الفصل الرابع

309 12 4
                                    

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك
رواية "عهد"
  الفصل ٤
الكاتبة/رحمة عبدالله
  لم تملك ملابس تليق بالخارج..او تليق بفتاة في مثل سنها، طلبت من الممرضة التي باتت صديقتها ان تعيرها اي قطعة من الملابس ترتديها، أتت لها الممرضة بعباءة سوداء أنيقة إلى حدٍ ما ولكنها ليست رائعة.
  ارتدتها وتركتها الممرضة لتذهب الى احدى المرضى، جلست على فراشها الأبيض وتنفست بعمق تستشعر روح أُمها التي أضحت من الأموات.
  بالكاد أغفلت عن صوت فتح الباب الخاص بغرفتها لتتفاجأ برجل ملثم يقف أمامها.
  صرخت وبحركة سريعة اخرج من جيبه سلاح ابيض وحاول طعنها فركضت الى الباب مسرعة ولكنه امسك حجابها...
  بعد عدة دقائق..
  نظر أحمد الى باب المشفى والذي يمتلئ بالكثير من الممرضات والناس والأطباء الذين تجمعوا لحدوث شيءٌ ما.
   تقدم إليهم ثم دخل ليجد تلك الممرضة اتي كانت دائمًا ما تجلس مع عهد تبكي، ذهب إليها مسرعًا وقد ترك ما بيده من ملابس في اكياس بلاتيكية، تكلم بصوت اعتلاه خوف: في ايه؟ ايه اللي حصل؟ ، وعهد فين؟
  قالت بصوت يغلب عليه البكاء: اناا سمعت صوتها وهي بتصوت، جريت بسرعة على صوتها..فتحت الباب لقيتها طلعت تجري وكانت متبهدلة و ايدها كان فيها جرح، وكان فيه راجل ولما دخلت وشوفته كان جري ونط من الشباك.
  انهت كلامها ليعلم انه ما كان الا واحدًا من رجال عائلتها يحاول ان يعيدها اليهم بالقوة، دق قلبه بخوف جامح عندما تذكر عهد التي ركضت الى خارج المشفى، هي لا تعرف شيئًا عن هذه المنطقة بالتأكيد، ركض الى الخارج مسرعًا وهو يشعر بالضياع، تُرى أين ذهبت؟ هل تكون عادت إليهم؟ ليس لديها احد كما اخبرته فأين تكون قد ذهبت؟
  يمشي وهو لا يعرف اين يبحث عنها، انقبض قلبه عندما خطر بباله أن يكون اصابها مكروه، نفض تلك الفكرة واتصل بصديقه المقرب "حسن" ليأتيه الرد: الو.
  - ايوة يا حسن، انت فين؟
  اجابه حسن بشك: انا في المحل زي ما سبتني، انت اللي فين؟ روَّحتها؟
  ذفر بضيق وقال: بقولك اي، تعالى عند القهوة اللي في***.
  اغلق المكالمة ليرتفعا حاجبي حسن متعجبًا، ذهب الى مديره ليستأذنه في الإنصراف قليلًا.
  ذهب إليه حسن ليجده يجلس شاردًا وكأنه يحمل عبء ثقيل، طرق بخفة على المنضدة علَّه يفوق من شروده، قال: اي يا عم سرحان في اي؟
  انتبه له احمد واعتدل في جلسته ثم قص عليه ما حدث منذ ساعة.
  - انا بصراحة مش داخل دماغي حكاية هروبها من اهلها عشان يجوزوها غصب عنها دي، البت دي وراها حاجة.
  نظر له احمد بغضب خفيف وقال: ما انت لو كنت سمعتها وهي بتصرخ وعمها ومرات عمها بيضربوها كأنها حرامي مكنتش هاتقول كدا، انت مشوفتش الكدمات اللي في وشها وفي رقبتها كانوا عاملين ازاي، ولا شوفت وشها كان مش باينله ملامح لما وديتها المستشفى.
  حسن صمت لأنه يعرف صديقه حق المعرفة ولن يصدق أنه فعل ذلك كي يحميها فقط، سكت لأنه لا يريد ان يثير غضبه.
  اردف احمد وهو يشعر بالقلق: انا اللي قلقني انها ملهاش حد، طب هتكون راحت فين؟ معقول تكون رجعتلهم تاني؟
  تكلم حسن وهو يحاول التخفيف عن صديقه: تلاقيها بس حوالين المستشفى وهاترجع تاني، اكيد هاتبقى خايفة من ساعة اللي حصل.
  - طب تعالى نتمشى جمب المستشفى، ندور عليها.
  اعترض حسن قائلًا: لا يا عم الجو نفخ.
اجابه احمد بعصبية: يعني انت كمان راجل وبتقول الدنيا نفخ ومش عارف اي، امال المسكينة دي تعمل ايه؟ انا هاروح ادور عليها، وهلاقيها حتى لو سألت كل واحد ماشي في الشارع.
  قام من مكانه ليقول حسن: خلاص يا سيدي، انا جاي معاك، يلا ندور عليها.
  ***
  كانت تمشي وهي لا تزال تبكي، تداري ساقها التي ظهرت بعدما شق صاحب الوجه الملثم عبائتها، شعرها ينطلق بعشوائية، تتخلله النسمات الباردة، شتاء مظلم يؤنس وحدتها، لم تجد غيره مؤنسًا لها.
  وجدت مقعد فجلست عليه تتابع السيارات من بعيد وهي تسير بسرعة كبيرة، لولا بُعد المسافة بين المقعد والطريق لظن السائرون بالسيارات انها سائلة، شحاذة، ترتجف بالتزامن مع الرياح الباردة، تشعر بالضياع أكثر من اي وقتٍ فات، تفكر..ماذا لو وجدها ابن عمها المدعو باسم؟ ماذا لو لم يجدها احمد؟ اين ستذهب؟
  سمعت صوتًا يأتي من خلف تلك الشجيرات التي خلفها، نظرت نحوها وهي تنكمش على نفسها خائفة، اختفى الصوت ولكنها مازالت ترتجف.
  قامت وهي تستند الى المقعد، تريد أن تمشي من هنا، لعلها تجد ملجأ لها، تركت المقعد ووقفت لتهب نسمات باردة لفحت خصلاتها وتسللت البرودة الى جسدها فترنحت واستندت الى المقعد ثانيةً وجلست عليه تحاول تدفئة نفسها، تحك يديها ببعضهما حتى تتولد حرارة.
  لم تمر دقائق حتى وجدت سيارة سوداء وقفت بالقرب منها وسكنت تمامًا، حاولت ان تداري ساقها برعب بعدما نظرت لذلك الرجل الأربعيني الذي نزل من السيارة..
-رحمة عبدالله💙

"عهد"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن