الفصل ال 27

144 5 0
                                    

ممكن تدعولي دعوة حلوة؟ 💙
رواية "عهد"
  الفصل ٢٧
  الكاتبة / رحمة عبدالله
  نظرت الى الأرض وهي تقول بأسف: انا أسفة معرفش ان حضرتك موجود هنا.
  - ايوة يعني لو كنتي عارفة اني موجود كنتي هاتكملي شتيمة عادي؟
  كادت ان تتكلم ليقول الى فيروز مقاطعًا إياها : اتفضلي يا أنسة فيروز عشان محاضراتكم، وبعدين خدي الكارت بتاعي وخلي رقمي معاكي ولما تعوزيني اتصلي بيا هابقى موجود إن شاء الله.
  تبسمت فيروز ثم خرجت وهي تقول لمريم التي تهم على المغادرة: يلا يا مريم عشان نروح.
  اعترض طريقها وهو يقول ويعدل من نظارته: بقا بالذمة انا مفييش حاجة تدل على اني زين؟ مانا كلي زين اهو.
  رفعت حاجبيها بدهشة منه ومن مرحه ثم قالت: كلك زين ازاي بقا بكعب الكوبايات اللي انت لابسها دي؟ عارف بتفكرني بستي الله يرحمها كانت زيك كدا.
  - اطلعي برا.
  قالها بعصبية مصطنعة حتى فرت هاربة من امامه بعدما شعرت بجديته، ابتسم عليها ثم قال بصوت خفيض: اه صحيح، هي البت دي تقربلهم اي؟ مش مهم هابقى اسأل فيروز.
  على صعيد آخر كانت فيروز تمشي وخلفها مريم تسرع إليها، تبتسم وكأن حظها وأخيرًا حالفها لتجد العالم يضحك لها، حسنًا عليها ان تفكر جيدًا في خطواتها القادمة و..
  - ياستي استني انتي مالك ماشية بسرعة كدا لي؟
  قاطعت أفكارها السعيدة تلك البلهاء، وقفت لتقول مريم وهي تسير نحوها: اي كل دا عشان بس عرفتي اخباره؟ امال لو جه يخطبك هاتعملي فينا اي!
  ابتسمت فيروز بسعادة وانتشاء لتقول: بقولك اي، تيجي نكنسل محاضرات النهاردة ونروح البيت نهييص شوية؟
  ابتسمت مريم على الفور وقالت: على وضعك يا زمالة يلا بينا.
  ضحكت الفتاتان قبل ان يركبا سيارة تقلهما الى البيت.
  ***
  - امسكي يا ماما ياسين عقبال ما احضر الغدا، اصل احمد قالي هايجي يتغدا معانا.
  اخذته منها نعمة وهي تسمي الله، ابتسم الصغير بعيناه الصفراوتان التي ورثها عن امه لتضحك نعمة فيضحك اكثر وهي تداعبه، رن جرس الشقة لتقوم نعمة وهي تحمل ياسين الصغير وتفتح الباب.
دلف احمد وقبّل ولده ورحب بأمه، تكلم  وهو يجول بعينيه في الأرجاء: امال فيروز وعهد فين؟
ابتسمت امه وهي تقول: فيروز راحت الجامعة ولسة مجاتش، وعهد موجودة حوا في المطبخ يا حبيبي.
ابتسم لها لتذهب الى غرفته كي تهدهد الصغير قليلًا وهي تسير، تقدم احمد من المطبخ، وجدها تقف بجانب المشعل تراقب الطعام، دنا منها ووقف خلفها ثم لف يداه حول خصرها وهو يقول هامسًا: حبيبي واقف لوحده بيعمل اي؟
امسكت بيداه التي تحاوطها بحب وهي تضمها إليه وقالت: بعملك الغدا يا حبيبي.
تنفس بأنفاس حارة تداعب عنقها بلطف وقال وهو يبتعد قليلًا: طب عايزة اي مساعدات، انا شاطر اوي خلي بالك في الحاجات دي.
ربتت على كتفه وقالت بسخرية: والرز المحروق يشهدلك يا حبيبي، فاكره ولا افكرك بيه؟
حمحم وهو يقول: احم، يا ماما انا عايزك في موضوع مهم، عن اذنك يا حبيبتي ماما بتنادي.
خرج وسط ضحكها عليه، شردت قليلًا وقد تذكرت عندما كانت مرهقة من حملها بابنهما الأول في شهرها السابع، وقد عاد احمد من عمله فوجدها متعبة فأصر على ان يطهو هو الطعام، وياليته ما فعل..فقد تصفح بعض المواقع لمعرفة كيفية طهي الأرز والفاصولياء وقد نسي تمامًا امر الأرز بالماء الذي وضعه على المشعل، وقد انقلب من أرز ابيض الى أرز اسود من الفحم.
افاقها رائحة شيء ما يحترق، ركضت الى المشعل فوجدت المعكرونة قد احترقت بالفعل، امسكت برأسها وقد شعرت بالدوار من رائحتها ثم وجدته يدخل المطبخ ومن خلفه امه تسرع الى الموقد كي تطفئه، بينما هو حملها و ذهب بها الى غرفة فيروز، وضعها على السرير ثم مسح على وجهها بالقليل من الماء وهو يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.. بسم الله الرحمن الرحيم.
وضع يده على وجنتها وقال بلطف وقلق: الدوخة راحت؟
هزت رأسها وقالت: اه راحت شوية.
سكت قليلًا وهو يمسد على شعرها بحنان وينظر لها، قال وهو يرسم الجدية على ملامحه: انا للأسف هاطلب أكل من برا بس مش لأجلك، لأجل فرحتي فيكي عشان كنتي لسة بتذليني بالرز المحروق يا ام مكرونة محروقة، وربنا لاقول لفيروز عشان كدا يبقى تعادل.
نظرت له ثواني ثم شرعت في الضحك بقوة جعلته يشاركها الضحك حتى ادمعت عيناه.
***
- بت يا فيروز؟
- اممم
لوحت مريم بيدها وقالت: شامة اللي انا شاماه؟ دي ريحة حاجة محروقة.
اشتمت فيروز وهي تقول بتعجب: لا ماهو مش معقول طنط فتحية اللي تحتينا جات البيت وطبخت وحرقت الأكل مثلًا، دا اكيد حد.
صمتت وحدقت بمريم بصدمة ثم صعدت بسرعة وهي تقول: يلاهوي يلاهوي دا احمد اكيد.
صعدتا الفتاتان ثم طرقت فيروز على الباب لتفتح لها امها فقالت بلهفة: الحريقة دي من عندنا صح؟
ابتسمت نعمة بسخرية وهزت رأسها موافقة لتدخل فيروز ومن ورائها مريم تقول: اكيد احمد هو اللي عملها زي قبل كدا برضه، انا قولتلكوا الرجالة مكانها في الشغل مسمعتوش الكلام.
جلسا الفتاتان لتقول نعمة وهي تضحك: لا يختي دي عهد اللي حرقت المكرونة، ظالمين الواد.
نظرت الفتاتان الى بعضهما قبل ان تنفجرا في الضحك.
في الداخل كان احمد يضحك بعدها سمع حديث والدته مع اخته ومريم وعهد تنظر له بغيظ، قالت: ممكن تبطل ضحك بقاا؟
توقف عن الضحك وقال: الا قوليلي بقا كنتي سرحانة في اي لما اتحرقت؟
- فيك، واول واخر مرة اسرح فيك، شوفت اما بفكر فيك بيجيلي مصايب.
قاطعتهما نعمة عندما دلفت تقول: يلا يا احمد الأكل جه يا حبيبي.
***
- لا بس قولي اي الحلاوة دي، انت فكست من فيروز ورايح لواحدة جديدة ولا اي؟
مال عليه مازن يقول بغضب هادئ: كلمة كمان يا زين ومش هاتعرف تتكلم بعدها خالص لا عن فيروز ولا عن حد تاني، نحترم نفسنا بقا ولا اي رأيك؟
ابتسم زين بمجاملة وهو يبتعد قائلًا: يا راجل كنت بهزر يلاهوي عليك.
تحرك مازن ثم غادر الشقة كليًا وهو يتمنى ان يراها كما اعتاد، تقف غالبًا في الشرفة بحجابها العشوائي ترتشف مشروبًا دافئًا عسى ان يدفئها في هذا الجو الشتوي الليلي، عادةً ما تذاكر..يجلس لساعات وهو يراها هكذا من تلك الشقة البعيدة الى حدٍ ما، اشتراها هنا خصيصًا كي يراها.
ابتلع ريقه وهو ينظر من خلف الزجاج فيراها تقف وتضحك وهي تتكلم في الهاتف وتنظر الى جارتها التي تمكث فوقها، حسنًا ها هو يعترف امام نفسه مجددًا بأنها سكنت جزءًا كبيرًا منه، من كيانه الذي يهتز بنظرتها الحماسية والتي تشبه نظرات الأطفال عندما يفرحون..يفكر كيف سيشعر إذا رفضته! اذا رفضت حبه لها، يفضل الموت عن الأستماع لرفضها، يخفق قلبه بخوف من تلك اللحظة.
نفض تلك الأفكار عندما وجدها تنظر نحوه!
لم ينتبه انه يقف في الشرفة بلا زجاج يحجب رؤيتها له، استدار مسرعًا ودخل وهو يشعر انه قد كُشف.
وحشتوني💙
#عهد
#الكاتبة_رحمة_عبدالله
رأيكوا💙

"عهد"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن