اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رواية "عهد"
الكاتبة/ رحمة عبدالله
الفصل ١١
نظرت الى الخلف حتى تتبين ملامحه ولكن سرعة السيارة كانت حاجزًا، دق قلبها بخوف من ان يكون قد رآها، لمحها احمد وهي شاردة تنظر الى الطريق.
- هاتفضلي سرحانة كدا كتير؟
انتبهت على صوته، وجدته ينظر لها بحيرة فابتلعت ريقها ليقول: مالك يا عهد، انا ملاحظ انك اتخضيتي كدا فجأة زي ما يكون شوفتي حد، في حاجة؟
هزت رأسها نافية ليتابع احمد السير بينما تعود عهد مرة أخرى الى شرودها.
-طب اي هانفضل ف العربية؟ انا عن نفسي معنديش مانع.
قالها احمد مازحًا بعدما وصلوا الى وجهتهم، نظرت عهد حولها بعدما افاقها احمد من شرودها الذي استغرق الطريق كله.
قاطع نظراتها احمد يقول: فيروز نزلت، احنا وصلنا بقالنا دقيقتين كدا وانتي مش معانا خالص، انتي كويسة؟
اومأت برأسها وقالت بنبرة مرتجفة: كويسة.
امسك يديها وقال: امال كنتي سرحانة في اي؟
توترت اكثر من امساكه ليدها فقال وهو يضغط على يدها برفق: عهد لو فيه حاجة مش طبيعية شوفتيها قوليلي، دا ممكن يكون خطر عليكي.
ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن تهتف بصوت هامس: بااسم.
نظر بعيناها وهو يحثها على الإكمال، قالت: ش شوفته واحنا جايين.
ضغط على يدها مجددًا وقال مطمئنًا إياها: متخفيش، احنا هانقعد نص ساعة كدا وهانمشي تاني..خليكي عارفة اني معاكي.
هزت رأسها بمعنى نعم، تكلم مازحًا: طب يلا ننزل بقا احسن ما نلاقي فيروز ناطالنا دلوقتي.
ابتسمت بهدوء وسحبت يدها بحرج ثم نزلت من السيارة، بينما تنهد احمد وهو يراها تمشي الى مكان فيروز، سيقنعها بالزواج اليوم..لا يستطيع الأنتظار اكثر، خوفه عليها يزداد كل لحظة.
ذهب إليهما، وقف وهو يشاهد مياه النيل تتراقص مع نسمات الهواء في تناغم يشرح النفس، إنه لأمر ساحر أن تقف فوق النيل مباشرةً وتشاهد شريان الوطن يجري من تحتك، ستغرق..حنمًا ستغرق عينيك ان نظرت.
كانت تقف سعيدة بمشهد المياه الساحر وسط بعض الأضواء الملونة وصخب إحدى المراكب الصغيرة التي يُقام فيها عرسًا، تتصاعد إليهم اغنية الراحلة "وردة" من جانبهم، حيث يقف رجل في بداية الستينات يبيع مشروبات ساخنة.
°بتونس بيك وانت معايا..بتونس بيك وبلاقي في قُربك دنيايا°
تداعب نسمات الهواء وجهها وهي تضحك وتلوح بيدها في الهواء مع فيروز التي تضحك هي الأُخرى، يراقبها بشغف طفل، يشعر بروحه ترقص فرحًا من رؤيتها تضحك.
°لما تقرب، انا بتونس بيك، واما بتبعد انا بتونس بيك°
نظر لها وشعر انه يغرق، هي فاتنة بحق!
ذاك اللمعان الساحر الذي قبع للتو في عينيها الذهبيتين، ود لو يحتضنها، تمنى ان تنظر له وتطيل النظر، ماذا إن غرق؟! لا يهم هو يحب الغرق بها.
تستحق ان تعد ضحكتها من عجائب الدنيا السبع، لم يكذب نزار حين قال:
الموج الأزرق في عينيكي يناديني نحو الأعمق!
وانا ما عندي تجربةٌ في الحبِ ولا عندي زورق..إني أغرق، إني أغرق!
أغفل عن نداء أخته ليفيق على ضربة على كتفه يصاحبها صوتها: يا عيني يا بني دا انت حالتك تصعب على الكافر.
- كنتي عايزة اي اخلصي.
نظرت لعهد وقالت: كنا هانجيب حمص الشام، هانروح نجيبه ونيجي بسرعة.
اجابها وهو يعطيها النقود: لا روحي انتي هاتي وسيبي عهد.
اخذت منه النفود وذهبت بينما ارتبكت عهد من نظراته لها فقال: مالك يا عهد؟ خايفة مني؟
نفت برأسها بخجل وهي تنظر لمياه النيل ليتابع: طب انا عايز اتكلم معاكي في موضوع.
نظرت له بانتباه ليقول مبتسمًا: بصي، انا مش هاضغط عليكي في موضوع الجواز، بس انا خايف عليكي، صدقيني دا عشان مصلحتك، ابن عمك مش ساكت بيدور عليكي، ولو عرف مكان بيتي وانتي مش مراتي هاتحصل مشاكل احنا في غنى عنها.
توترت من كلمته "مراتي" ففركت يديها بخجل وهي تقول: انا بس..يعني الموضوع صعب..
- اتوكلي على الله يا عهد ووافقي..انتي في مقام فيروز واكتر والله، واحنا خايفين عليكي و.
قاطعته: موافقة.
نظر لها غير مصدقًا وقال: انتي بتتكلمي بجد؟! يعني خلاص وافقتي؟!
اومأت برأسها موافقة، خجلة من فرحته ولكنها سعيدة، ود الأخر ان يعانقها ويخبرها مدى سعادته.
قال أخيرًا: طيب ممكن لو مفيهاش غلاسة نكتب الكتاب بكرا؟!
- اللي تشوفه.
قالتها بخجل ليقول وهو يبتسم مع اقترابه منها خطوة: على فكرة شكلك قمر وانتي بتضحكي.
ابتسمت بخجل وقالت: شكرًا.
جائت فيروز بالأكواب الساخنة، مضى الكثير من الوقت وسط ضحكاتهم وحديثهم المليء بالضحك والسخرية بعض الأحيان.
دق هاتفه برقم "حسن" صديقه المقرب، ابتعد بمسافة ليست بالكثيرة واجابه: اي ياعم.
- عم يا جمل جمل يا مقطم.
قاطعه احمد: اقفل وامسح رقمي يمتخلف انت.
ضحك حسن وقال: خلاص بفرفشك الله، متبقاش كئيب.
- لا مانا مفرفش على الأخر.
- خيير احكي احكي.
تنهد وقال: وافقت على الجواز، وهنعيش في تبات ونبات.
- وبتقول عليا متخلف، استنى بس تتجوز وهتلاقي رقمك اتحط في ال Black list.
ضحك احمد وهو يقول: دا انت بتحبني بشكل يخربيت كدا يا راجل.
اكمل: اه صحيح احنا هانكتب الكتاب بكرا، لازم تيجي انت والواد محمد مش هاوصيكوا.
حسن: اي دا هو انتوا مش هاتعملوا فرح ولا هيصة، لا ياعم مش جاي.
- يابني اعقل حبتين متبقاش عيل كدا على طول، حسستي اني بكلم راجل.
- لا محسوبتك سعدية الشغالة، تؤمر بحاجة ياحاج.
- طب سلام دلوقتي.
انهى المكالمة واسرع الى عهد وفيروز المستمتعان بالهواء وقال: يلا بسرعة هانروح.
- طب استنى ها.
قاطعها: يلا يا فيروز، عربيات باسم على الناحية التانية، يلا بسرعة.
توترت عهد وهي ترى ابن عمها امامها على الجانب الأخر ينادي بإسمها ويتطاير الشر من عينيه، همست: احمد.
اسرع إليها احمد وحملها بعدما غشي عليها، وضعها جانب اخته واسرع بهما الى البيت محاولًا التخفي عن سيارات باسم.
وصلا الى المنزل..حملها احمد وصعد بها الى شقتهم وفيروز تصعد امامهم.
#الكاتبة_رحمة_عبدالله
رأيكوا يهمني💙
أنت تقرأ
"عهد"
Romanceضائعة، تائهة، تسير في طريق صخري جعل قلبها ينزف وما مِن مُنقِذٍ..حتى أتى وانتشلها..انتشلها وهو لايعرفها ولكنه القلب، وليس لها على القلب حكم..!