الفصل 16

187 10 13
                                    

اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رواية "عهد"
   الكاتبة/ رحمة عبدالله
   الفصل ١٦
   استيقظت فيروز بنشاط، ارتدت رداء الصلاة وأدت فرضها، نزلت بعد دقائق كي تحضر طعام الإفطار.
   نهضت عهد فوجدت ان فيروز قد استيقظت، نظرت الى هاتفها الذي تركته ووجدت الساعة تشير الى الواحدة ظهرًا.
   جائت نعمة وابتسمت لعهد قائلة: صباح الخير يا حبيبتي، امال البت فيروز فين؟
   تابعت بقلق: معقول تكون لسة مجاتش؟
   قطبت عهد حاجبيها وقالت: ليه هي نزلت راحت فين؟
   - صحتني يابنتي من شوية وقالتلي نازلة تجيب فطار وخدت الفلوس ونزلت، شوية اي؟ دا من آذان الضهر!
   بدا على ملامح عهد القلق لتقول وهي تقوم: انا هالبس الإسدال وانزل اشوفها عند المطعم، انا روحته قبل كدا معاها.
   اومأت نعمة موافقة ثم خرجت لتقوم عهد وتفعل ما قالته منذ دقائق.
   ***
  فتحت عيناها ببطء وهي لا تتذكر ما الذي حدث، هي فقط كانت تنوي شراء كتاب دراسي لها فتوجهت الى المكتبة ثم ظهرت امامها سيارة سوداء، ترجل منها شخص لا تتذكر ملامحه كثيرًا ولكنه سرعان ما نفث شيء في وجهها وبعدها أظلمت الدنيا من حولها، فتحت عيناها لتعتاد على الضوء المسلط عليها، رمشت عدة مرات وهي تقاوم الضوء الشديد، سمعت صوت دب الرعب في اطرافها يقول: شرفتي.
   نظرت ناحية الصوت لتجده شاب طويل القامة بالنسبة لها، شعره طويل يصل الى عينيه متمردًا، عيناه عسليتان، تشبه عينا عهد كثيرًا ولكنه كثيف الرموش، احتدت نظراته لها وهو يقترب قائلًا: بقا اخوكي فاكر اني هاسيبه كدا يتهنى بعهد، دا هايتمنى الموت ومش هيلاقيه.
   سيطر عليها غضبها وهي توجه اصبعها السبابة في وجهه وتقول: اسمع يا جدع انت متجبش سيرة اخويا على لسانك، على الأقل هو مخطفهاش زي مانت عملت، جتك داهية.
   غضب وهو يقترب ويقول: لمي لسانك بدل ما ترجعي لأخوكي جثة واديني حذرتك عشان كلمة كمان وهاتشوفي معاملة مش هاتعجبك.
   نظرت له ببرود ثم توجهت الى الركن الذي كانت تجلس به قبل ان تفتح عيناها، جلست ونظرت له ببرود وقالت بابتسامة ساخرة: يلا روح اتصل بيه وقوله اختك عندي والاسطوانة الحمضانة دي، الخطف مبقاش زي زمان وربنا.
   نظر لها بغضب ثم توجه الى الخارج قائلًا: يارب اصبر عليها ومقتلهاش، انا ناقص بلاوي.
   كانت فيروز بالداخل، تخاف بداخلها ان فعل لها شيء، هي تدعي القوة لا اكثر، نظرت حولها فوجدت غرفة خالية إلا من مقعدين، نظرت لأثر ذلك المتعجرف وقالت بهمس: روح يا شيخ إللهي تتقلب على بوزك دا.
  ***
  بحث احمد عنها عند صديقاتها واتصل بأصدقائها الذين لا يعرفهم بينما تحاول عهد تهدئة نعمة التي تبكي باستمرار وتدعو الله ان ترجع ابنتها اليها بلا أذى.
  - طب متعرفش ياعم امام هي راحت فين بعد كدا؟
  سألها احمد بأمل الى صاحب متجر الأطعمة ليجيبه بقلة حيلة: والله يابني هي اشترت الفطار ومشيت لأخر الشارع.
  ابتلع غصة في حلقه ثم قال: طيب، شكرًا ياعم امام.
  شكره امام ثم رحل احمد وحسن يمشي الى جواره يقول: طب ماتيجي نشوف كدا يمكن فيه محلات اخر الشارع دا، انت مش عارف منطقتك يعني؟
  كانت حالته غير مستقرة، لا يعي اي شيء ولا يفكر بشيء سوى بأمر واحد، انه قد فقد فيروز، فقد شقيقته الذي اوصاه بها والده خيرًا.
  افاق على هزة من صديقه، نظر له ثم هم ان يتكلم ولكنه وجد هاتفه يهتز، رأى رقم غريب يتصل به، فأجاب..
  💙🎼
  دخل الى غرفتها بعدما القى تعليمات الى صديقه الذي احضرها، وجدها نائمة تستند برأسها على ركبتيها وتضمهما بيديها، اغلق الباب ورائه لتنتفض واقفة، صرخت به بغضب: انت عبيط! ازاي ترزع الباب كداا، وبعدين انت اي اللي جابك؟ مش هاتسيبني هنا لغاية ما احمد يجيبلك عهد؟ مش خايف اخبطك على راسك واهرب؟
  ابتسم بسخرية ثم ذهب كي يجلس على كرسيه، جلس عليه ولكنه سرعان ما سقط في المنتصف، كأنه قد جلس على الهواء، ضحكت فيروز بشدة وهي تشاهدة وهو عالق بمنتصف الكرسي، صرخ بها: عملتي اي في الكرسي؟ انطقي.
  توقفت عن الضحك بصعوبة بعدما قام من على الكرسي لتقول وهي تخرج قطعة خشب مستطيلة الشكل وطويلة: شيلتها، عندك مانع؟
  قام ثم توجه إليها، امسك معصمها بقوة وصرخ بها بصوت هادر: انتي هناا مخطوفة، عارفة يعني اي مخطوفة؟ يعني تقعدي زيك زي الحيطة دي.
  كان يتنفس بسرعة وهو ينظر لها بعدما افرغ بها غضبه، لاحظ تجمع الدموع في عينيها فقال بسخرية وهو يلقيها بعيدًا: عيطي عيطي، بكرا هاتعيطي بدل الدموع دم على اللي هايحصل للمحروس اخوكي.
  انتهى من كلامه ليتذكر سبب مجيئه الى هنا، اعطاها الهاتف ثم قال بنبرة حادة: اكتبي رقمه.
  كتبت رقمه وهي تحاول عدم البكاء، اخذه منها بقوة لينتظر عدة دقائق قبل ان يأتيه صوت احمد يقول: السلام عليكم.
  رد باسم ساخرًا: وعليكوا.
  - مين معايا؟
  سأل احمد ليتكأ باسم على الحائط خلفه ويقول: كابوسك.
  ظهرت علامات الاستفهام على ملامح احمد ليكمل باسم: انا اللي هاعرفك ازاي تاخد مني حاجة بتاعتي.
  رد احمد بانفعال: اولًا عهد مش بتاعتك عشان اخدها، ثانيًا عهد اللي انت بتقول عليها بتاعتك دي تبقى مراتي! احترم نفسك وابعد عننا بقا وكفاية لحد كدا.
  ضحك باسم بسخرية وقال وهو يقترب من فيروز التي تنظر له بعيون تملؤها الدموع: سيبك من الكلام الخايب دا، انا معايا حاجة تخصك وضايعة منك، لو عايزها يبقى تسمعني وانت ساكت.
  تكلم احمد وهو يستوعب ما قاله: انت تقصد اي؟
  - اختك معايا، هي صحيح اسمها اي؟ فيروز صح؟
  صُدم احمد، كانت اخر توقعاته ان يختطفها هذا الغير آدمي بالمرة، تكلم باسم بتسلية: رحت فين، القطة كلت لسانك ولا اي؟
  - فيروز ملهاش دعوة باللي بيني وبينك، اسمع.
  قاطعه باسم: اسمع انت، عهد تيجي تاخد فيروز، مفيش عهد مفيش فيروز والبادي اظلم.
  صمت احمد ليتابع باسم بمكر: وبعدين هي مش فيروز في ٣ ثانوي، هابقى اذاكرلها وهي قاعدة معايا، انا برضه شاطر في الكيميا.
  ضحك بتسلية واستفزاز ثم اغلق المكالمة واغلق الهاتف تحت أعينها، تكلمت بصوت غاضب: انت اي، شيطان؟ انت اللي زيك ميستحقوش كلمة راجل حتى.
  قاطعتها صفعة مدوية على وجهها، صرخت وهي تقع ارضًا ليجلس بمستواها ويجذبها من كتفها قائلًا بغضب جامح: انا راجل غصب عن الكل، ومش عيلة زيك اللي تقف في وشي وتقول البوء دا.
  نظر لها من بدايتها الى نهايتها متفحصًا وهو يقول: قال يعني اخوكي انتي اللي راجل اوي.
  تركها ثم قام وذهب من الغرفة، بل من المنزل بأكمله.
  ***
  رجع احمد الى المنزل، استقبلته عهد الباكية وهي تقول بلهفة: عرفت حاجة يا احمد؟
  نظر حوله وهو يقول بصوت مختنق: ماما فين؟
  اجابته: نامت، انا قولتلها انها ممكن تكون عند صحبتها او عند.
  قاطعها وهو ينظر لها بألم ودموع تكونت بعينه: باسم خطفها.
  توقفت عن الحديث ثم اقتربت منه وصدمتها تعتلي ملامحها، قالت بخفوت وهي تضع يدها على كتفه: بباااسم!!
  امتلئت عيناها بالدموع وهي تهز رأسها نافية، تكلم احمد ودموعه تنهمر بصمت: انتي السبب.
  تركها ثم دخل الى غرفته، ظلت عهد تبكي وهي تشعر انها عبءًا كبيرًا عليهم، دخلت إليه فوجدته يبكي كالطفل، لم تكن شقيقته، كانت ابنته التي لم ينجبها، ابنته التي رباها منذ ان كانت في المدرسة الإعدادية، لم تكن شقيقته قط، بل كانت قطعة منه، جزءًا من قلبه..
  ذهبت إليه ثم جلست امامه تجفف دموعها ثم تعاود الانهمار على وجنتيها ثانيةً، وضعت يدها على يده ثم قالت بدموع: انا أسفة..كل اللي بيحصل دا بسببي.
  صمتت عندما نظر لها بعينان حمراواتان من البكاء، اكملت وهي تنظر الى يده: هو اكيد باسم عايزني اروح وبعدها يسيب فيروز..اانا هاروحله.
  قاطعها عندما عانقها بقوة، ضمته إليها وهي تعتذر مرارًا وتكرارًا، بينما هو يبكي نادمًا عن ما قاله لها.
ابتعد عنها قليلًا وعيناه تذرف دمعًا يؤلم من يراه، وضع يداه على رأسها من الجانبين ثم قال وهو ينظر لها: انا اسف يا عهد، انتي مش السبب في اي حاجة، انا بس مش مصدق ان فيروز بعدت عني، فيروز دي بنتي قبل ما تكون اختي يا عهد، انا اسف اني قولت كدا بس انا ضايع خالص ومش عارف افكر، متزعليش مني حقك عليا.
  ابتسمت بألم وهزت رأسها، ليقترب ويقبل جبهتها ثم يحاول الأتصال بباسم.
  ***
  - اي ياعم، واحشني والله بقالك كتير مجتليش العيادة.
  قالها صديقه بابتسامة لطيفة، ابتسم له ثم قال: معلش يا زين انت عارف الشغل بقا وكدا، انت عامل اي.
  امتعض وجه زين وهو يقول: انت لسة في السكة الزفت دي، عملت اي صح مع عهد والواد اللي معاها.
  اجابه بلامبالاة: اتجوزها، وحاليًا خاطف اخته.
  - يا بني حرام كدا، اي اللي جرالك يا باسم، بتعمل نفس اللي اتعمل في تالين ليه؟ انت كدا بتعيد اللي عملوه فيها.
  ضرب باسم الطاولة بغضب قائلًا: انا عمري ما اعمل كدا وانت عارف، بس هايفيد بأي، ماهي راحت خلاص، وانا السبب.
  #عهد
  #الكاتبة_رحمة_عبدالله
اتمنالكوا قراءة ممتعة💙

"عهد"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن