الفصل 19

194 12 7
                                    

رواية"عهد"
     الكاتبة/ رحمة عبدالله
     الفصل ١٩
     قال وهو يبتلع ريقه بقلق: دي واحدة آآ.. مخطوفة لكن والله هرجعها في اقرب وقت، بس المهم دلوقتي تشوفي حاجة تخفف حرارتها.
     نظرت له بغضب مكتوم ثم ذهبت الى فيروز الغير واعية بأي شيء حولها، فتحت عيناها عندما احست بيد توضع على جبهتها، نظرت الى تلك السيدة ثم اغمضت عيناها مجددًا بإعياء.
     نظرت السيدة الى مازن القائم ثم قالت: روح هاتلي تلج وميا وحتة قماشة بسرعة.
     هرع مازن يلبي طلبها، عاد إليها ووضع ما طلبته بجانبها، اصدرت فيروز أنينًا عندما وضعت السيدة قطعة القماش الباردة على جبهتها، وجد مازن نفسه يمسك بيدها يطمئنها بأنه بجانبها، شعر بصراع بداخله وعقله يسترجع ما حدث لها بسببه، ألم ينسى أنتقامه من احمد؟ أم سيصفح عنه؟
     تذكر حبيبته الراحلة وهي تقول: "اوعى في يوم يا مازن تأذي بنت، افتكر انك لو عملت حاجة هاتتردلك"
     نظر لها نظرة طويلة ثم افاق على صوت الجرس يرتفع، فتح ليجده صديقه، زين.
    دلف زين إليهم، طلب من تلك السيدة المغادرة ليتم فحص فيروز..
    وقف مازن بجانبها وهي تقول بعصبية: ياما نصحتك وقولتلك ابعد عن سكة ابوك وامك وانت زي مانت عارف الغلط وماشي فيه.
    سكتت قليلًا فقال بدوره ونبرته يعتريها تردد: اناا..يا خالتي ما انتي عارفة اني مش هاينفع ابعد عن الطريق دا..ابويا مش هايسبني في حالي.
    - شوف رغم ان امك اختي لكن هي سكتها غير سكتي وطرقنا عمرها ما اتقابلت، انت حبيت الشغل دا وحبيت فلوسه الكتيرة، اللي بتيجي بالقتل والمخدرات والسلاح..ذنبها اي المسكينة اللي جوا دي؟
    صمت وهو يتابعها وهي تجلس، لحظات مرت بطيئة عليهما يعمّها الصمت.
    خرج زين اخيرًا وهو يزفر بحنق من صديقه، توجه نحوه مازن بلهفة قائلًا: مالها يا زين؟
    نظر له زين ثم الى خالته وقال لهما: خدت نزلة برد شديدة، ياريت يا طنط حنان تبقي تعمليلها حاجة سخنة.
   نظر الى مازن وقال ساخرًا: اصل البيه كان بيأكلها فتافيت اكل.
   نظر له مازن باستياء لتقول خالته: شكرًا يا زين يابني، كتر خيرك وانا هاروح اعملها اكل حاضر.
   ذهبت لتعد لها شيئًا دافئًا، بينما قال زين محذرًا: رجعها بسكات احسن ما اخوها يوصلك وتتسجن.
   تركه ورحل، نظر الى الغرفة التي تمكث بها ثم اقترب منها ببطء وهو يشتعل بالداخل.
   الداخل! حربٌ لا تنتهي ومعارك غير محسومة، قلبه يلومه على حالها وعقله يصور له انه قد فعل الصواب باختطافها، وكأين من عقل أصابه الغباء فبات كالستار يحجب الرؤية..
  وجدها تحرك جفنيها وكأنها تقاوم شيئًا ما، ذهب إليها وهزها برفق وهو يقول: فيروز..فيروز انتي كويسة؟
  بدأ تنفسها يعلو وتتعرق، تتنفس بسرعة وهي ترى ذلك الكابوس الذي كاد يخنق روحها، فتحت عيناها بفزع وهي تقول بهيستيرية: لا لا احمد لأ..احمد لأ.
  نظرت له وهو ينظر لها بقلق، تكلم وهو يمسك بيدها: اهدي طيب، اهدي خالص.
  سحبت يدها منه بعنف وقالت وهي تبكي: انت..انت هاتقتله..هاتقتل احمد.
  شهقت ببكاء وهي تكمل وتبتعد عنه: لأ لأ متقتلوش عشان خاطري.
  في نفس الوقت دخلت حنان (خالته) إليهم وهي تحمل الأطباق، تقدمت منها سريعًا وهي تضع الأطباق جانبًا، نظرت لها فيروز بخوف وقالت وهي تقصي يديها عنها: انتي مين؟
  اقتربت منها حنان وقالت وهي تربت على يدها بعدما تناولتها بين راحتيها: متخفيش يا حبيبتي،  انا خالة مازن.
  بدأت ملامحها تلين لتقول حنان وهي تتناول الأطباق من جانبها: بصي بقا انتي لازم تشربي الشوربة دي وتاكلي كويس عشان البرد اللي عندك دا يروح.
  - لا، لا انا مليش نفس و..
  لم تكمل حتى عطست بقوة، تمتمت بعدها: الحمدلله.
  - يرحمكم الله.
  قالها مازن وحنان لتقترب حنان منها وهي تقول: اهو البرد مأثر جامد، يلا بقا اشربي الشوربة.
  اهتز هاتفه فقام وخرج من الغرفة تحت انظارها.
  اجاب: ايه يا نائل عايز ايه.
  - ابوك بيقولك انت ناوي على ايه مع البت دي؟
  صمت مفكرًا ليأتيه صوت نائل ساخرًا: هي صعبت عليك ولا اي؟ ما قلتلك سيبهالي وانا هاندم اخوها.
  قاطعه مازن بضيق: انت مش خطفتها وجبتهالي، لغاية كدا ودورك خلص، الباقي كله عليا.
  - ايوة يعني ناوي على ايه؟ الواد والبوليس وصلوا ل ٣ شقق من بتوعك انت وابوك، وشكلهم هايجبوك قريب.
  زفر بضيق ثم اغلق المكالمة بوجهه، نصحه زين كثيرًا بالإبتعاد عن هذا الشاب، نائل، ولكنه كان بحانبه في كل العمليات الخاصة به، وهو أيضًا يساعد اباه وعمه في ترويج الاسلحة التي يشترونها والمخدرات، هو الشيطان الذي يدير كل شيء.
  ***
  استيقظ ليجدها تنام على ذراعه منذ الأمس، ابتسم ثم قال وهو يراها تتململ: صباح الورد.
فتحت عينها اليمنى والأخرى مغلقة وهي تقول: صباح الخير يا فيرو.
لم تكمل وقامت مسرعة وهي تقول: انا اسفة والله معرفش انا نمت ازاي كدا.
قال بصوت رخيم: عادي ولا يهمك، الموضوع مش مستاهل انك تتأسفي.
أخفضت بصرها ليقول وهو يتنحنح: عهد، انتي مش كنتي عايشة معاهم..تعرفي ابن عمك كان بيقعد كتير فين؟
أطرقت برأسها تفكر ثم قالت: هو انا كنت قاعدة ف الشقة اللي انت لقيتني فيها قبل كدا، ومكنتش بروح شقق تانية، بس عمي كان بيتكلم ف مرة على شقة في المعادي، ممكن يكون فيها.
اشار برأسه موافقًا اياها ثم وجد هاتفه يرنّ..
***
خرجت خالته من الغرفة المتواجدة بها فيروز وقالت بحزم: اسمع بقا، انا واثقة فيك وكل حاجة انما من هنا لغاية ما ترجعها هاقعد معاها هنا، وانت تنزل تحت، طارق يعرف حاجة عن موضوع خطفها.
ابتسم مازن بسخرية ولوى فمه قائلًا: يعرف؟ دا كان عايز يقتل اخوها، عارف اني خاطفها بس ميعرفش اي اللي ناويه.
- وسيادتك ناوي على ايه؟
نظر لها ثم الى الأرض وقال بحيرة: مش عارف، بس هاحاول الاقي حل وارجعها من غير ما أذيها.
نظرت له نظرة يعرفها جيدًا وقالت بمكر: اوعى تكون.
قاطعها: لا، عمري ما هفكر في كدا اصلًا، من بعد تالين والدنيا اسودت في وشي.
وخزته في كتفه وهي تقول بابتسامة: يا واد دا انا حافظاك، عمومًا ماشي انا هانزل اجيب حاجات كدا للبيت وللبنية اللي جوا دي، هي اسمها ايه؟
- فيروز.
نطقها وهو يبتسم، حاول مدارة ابتسامته ولكن ضحكت خالته قائلة: ماشي يا حبيب خالتك، يلا مش هاتأخر، واوعى تدخلها اديني نبهتك اهو.
ابتسم لها ثم غادرت الشقة، اغلق الباب ورائها، نظر الى الساعة ليجدها تشير الى العاشرة صباحًا، تردد في الدخول إليها، قد تعب من تلك الصراعات، وأضحى أسير قلبه، حسنًا انتهى الأمر سيفعل ما يمليه عليه قلبه ولكن تحت مسمى الإنسانية والشفقة، هكذا اقنع عقله، فليكن إذًا.
طرق الباب مرتين، قابله الصمت فدخل وهو يتنحنح، هرع إليها وهو يراها تستند بضعف الى خزانة الملابس خاصته، تنظر الى الأسفل وهي تمسك رأسها، تنفست بسرعة وهي تشعر أنها ستسقط أرضًا.
وجدت يداه تغلف خصرها، التفتت له بضعف لتجده يقول بحزم وقلق: ايه اللي قومك من الزفت مش عارفة انك تعبانة؟!
ارادت ابعاد يديه المتمسكتان بها وهي تقول بوهن ظهر على ملامحها: ابعد لو سمحت مينفعش كدا.
- هاتقعي لو سيبتك على فكرة.
افلت يده من على خصرها ثم امسك بيدها ويده الأخرى مازالت تسكن خصرها وهو يتحرك بها الى السرير، قالت بنبرة مختنقة: وحيات خالتك سيبني امشي انا مليش ذنب في دا كله.
رغم انه كان يريد ان يضحك على نطقها لتلك الجملة إلا انه رأى دموعها تتراقص بعينيها، جلست بمساعدته على السرير، قال وهو يسحب يده من خصرها: هاتمشي بس مش دلوقتي.
صمت وهي تنظر الى يدها التي يمسكها بخجل، شرد قليلًا ليفيق على صوتها: مازن ممكن تسيب ايدي لو سمحت.
- ااه، اه معلش انا سرحت ماخدتش بالي.
صمت مجددًا ليقول وهو ينظر الى الأرض: فيروز اناا..احم يعني امبارح قولتلك كلام عن..تالين و.
سبقته بما يود قوله: متخفش محدش هايعرف، بس هي تالين كانت تقربلك ايه؟ زي عهد يعني؟
سيفقد اعصابه وينهار كما الأمس، لا يريد ذلك الآن، لا يحبذ ان يكون ضعيفًا امامها.
ابتلع ريقه وقال بصوت مختلط بمشاعر كثيرة، واكثرها الألم: لا متقربليش، كانت حبيبتي..وكنت هاتقدملها بس يعني.
- الله يرحمها.
قاطعته عندما لاحظت نبرة صوته التي انخفضت تدريجيًا وكأنه سيبكي في أي لحظة.
نظر لها وقال بابتسامة لطيفة:تحبي تكلمي اخوكي؟
نظرت له بفرح وقالت بعدم تصديق: بجد! هاتخليني اكلمه!
ولكنه عاد يقول منبهًا لها: بس اوعي تقوليله اني انا اللي مخليكي تكلميه، قوليله مثلًا نسيت تليفوني وانتي اخدتيه وأنا مش هنا، ماشي؟
وافقت ثم امسك بهاتفه ليتصل به، بعد عدة ثواني جائها صوت احمد يقول: السلام عليكم.
ردت بفرحة وهي تأخذ الهاتف من مازن: وعليكم السلام، احمد عامل ايه وحشتني وحشتني اوي.
على الجانب الأخر قام احمد بلهفة وقال: يا حبيبتي وانتي وحشتيني اكتر،  انتي فين؟ تعرفي العنوان؟ وعاملة اي؟ ومين اداكي التليفون دا؟
ضحكت على أخيها وهي تقول: طب براحة طيب، هاجاوب على كل دا ازاي؟
تنهد احمد وقال: فيروز طمنيني طيب، انتي هربتي منه ولا اي؟
- لا مهربتش، هو بس نزل وساب التليفون.
بترت جملتها عندما نظر لها مازن رافعًا حاجبيه بتعجب لتنظر له مستفهمة، اشار الى هاتفه بمعنى انه قد نسيه فلم تفهم، تمتم: يادي النيلة عليا.
سمعته فضحكت ليقول بهمس: نسيته مسبتوش.
- فيروز في حد عندك ولا اي؟
سألها احمد بقلق لتقول وقد استعادت نبرتها الجدية: لا لا مفيش حد انا بس كنت بطمن لاحسن حد يكون برا الأوضة ماما عاملة اي؟ طمنها عليا، وسلملي على عهد كتير، هو نزل ونسي تليفونه وانا اخدته واتصلت بيك.
لوَّح مازن بيده ان تسرع، انتبهت له لتقول لأحمد: انا هاقفل يا احمد عشان سامعة صوته سلام.
اغلقت بسرعة وهي تبتسم، نظت له مدت يدها بالهاتف ليغلقه، نظر لها فوجدها تبتسم بسعادة ليقول بلطف: كل دا عشان كلمتيه؟
ابتسمت بشدة وهي تقول بطريقة طفولية: اصل احمد فيه من بابا كتير، هو يعتبر بابا التاني اصلًا.
ابتسم لسعادتها ثم قام كي يخرج من الغرفة ليسمعها تقول: مازن.
استدار لها: نعم.
ابتسمت بجاذبية وقالت: شكرًا انك خلتني اكلم احمد.
رد نفس البسمة وقلبه يخفق بشدة قائلًا: العفو.
غادر الغرفة ليراه جالسًا واضعًا قدمًا فوق الأخرى، ينفث دخان السيجار ببطء وهو ينظر له بمكر كعادته..
تفتكروا مازن هايرجع فيروز كدا من غير ما ينفذ انتقامه وياخد عهد؟
ومين بقا الراجل دا، انا عارفاه بس مش هقول😂
#عهد
#الكاتبة_رحمة_عبدالله
رأيكوا يشباااب🎼🖤

"عهد"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن