"الفصل الثاني"

433 12 1
                                    

رواية "عهد"
  الفصل الثاني
  صعدا إلى البناية بعد أن ذهبا إلى ذلك المكان الذي وصفه لهم ذلك الشاب المحتال، كان طارق يمتلئ بالغضب من ذاك الأحمق الذي ضحك عليهم، أخذ يفكر ما الذي سيفيده من تلك الخدعة.
  دلفت فاطمة الى الشقة بعد ان وجدت الباب مغلقًا، نادت: انتي يابت، دي غارت في انهي داهية دي.
  جلس طارق على الأريكة التي تتوسط غرفة المعيشة بينما بحثت عنها فاطمة في جميع أنحاء الشقة ولكنها غير موجودة، ضربت على صدرها وهي تجمع بين ما حدث اليوم لتتجمع في عقلها صورة ان الشاب اختطف عهد.
***
فتحت عيناها ببطءٍ، تخشى أن تصطدم بواقعها الأليم، أخذت تحرك جفنيها بسرعة وبقوة حتى تعتاد على الضوء الذي اقتحم عينيها على حين غرة، اعتدلت بجلستها وهي تشعر بدوار شديد بعدما تذكرت ما حدث قبل أن تفقد الوعي، تذكرته وهو ينظر لها بخوف، تساءلت من يكون ذلك الشاب الذي دلف الى حياتها فجأة.
  قامت وهي تتمسك بطرف السرير كي لا تفقد توازنها، شعرت بألم في يدها فنظرت لتجد إبرة المحلول موضوعة بيدها، وقفت بتوازن متزامنة مع دخول الممرضة وهي تقول بابتسامة: اي دا انتي صحيتي اهو، حمدلله على السلامة، اي اللي خلاكي تقومي بس؟
  لم تقدر على التحدث، شعرت بأن لسانها عاجزٌ عن الكلام، تملكها شعور غريب بالعجز، ابتسمت بهدوء لتردف الممرضة: لا الوقفة دي غلط عليكي، نامي على السرير انتي لسة تعبانة.
  أومأت عهد بالموافقة لأنها شعرت بألم في وجهها ورقبتها وباقي جسدها، صدقًا لم تحتمل الوقوف.
  تابعت الممرضة وهي تخرج: هاقول لأستاذ احمد انك فوقتي وهارجع تاني.
  قطبت ما بين حاجبيها مستفهمة عن ذلك الإسم، حسنًا جلست على السرير وهي تعتقد انه الطبيب بالتأكيد.
  شردت لتنتبه فجأة إلى فكرة قفزت إلى عقلها، من الذي أتى بها إلى هنا؟
  انتبهت من شرودها على طرق خفيض على الباب، استدارت برأسها لتجده هو!
  وقفت على الفور وقالت بصوت مرتجف بعض الشيء: أنت! أنت اللي جبتني هنا؟
  اجاب بهدوء ونظرة حانية: أولًا حمدلله على سلامتك، ثانيًا انا جبتك هنا لما حسيت انك في خطر، مين اللي كانوا بيضربوكي دول؟ اهلك؟
  لاحظ عَبَرَاتها التي لمعت بها عيناها، أمسكت رأسها وترنحت ليسرع بإمساك يدها، أجلسها على السرير ثم جلس في المقابل وقال بهدوء وهو ينظر أرضًا: لو مش عايزة تحكي براحتك.
  أمسكت برأسها وقالت ودموعها تنزوي أركان وجنتيها ببطءٍ: اي اللي خلى حضرتك تجيبني هنا، زمانهم قالبين الدنيا عليا.
  تعجب وهتف: انتي خايفة عليهم كدا ليه؟ دول كانوا هايموتوكي لو كنت سبتك.
  - مش خايفة عليهم، انا خايفة منهم..انت متعرفش هما ممكن يعملوا ايه لو عرفوا مكاني، مش بعيد يموتوني ويأذوك جامد اوي.
  تنهد وقال: متخفيش محدش هايعرف مكانك.
  نظرت له وقالت: انا مليش مكان ابات فيه..معنديش حتى قرايب اروحلهم، مليش حد غيرهم.
  قالت جملتها الأخيرة وهي تعتصر عيناها دموعًا ويعتصر قلبها ألمًا، قال: هما يقربولك ايه؟ اللي كانوا بيضربوكي.
  نظرت له ثم الى الأرض وقالت بنبرة باكية: دول يبقوا عمي ومراته.
  - انا أسف لو بتطفل، بس هما كانوا بيضربوكي الضرب دا كله ليه؟
  تنهدت مع نزول القليل من دموعها الساخنة، قالت: عشان..اتجوز ابنهم.
  شعر انها تحت ضغط كبير، سكت قليلًا ثم قال: بصي احمدي ربنا انه خلاني سبب في نجاتك.
  همست: الحمد لله.
قال وهو يبتسم بهدوء: مقولتليش بقا، اسمك ايه؟
  ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيها لتقول: عهد..اسمي عهد.
  - اسمك جميل اوي، وانا اسمي احمد.
  ابتسمت بخجل لتدلف الممرضة وهي تقول: معلش يا أنسة ممكن تنامي على السرير عشان الدكتور جاي يتطمن على حالتك.
  نظرت له عهد بخجل لتجده ينظر إليها وعلى الفور قام وخرج متفهمًا انها تخجل منه.
  دخل الطبيب وقام بسؤالها عدة أسئلة، ثم خرج ليترك الممرضة ترى عملها.
  قابل الطبيب احمد وقال: حضرتك جوزها مش كدا؟
  تردد احمد ليقول الطبيب وهو يقرأ ما دونه في دفتره: عمتًا المدام اللي جوا حالتها متدهورة، وواضح ان دي مش اول مرة يحصلها ضرب بالطريقة الهمجية دي، دا بالإضافة للأنيميا الشديدة اللي عندها، ياريت تجيبلها الأدوية دي بسرعة وتخليها تنتظم عليها.
  اومأ برأسه ليذهب الطبيب وتخرج الممرضة من الغرفة، طلب منها احمد ان تأتي له بطعام واعطاها المال ثم انصرف ليدخل الى عهد النائمة.
  دلف بعدما طرق طرقتين وسمع صوتها الضعيف يقول: ادخل.
  دخل لتحاول الأعتدال في جلستها فيقول: خليكي مرتاحة..انا بعت اجيب اكل عشان تاكلي، الدكتور قال ان عندك انيميا شديدة.
  نظرت له بحرج وقالت: شكرًا.
  قاطعها: شكرًا ايه بس، اعتبريني زي اخوكي، مفيش شكر ما بين الأخوات.
  ابتسمت بامتنان لهذا الشخص الذي اخذها من بين براثن عائلتها، تكلم بمرح ليخفف التوتر: وبما اننا اخوات، انا هاتنازل واكل معاكي وامري لله.
  ابتسمت بودٍ واضح وابتسم معها.
  ***
  مرت عدة ايام على مكوث عهد في المشفى، كان احمد يغيب عنها في الليل فيذهب الى عائلته ويأتي في النهار لقليلٍ من الوقت يجلس معها يحاول التخفيف عنها.
  شرح لأمه قصتها منذ أن رآها تبكي الى أن ذهب..
"رحمة عبدالله"

"عهد"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن