الفصل الثامن

218 11 5
                                    

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك
رواية "عهد"
  الفصل ٨
الكاتبة/ رحمة عبدالله
  في المساء وبينما عهد نائمة هي وفيروز، جلست نعمة بجوار ولدها تقص له ما حدث مع عهد ومن تكون هي، سعد كثيرًا انها تكون احد معارف امه، سألت نعمة بنبرة ذات مغزى: اي فرحان كدا لي؟
  رد وقد فهم نظرة امه: عشان رضيتي يعني انها تقعد معانا.
  - لا اطمن هي هاتقعد على طول..مش هتمشي ابدًا.
  قال: هي نايمة؟
  ابتسمت نعمة وقالت: اه نامت من بدري.
- طب خليها مرتاحة ومحدش يصيحها، وخلي فيروز تحفظ مواعيد الدوا بتاعها.
  ابتسمت نعمة اكثر وقالت: ماشي يا حبيبي..احضرلك العشا يابني؟
  اومأ موافقًا لتنصرف امه ويجلس هو يفكر بها، دلفت حياته فجأة، بل واصبحت الآن من اهل البيت أيضًا..ابتسم وهو يتذكر ملامحها، رقيقة هي وضعيفة، تشبه تلك الفراشة التي تاهت في العاصفة.
  انهى عشائه ثم توجه الى غرفة اخته كي يذاكر، فتح الباب ثم دلف وسط الظلام ليجد...
  تقلبت في فراشها إثر كابوسٍ قد بدأ يراودها منذ أن كانت في المشفى.
  رأت نفسها مقيدة في سرير يشبه سريرها القديم، وكان يقف أمامها شابًا لم تتبين ملامحه، بدأت تتضح الرؤية لتراه..انه باسم ابن عمها.
  تقدم نحوها ببطء وهو ينظر لها بنظرة غريبة لم تعهدها من قبل، ظهرت يده حاملة لسوط اسود اللون!
  بدأت عيناها باللمعان إثر الدموعوهي تترجاه ان يتركها، رفع يده ليهوي على جسدها بالسوط.
  ارتعش جسدها بشدة امامه وهو يحاول افاقتها ولكن بلا جدوى، امسك يدها وهو يهز كتفها برفق وينادي بخفوت: عهد..عهد.
  فتحت عيناها، رأته يقف والقلق يتآكل ملامحه، هتف بنبرة قلقة: انتي كويسة؟
  رمشت عدة مرات وهي تحاول الأعتدال من وضعية نومها وقالت: اه..اه كويسة.
لاحظ دموعها التي انزلت عيناها ارضًا كي تخفيها، فقال وهو يربت على يدها: استني هاناديلك ماما.
  نادى لأمه فأتت على الفور لترى عهد متعرقة الجبين، تهذي بكلمات خافتة، احتضنتها وهي تسمعها تقول بخفوت: اناا..بااسم هنا..بيضربني.
  نعمة: استهدي بالله باسم اي اللي هايجيبه هنا، دا كابوس يا حبيبتي، صلي على النبي كدا.
  تمتمت عهد: عليه الصلاة والسلام.
  هدأت قليلًا بعد دقائق، لتنتبه الى ذلك الذي يقف وينظر لها بقلق، تذكرت انها امامه دون حجاب، خبأت وجهها في كتف نعمة اكثر لتقول نعمة بهدوء: اي يا حبيبتي لسة خايفة؟
  نفت عهد برأسها ثم همست: انا قالعة الطرحة يا طنط.
  فرحت نعمة بطلب عهد، وهو ما أكد لها عن حُسن اخلاقها، تنحنحت وقالت: احم..احمد.
  اجابها: نعم يا امي.
  - روح برة دلوقتي.
  تعجب من طلب امه، ولكنه اطاعها بصمت، ظن ان عهد تريدها في شيئًا خاصًا بها.
  مرت دقائق قبل ان تعود عهد للنوم مرة اخرى وتخرج نعمة من الغرفة، نظر لها احمد بقلق وقال: في اي يا امي هي عهد تعبانة؟
  ابتسمت نعمة بفرحة وهي تقول: يا زين ما ربيتي يا ليلى، سابتها وماتت لكن روحها وادبها في بنتها، زي امها تمام.
  نظرت الى ولدها الذي لا يفهم شيء مما قالته وقالت: دي اتكسفت عشان انت واقف وهي مكنتش لابسة طرحة.
  ابتسم وفرح بداخله لكونها بتلك الأخلاق، استأذن والدته كي يذهب الى غرفته حتى يذاكر..
  في الصباح..
استيقظت عهد، جلست على حافة السرير وهي ترى ضوء الشمس يتخلل فتحات النافذة الصغيرة فيعطي احساسًا بالصفاء.
  قامت ثم انخفضت بمستوى فيروز التي تنام كطفلةٍ انهكها اللعب، هزَّتها قليلًا لتراها تفتح عيناها وتبتسم.
  قالت عهد وهي ترد لها الابتسامة: صباح الخير.
  ردت فيروز بنفس الابتسامة: صباح النور..اي دا انتي صحيتي قبلي؟
  - اه صحيت بقالي خمس دقايق كدا.
  قامت فيروز وهي تقول بمرح: اعطيني يدك يا فتاة.
  مدت عهد يدها لها لتقوم فيروز وتفتح الباب، خرجت كلًا منهما كأنهم لصوص.
  تسللت فيروز وخلفها عهد لتقول بصوت يكاد يُسمع: هاخش الحمَّام وارجعلك هوا.
  اومأت عهد برأسها موافقة.
  التفت يمينًا ويسارًا لترى باب غرفته مفتوحًا، ظنت انه قد ذهب الى عمله.
  تسللت بخطوات صغيرة وخفيفة الى غرفته، دفعت الباب قليلًا كيف تظهر الغرفة خالية، دخلت وتنفست بعمق لتمتليء رئتيها برائحته، كم هي جميلة، توجهت الى ذاك الرُكن الذي فيه بعضًا من الكتب الخاصة به.
  دفعها الفضول فأمسكت بكتاب كُتب عليه "أنت لي"، تعجبت من ضخامته، انه يتجاوز الألف صفحة، جلست على سريره فتحت صفحة عشوائية وجذبتها السطور لتقرأ وتذوب رويدًا رويدًا بين احرفها.
  - عهد.
  هبت واقفة بذعر وقد استمعت لصوته يصدح بأسمها، اجابته بارتجاف: ننعم.
  إنه احمد، يقف امامها ويغطي جزءًا كبيرًا من الباب الذي خلفه.
  نظر الى الكتاب ثم إليها وقال: بتعملي اي؟
  -  اصل..انااا..اناا ك كنت داخلة فلقييته واقع.
  اقترب قليلًا وقال: وداخلة عندي لي؟
  ابتلعت ريقها وشعرت بقلبها يضرب بصدرها أكثر كلما اقترب، قالت: كنت..كنت هاروَّق الأوضة.
  ابتسم بهدوء وقال: مفيش داعي للتوتر دا كله، لو عايزة الكتاب خديه، اقريه هايعجبك انا كدا كدا خلصته.
  ابتسمت هي الأخرى وقالت: حاضر.
  - طب يلا عشان نفطر سوا، ولا انتي مش عايزة تفطري معايا؟
  ردت نافية: لا أبدًا.
  ثم عضت على شفتها السفلية على تسرعها، ابتسم بهدوء وجاذبية ثم خرج.
  خرجت ورائه وهي تعدل حجابها الذي احست انه سيسقط عنها.
  جلس في محاذاتها وهو ينظر لها، ارتبكت من نظراته تلك فتصنعت تجاهلها وتصنعت ايضًا انها ستساعد فيروز بالمطبخ.
يتعمد أن ينظر لها، يريدها أن تعتاد عليه وعلى وجوده، لا يعرف لماذا ولكنه فقط يريد هذا، مشاعر لا يعرف لها مسمى، هو فقط يشعر بها، ترك كل شيء عندما رنَّ هاتفه برقم أمه، تناول الهاتف في نفس اللحظة التي خرجت فيها عهد من المطبخ حاملة للأطباق، اجاب: السلام عليكم، ايوة يا أمي انتي فين؟
  جاءه صوتها: انا في السوق يا احمد، قولي هي عهد جمبك؟
  نظر لها وقال: اه، اه جمبي اهي.
  نظرت له عهد بترقب...
#الكاتبة_رحمة_عبدالله
رأيكوا💖

"عهد"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن