها، رأته، ابتسمت بضعف ثم أغمضت عيناها وقد أظلمت الدنيا من حولها..
رأيكم ف الكومنتات وتفاعل يحلوين💖
أنت تقرأ
"عهد"
Romanceضائعة، تائهة، تسير في طريق صخري جعل قلبها ينزف وما مِن مُنقِذٍ..حتى أتى وانتشلها..انتشلها وهو لايعرفها ولكنه القلب، وليس لها على القلب حكم..!