اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رواية "عهد"
الكاتبة/ رحمة عبدالله
الفصل ١٥
تعجبت فيروز وهي ترى جارتهم تقف امامها تبتسم بتكلف، قالت فيروز: ازيك يا هاجر.
اجابتها هاجر وهي تدلف الى الداخل: الحمدلله كويسة ازيك انتي.
نظر لها احمد الذي لا يرتاح لنظراتها، حاولت اخباره مرارًا وتكرارًا انها تحبه، ولكنه لا يراها سوى جارته فقط.
نظرت له بابتسامة يعرفها جيدًا ثم قالت: عامل اي يا احمد.
ابتسم ابتسامة مُجَامِلة وقال: الحمدلله تمام.
خرجت نعمة لتقول هاجر وهي تجلس وكأنه بيتها: انا سمعت زغاريط كدا من عندكوا فقولت اجي ابارك، هي نتيجة فيروز طلعت؟
قالتها بأمل ليبتسم احمد بسخرية وهو يقول: لا فيروز في ٣ ثانوي لسة، وملهاش امتحان في الترم الأول.
زادت حيرتها لتقول نعمة وهي تعلم نوايا هاجر: لا يا حبيبتي دا احمد كتب كتابه، عقبالك كدا ان شاء الله.
ظهرت الصدمة على ملامحها وهي تقول: اي!! ااتجوز ازاي يعني، انتوا مقولتوش ومحدش يعرف.
ربتت نعمة على كتفها وهي تقول: الموضوع جه بسرعة، وبعدين ياستي نبقى نعزمك في الفرح.
اومأت برأسها قبل ان تخرج عهد من غرفتها، نظرت لها هاجر من بداية رأسها حتى نهاية قدميها لتشعر عهد بالريبة منها.
قالت وهي تتجه ناحية عهد: مش انتي قريبتهم برضه، ااه كان اسمك وعد تقريبًا؟
- اسمها عهد.
نظر احمد لعهد اتي تنظر لفيروز ولهاجر واكمل: دي هاجر جارتنا يا عهد مانتي عارفاها، جاية تباركلنا على جوازنا.
قالها احمد وهو يضم عهد من كتفيها إليه تحت نظراتها المشتعلة، لتقول وهي تبتسم بتكلف: الف مبروك، طب انا هاروح عشان اجيب شوية حاجات لأمي، يلا مع السلامة.
انهت كلامها ثم نزلت لتبتعد عهد عن احمد قليلًا وهي تتخلص من قبضته.
- ياا ستاار، الواحد بيتخنق وهي موجودة.
قالتها فيروز بتأفف لتقول نعمة بنبرة ذات مغزى: هاجر برضه بنت حلال، بس هي اللي ملهاش نصيب في اللي عايزاه، بكرة وبعده ربنا يرزقها نصيبها.
نظر لها احمد ثم جلس ليتناول الطعام، فجلسوا جميعًا إليه.
***
- يعني اي اتجوزوا!! ومخليتش المحروس اللي بيراقبهم دا يخطفها ولا يقتله ويخلصنا.
صاح بها طارق في غضب جمّ بعدما اخبره باسم انهما قد تزوجا، جلس باسم بأريحية وقال: بُص مش انت عايزها ترجعلك عشان املاكها؟ خلاص سيبها عليا وانا هارجعهالك، واحمد بنفسه هايجي يترجانا عشان ناخدها.
نظر له طارق بشك وقال: انت ناوي على اي؟ عمك لو رجع وعرف انها اتجوزت ممكن ياخد الصفقة الجاية لحسابه واحنا منقدرش عليه.
ابتسم الأخر بغموض وهو ينفث دخان سيجارته، وبعينيه يلمع ضوء بعيد يفصح عما ينويه، وهل سينوي مثله خيرًا؟!
***
جلست فيروز بجانبها وقالت بمشاكسة: بقولك اي يا عهد.
انتبهت لها عهد لتقول فيروز بمكر: هو انتي واحمد متخانقين؟
عقدت عهد ما بين حاجبيها وقالت: لا طبعًا مش متخانقين، بس اشمعنا بتسألي السؤال دا؟
- لا يعني انا لاحظت انك مش بتتكلمي معاه كتير من ساعة كتب الكتاب، يعني ادينا داخلين على اسبوعين اهو.
تنحنحت عهد بخجل وهي تتذكر يوم عقد القرآن عندما اقترب منها، تخاف ان تتكلم معه فتفضحها عيناها، باتت تُكنُّ له مشاعر بداخلها، وتخاف ان يكون غير أهلٍ لتلك المشاعر.
لم تعرف معنى الحُب قبلًا، وتخشى ان يضحى سرابًا.
قاطع افكارها صوت فيروز: انا تعبانة اوي يا عهد النهاردة ومش هاقدر اسهر، ممكن تسهري انتي وتجهزي لأحمد العشا؟ معلش عشان بجد مش قادرة وعندي مذاكرة كتير.
رضخت لطلبها فقامت فيروز ودخلت غرفتها تاركة عهد تجلس في غرفة المعيشة تشاهد إحدى الأفلام الكوميدية.
جائه اتصال من اخته، تعجب لأنها لا تتصل به في مثل هذا الوقت، اجابها: اي يا فيروز.
- بص بقا يا معلم انا هاعمل معاك احلى واجب بس هاخد مقابل.
قلب عينيه بملل وقال: مابلاش داخلة السرسجية دي وخشي في الموضوع على طول.
ابتسمت فيروز وهي تقول: حبيبي يا ابو الصحاب، بص يا سيدي انا قولت لعهد اني تعبانةوداخلة انام وهي هاتسهر عشان تعملك العشا، وقعدت اسألها انتي متخانقة مع احمد ولا لأ.
- ااه قالتلك اي بقاا؟
لَوَت فمها قائلة: المشكلة انها مقالتش، فضلت ساكتة وبعد كدا سرحت، المهم انا راحة انام وانت حاول تيجي بدري، وهات شوكلاتة ليا معاك.
اغلق المكالمة وهي يشعر بفرحة ، اخيرًا سيتكلم معها بعد غياب الكثير من الأيام.
سمعت صوت المفتاح يدور بالباب، التفتت لتجده يدخل وبيده بعد الأكياس البلاستيكية، تنحنحت وقالت: احمم، حمدلله على سلامتك.
وجدته يقترب ويمسك برأسها، قبّل جبهتها ثم ابتعد بابتسامة قائلًا: الله يسلمك.
اخفضت بصرها الى الأرض ثم همت لتذهب الى المطبخ ليوقفها قائلًا: استني يا عهد، تعالى بصي جبتلك اي.
نظرت له وابتلعت ريقها ليمسك بيدها ويجلسها قائلًا: عهد..انا جوزك، فاكرة؟ يعني اتعاملي معايا عادي، مفيش داعي للتوتر دا كله.
رفع وجهها إليه بأطرافه ليكمل: اعتبريني صديق ماشي؟ ولا انا منفعش.
ابتسمت وهي تقول: ماشي.
ابتسم الأخر بحب ثم قال: بصي انا جبتلك دي، مش عارف هاتعجبك ولا لأ؟
نظرت الى العلبة المخملية التي بيده لتجد عقد رقيق ذهبي اللون تتعلق به فراشات ذهبية رقيقة، نظرت لها بفرحة عارفة لتقول له وهي تشير لها: دي ليا انا!
اومأ ليقوم من مجلسه ثم يجلس امامها، مد يديه بطرفي العقد لترفع عهد شعرها فيقترب وهو يعقده لها.
ابتعد وهو يراها تزين رقبتها، تدلى الفراشات الذهبية باستحياء على عظمتي الترقوة، نظر لها احمد بتمني، رغبته في احتضانها تزداد كثيرًا الآن.
جاء صوته هامسًا: عهد، ممكن احضنك؟
نظرت له ورأت عيناه التي تزداد سوادًا، هو فاتن بحق، ابتلعت ريقها بينما هو لم يمنع نفسه، احتضنها دافنًا رأسه في رقبتها، ارتجفت قليلًا ولكنها وجدت يداها تضمه إليها، شعرت وكأنه كان جزءًا منها ثم انقطع، ولكنه عاد الآن، عاد ومعه كل الأمان والدفء التي كانت تحتاجه.
عندما شعر بتجاوبها معه شدد احتضانه لها، يعترف امام نفسه انه لو بقى اكثر من هذا سيستسلم امامها.
رفع وجهه قليلًا ليضم رأسها إليه، لا يعلم كم من الوقت ظلوا هكذا، هو فقط يريد البقاء بين يديها.
ابتعد قليلًا ليجد انفها يشع احمرارَا بسبب توترها، ابتسم وهو يزيح خصلة من على جبينها الى خلف أُذنها، تكلم بنبرة خافتة: يلا نقوم نجهز العشا؟
اومأت برأسها وهي تنظر لأسفل، قاما الأثنان وهما يستعدان كي يحضران عشاء فريدًا من نوعه، عشاءًا سيجمعهما معًا..
#عهد
#الكاتبة_رحمة_عبدالله
أنت تقرأ
"عهد"
Romanceضائعة، تائهة، تسير في طريق صخري جعل قلبها ينزف وما مِن مُنقِذٍ..حتى أتى وانتشلها..انتشلها وهو لايعرفها ولكنه القلب، وليس لها على القلب حكم..!