عشرة؛ نصرٌ أم خسَارة؟.

51 22 29
                                    

« إلى أمّي.
كنتِ تَعرفينَ أننِي لَا أصَدقُ شيئًا إلَا إذَا رَأيتهُ، وَ لا أقُوم بشَيءٍ إلَا و أنَا عَلىٰ دِرايةٍ كاملةٍ بهِ.
لكِن.. أعتَقد أنّ النُقطَة الثّانيةَ كَانت دومًا تأتِي مُغايرةً لي، عِندمَا تصلُ للوَاقعِ.

مَن فِي سَاحةِ الحَرب يُقاتلُ ليسَ كمَن يُشاهِدها مِن بعِيد، و مَن يُقاتل فِي خُطوطِ الهُجومِ  فَاتحًا ليسَ كمَن يُقاتل فِي خُطوطِ الدِفاع المستميت.

هَؤلاءِ عَدا عن الحَرس خَلف السَواترِ، كلُّ فِي النّهايةِ لهُ دورٌ مُهم.
أيقنتُ صِحة هَذا الكَلام عندَما وصلنَا لسَاحةِ المعركَة، بينَ رفيقَي ننتَظر أوامِرًا بالهُجُوم.
و قَد حصلنَا عليهَا!.

بدأ إطلَاقُ الرصَاص مَع قُدوم تِلك الدبابَات و الجُنود بينمَا فعلنَا نحنُ كَذلك، أتذكرِينَ تلكَ الأفلَام التّي كُنا نُشاهدهَا عَن الحُروب التّي خاضهَا أجدَادنَا؟.

حسنًا لأصدقكِ القَول قَد عِشتهُ حرفيًا يومَ شَهدنَاهُ، كُل شيءٍ فِي الفِلم حَدث فِي الواقِع، لكِن..
بعدَ أنْ سَقط ذلكَ الشّاب الذّي تَعرفتُ عَليهِ اليَوم فَحسْب، إعتَصرَ قلبِي آلمًا عَليه، ليسَ هوّ وَحدهُ!.

بل عددٌ مِن الجُنود، مِنهم مَن أعرفُه وَ منهُم مَن لَا أعرفُه، كُلهم قَد آسِفتُ عَلىٰ مَوتهم عَلىٰ عَكسِ شَخصياتِ الأفلَام. إنَّ هَذه أرواحٌ حَقيقيَة!.

وَ أخيرًا … تَرائى لِي مَشهدُ تلكَ الرّصاصةِ تَخترقُ جَسد صَديقي ليَتوقفَ الزمنُ بي، و تتَوقف المَعركة بإنتصَارنَا عَليهِم و بخَسارتنَا عَشراتِ الأبطَال.

إنهُ رَفيقِي الذّي قُتل!، بأيّ ذنبٍ نمُوت فِي أعمَارنا هَذه؟ غيرنَا مِن البشرِ الآن يَتزوجُون وَ قَد بَدأو لتوّهم بعَيشِ حَياتهِم، أمّا نَحن؟.
نحنُ لسنَا ببشَر!.

فِي النهايَة إنّها الحَرب..
تعرفُ كيفَ تسلبُنا كلّ شيءٍ، يَصلكُم الخَبر عَلىٰ هَيئةِ إنتصارٍ بينمَا نحنُ هُنا نَخسرُ أبطالًا سَيخلدُ التّاريخُ أسمَائَهم.

- الرِسالةُ العَاشرةُ.»

رصاصة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن