أربعَة عشّر؛ ودَاع.

34 20 14
                                    

« إلىٰ أمّي.
أتعلمينَ ذلكَ الشُعور حينمَا تَشعُرين بعَدم الرَغبةِ فِي فِعل شيءٍ؟ شُعور أنّ لَا أحدَ مَوجودٌ و أنّ لَا شيءَ.. حرفيًا لَا شيءَ مُهمٌ فِي هذهِ الحيَاة!.
هَذا شُعوري الآنَ.

أخرجُونا مِن الزنزَانةِ.. خرجنَا خمسةً مِن الزنزانَة، أينَ البقيَة؟ مِنهم مَن إرتفعت حرارتهُ و مِنهُم مَن أصابتهُ السكتةُ القلبيةُ و الآخرُ إرتفعَ مُعدل السُكر فِي دمه.
ماتُوا فِي الليلتيّن الفائتَتينِ.

مشينَا مُكبلينَ بالسلَاسل خلفَ الحَارس، أجسَادٌ خَاويةٌ تمشِي بجوَاري، أموَاتٌ أحيَاء..

سَألونَا عَن آخِر طلبٍ لَنا فِي هَذه الحَياة.
واحدٌ يطلُب رشفةَ مَاءٍ عذبٍ، الآخرُ طَلب الإتصّال بأهلهِ، الثَالثُ طلبَ طعامًا شهيًا ليُشبع معدتهُ، أمَا الآخيرُ قَال بأنهُ يرغبُ بالركضِ فِي مكانٍ واسِع ليشعُر بتحرُر رُوحهِ و لَو قليلًا!.

أمَا أنا فالشيءُ الوحِيد الذّي خطَر ببالِي هُو الكِتابة.
طلبتُ مِنهُم أوراقًا و أقلامًا فأحضرُوها..
جالسٌ أكتُب لكِ رسائلِي تحتَ مُراقبةِ الحَارِس يا أمي، آسفٌ جدًا لأنّي لَم أبقَىٰ بجِوارِك، آسفٌ لأنِي سأذهَب شهيدًا تاركًا لكِ خلفِي فِي هَذه الدُنيا.

لا تَبكِ يا أمَاه فدمُوعكِ غاليةٌ جدًا.
كُوني بخير، وداعًا.
أحبكِ.

إبنكِ المُخلصُ : مُهند.

- الرِسالةُ الرّابعةَ عشّر.»

رصاصة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن